الجريمة بطنجة وسؤال النجاعة الأمنية
جريدة طنجة – محمد العمراني ( الجريمة )
الخميس 03 غشت 2017 – 11:38:56
قبل أيام قليلة وصل الجرأة ببعض ممتهني الإجرام حد اقتحام محل تجاري ببني مكادة وإرغام صاحبه على تسليمهم 8000 درهم تحت التهديد بالسلاح، فيما علميات اعتراض المارة، والسرقة بالخطف، والسرقة المقرونة بالاعتداء المسلح عبر مختلف أحياء و شوراع المدينة أصبحت حديث الساكنة، مع تسجيل تباطؤ على مستوى التدخلات الميدانية في التوقيت المناسب.
متتبعون للشأن الأمني بالمدينة ربطوا تزايد العمليات الإجرامية بطنجة خلال الآونة الأخيرة بالنزوح الكبيرة لعدد من محترفي السرقة والنشل مع بداية فصل الصيف، حيث أصبحت طنجة هدفا مفضلا لهم بسبب الإقبال الشديد عليها من طرف السياح المغاربة والأجانب، الذين يفضلون قضاء عطلتهم بها، مما يجعل المدينة تعرف اكتضاضا كبيرا، الأمر الذين يمنح المجرمين مجالا ملائما لتنفيذ عملياتهم الإجرامية، علما أن الوضع الأمني كان دوما أحد الانشغالات الكبرى لساكنة طنجة على مدار السنة.
عامل آخر اعتبره المتتبعون مساعدا لاستفحال الإجرام، يتعلق الأمر بالنقص الكبير على مستوى الموارد البشرية و اللوجستيكية الموضوعة رهن إشارة ولاية أمن المدينة، فعلى سبيل المثال طنجة المليونية يسهر على حماية أمنها 2000 شرطي بمختف المصالح الأمنية، وباحتساب توزيع هذا العدد على 24 ساعة، فإن رجال الأمن الذين يشتغلون فعليا في الميدان كل ثمان ساعات لا يتجاوز 800 شرطي، كما أن مدينة طنجة المترامية الأطراف موزعة على 11 دائرة أمنية، في حين أن مدينة الدار البيضاء تتوفر على 23 دائرة وفاس 20، الأمر الذي يكشف الخصاص الكبير على مستوى التغطية الأمنية لتراب مدينة طنجة.
وإذا كان النقص الكبير على مستوى الموارد البشرية و اللوجستيكية يمكن اعتباره مبررا جزئيا لارتفاع وثيرة الإجرام بطنجة، فإن سؤال النجاعة الأمنية، وحسن تدبير واستغلال الموارد المتاحة يطرح نفسه بحدة، ذلك أن الفرق بين مسؤول أمني وآخر يكمن في مدى قدرته على رسم الاستراتيجية الأمنية الملائمة لخصوصية النفوذ الترابي الذي يشرف عليه، وأيضا في قدرته على التوظيف الأمثل للموارد البشرية و اللوجستيكية الموضوعة رهن إشارته، ووضع سلم للأولويات والأهداف التي يجب الاشتغال عليها تفاديا لتشتيت الجهود، ما ينعكس سلبا على المردودية.
لا يخفى على أحد أن مدينة طنجة لها خصوصية لا تغيب عن بال أي مسؤول أمني، باعتبارها بوابة المغرب نحو أوربا، وأيضا لما تعرفه من دينامية اقتصادية متسارعة، حيث أصبحت قبلة لرؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، ما يجعلها منطقة مفضلة للعصابات المتخصصة في الجريمة المنظمة، والتي تنشط في مجال التهريب الدولي والهجرة السرية والتزوير، ناهيك عن كونها أصبحت مدينة جاذبة لموجات الهجرة الداخلية، بما تحمله معها من مشاكل وظواهر تنعكس بشكل مباشر على الوضع الأمني بها.
كل هاته التحديات تضع مسؤوليات جسام على المسؤول المكلف بتدبير شأنها الأمني، بما تتطلبه من حنكة ومهنية وجرأة وبعد نظر. ..