رخص رخيصة يمنحها أناس لا يعرفون من أخلاق السلطة و خدمة المواطن إلا الإسم فقط.
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( أعراس طنجة )
الخميس 03 غشت 2017 – 12:03:05
وإذا كانت حفلات التَخَـرُج أو أعياد الميلاد تقتصر على سهرة واحدة أو أمسية واحدة، فإن الأعراس في المغرب تظل أياما من الإحتفالات، زغاريد النسوة في النهار ومكبرات الصوت في الليل، حيث تقيم العروس ليلة الحناء والتي كانت سابقا حفلة تحني خلالها العروس يديها بحضور قريباتها وصديقاتها، إلا أن هذه العادة بدأت تندثر في السنوات الأخيرة، كل هذه الفصول تبدأ على وقع الموسيقى الصاخبة وزغاريد النساء وصياح الأطفال، إنه فصل من الفرح والضجيج.
وفي يوم الزفاف يقوم العريس بتجهيز سيارة الزفاف وتزيينها بالورود، ويقيم أهل العريس وليمة غداء للمدعوين إلى حفل الزواج ظهر هذا اليوم، ومن ثم تقوم مجموعة من الشباب من أصدقاء وأقارب العريس بزفه على أنغام الأغاني الفلكلوريّة والرقصات الخاصة بهذا التقليد.
وبعد الإنتهاء من ذلك يخرج المدعوون بسياراتهم في موكب تتقدمه السيارة المزينة التي جهّزها العريس ويذهبون إلى بيت العروس لاصطحابها إلى خيمة في زنقة العريس، صالة أو قاعة الإحتفال أو خيمة منصوبة وسط المكان، وعند وصولهم إلى الموقع، يُزف العروسان بأغان تقليدية وبالرقص على أغاني مطربين يراها من ليس له شأن بالعرس بأنها نشاز مثير للغضب.
وعلى الرغم من أن أغلب المغاربة أصبحوا يقيمون حفلة العرس في قاعات مخصصة للأفراح، فإن البعض منهم يختار أن يقيمها في بيته إما اختيارا وإما لضيق ذات اليد، خاصة وأن العرس المغربي أصبح يكلف أموالا طائلة.
يرى أغلب المواطنين أن من حق أي مغربي أن يفرح بعرسه، لكن بشرط عدم إلحاق الأذى أو الضرر أو الإزعاج بالآخرين امتثالا للقانون والأخلاق، مشيرين إلى أن بعض الشوارع خلال هذه الفعاليات تصبح مغلقة في وجه أيّ حالة طارئة أو مستعجلة، الأمر الذي يفرض إقامة مثل هذه الحفلات في أماكن أو ساحات مخصصة لهذه الغاية، لأنه ليس من حق أصحاب العرس إغلاق شارع أو إزعاج المجاورين حتى ساعة متأخرة من الليل.تقول الشابة منال طالبة جامعية، إنها تتمنى الفرحة لكل عروسين يلتقيان لتكوين أسرة متمنية لهما السعادة والبنين، لكن ظاهرة مكبرات الصوت وإطلاق أغاني الفرح الصاخبة قبيل العرس بأيام، ومصاحبتها بالموسيقى الهمجية أحيانا حتى أوقات متأخرة من الليل، تعد ظاهرة سيئة بكل المقاييس نتيجة الإزعاج الذي تتسبب فيه للجيران.
ويكثر الإزعاج في البنايات العمودية التي تسكنها أكثر من عائلة لا تربط بينهم علاقة القربى، فأحمد الذي يحتفل بزواجه يستدعي كل أفراد العائلة الموسعة في شقة صغيرة ليسهروا على أنغام الأغاني التي قد لا تروق لعمرالذي يحاول أن ينام جاهدا، لأنه مطالب بالقيام مبكرا للإلتحاق بعمله.
ويشتكي عدد من المواطنين في المناطق الشعبية من الإزعاج التي تسببه أعراس الشوارع، ويرى أمين الذي يشتغل في محل تجارة من الصباح حتى آخر النهار، أن ظاهرة نصب خيام في الأحياء السكنية وسدّ طرقات الأحياء تشكل مصدر إزعاج للآخرين، في حين تشهد المدن المغربية تزايد قاعات الأفراح التي تغني عن الإستعانة بالخيام، فوجود صالات الأفراح خيار متاح ومتوفر يغني عن إغلاق أو سدّ الطرقات الداخلية التي باتت إحدى أهم المضار التي تسببها خيم الأعراس في الأحياء السكنية.
يقول نبيل الذي يشتغل سائق تاكسي في طنجة، إنه اضطر إلى تغيير مسار رحلته مسافة طويلة بعد أن فوجئ بإغلاق الشارع الرئيسي المؤدي إلى أحد الأحياء لإيصال أحد زبائنه من كبار السن، مضيفا أنه اضطر إلى سلك ممرات ضيقة ومتعرجة وغير منارة للخروج مما هو فيه، داعيا الجهات المسؤولة إلى وضع حد لهذه الظاهرة السلبية التي بدأت تنتشر بكثرة في العديد من المناطق.
تشكل مكبرات الصوت خلال الأفراح في طنجة ظاهرة تؤرق الطلبة الذين يراجعون دروسهم والمرضى المحتاجين للسكينة والعاملين الباحثين عن قسط من الراحة، وأشار إلى أن بعض أصحاب الأفراح يقومون بنصب الخيم في عرض الشوارع والممرات المخصصة لسير السيارات والمشاة وربط حبال الزينة ومكبرات الصوت على شبكات الأعمدة الكهربائية والهاتفية غير آبهين بما يسببونه من أضرار وأعطال وإزعاج للمرضى والأطفال طيلة فترة احتفالاتهم، و أكد أن الشارع ملك عام ولا يحق لأي شخص إغلاقه أو تعطيل حياة الناس مهما كانت الأسباب والإعتبارات.
أحد السكان المجاورين لنبيل يقول، إن إقامة الحفلات في الشارع العام تجبر المواطنين على ركن سياراتهم بعيدا عن منازلهم لأن الخيم المنصوبة تعيق أو تمنع حركة المركبات، مشيرا في الوقت نفسه إلى الإزعاج الذي تسببه الأغاني عبر مكبرات الصوت للطلبة العاكفين على دراستهم إستعدادا للسنة الدراسية او لامتحانات إستدراكية، وكذلك لكبار السن والمرضى والأطفال.
وأضاف، أن التعدي على حق الشخص وخصوصيته يخلق أجواء متوترة وضغطا نفسيا من الممكن أن يؤدي إلى مشاجرات عنيفة ومتلاحقة مع الجيران، لذا ينبغي التفكير مليا في أي تصرف وهل سيؤثر على الجيران، والتفكير في كيفية جعل الحياة بين المتساكنين أكثر راحة وتعاونا.
وأوضح عدد من كبار السن أن الأفراح في الماضي كانت تبعث البهجة والسرور في النفوس والقلوب لاقتصارها على إقامة السمر والغناء والأهازيج الشعبية دون استخدام لمكبرات الصوت التي تزعج المرضى والأطفال وتلحق الأذى بالآخرين.
ويقول الأخصائيون الإجتماعيون، إن التعبير عن الفرحة والبهجة في الأعراس والمناسبات له أساليبه الحضارية والإنسانية بما ينسجم مع مراعاة شعور الآخرين وظروفهم الإجتماعية والنفسية وما يحدث اليوم في هذه المناسبات يشكل ظاهرة غير حضارية فيها اعتداء على حرمة الشوارع التي وجدت في الأصل لخدمة المركبات والمشاة وليست لإقامة الإحتفالات والأعراس والمناسبات الإجتماعية المختلفة.
العريس أنس يبرر وجود مكبرات الصوت التي تصدح بالغناء في أيام العرس بأنها طريقة لإشهار الزواج لأنه ركن أساسي من أركان الزواج وتترتب عليه جميع مظاهر الفرح التي يراها البعض إزعاجا.
وأضاف، أن مكبرات الصوت ليست جديدة على أفراحنا وكل ما في الأمر هي مسألة الوقت الذي ترفع فيه هذه المكبرات، إذ أصبح البعض لا يتحاشى إيقافها حتى في آخر الليل عن قصد أو عن غير قصد، وهذا سلوك يسبب إزعاجا للجيران.
زوجته ريما تقول، يشتكي البعض من أصوات المكبرات، رغم أن هذا من مظاهر الإشهار لا أكثر، والمشكلة الوحيدة من وجهة نظرها تتمثل في عدم احترام خصوصيات الجيران في ساعات متأخرة من الليل، ويمكن علاج هذا السلوك بتعطيل مكبرات الصوت، والإكتفاء بالإحتفال داخل المنزل، وهو أمر ضروري، إلا إذا كان العريس لا يعير حقوق الآخرين أدنى اهتمام.
في المقابل يقول محمد، يجب أن يراعي أصحاب الأعراس ظروف ومشاعر الجيران من حولهم، ويتذكروا أن حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين وأنه يجب الحد من إقامة الحفلات في الشوارع والأزقة والحد من ضجيج مكبرات الصوت، وليفرح الجميع.
ظاهرة أخرى تنتشر في المدن تتمثل في استئجار منازل لإقامة الأعراس وكأنها قاعات أفراح دون رخصة ولا تجهيزات ضرورية.
أمل تقول، ليس من المعقول أن تتحول الشقق إلى ما يشبه قاعات الأفراح وغير مجهزة جيدا بوسائل عزل الصوت، حرام أن يستمر “النشاط و الغيطة” من الساعة الرابعة مساء إلى ما بعد منتصف الليل، وكأنها دوام إداري، هذا كثير لا بد للجهات المسؤولة أن تتخذ الإجراءات اللازمة وتمنع التعدي على حرية الآخرين وراحتهم.
ومن التجاوزات الأخرى وجود قاعات أفراح إلى جانب مستشفيات لتصبح مصدر ضرر وقلق للمرضى بينما يفرح الآخرون.
ويتساءل المواطنون لماذا يتم منح التراخيص لأصحاب قاعات الأعراس لإقامتها وسط البيوت السكنية أو بجانب مستشفيات أو دور عبادة ففي ذلك مصدر إزعاج متكرر للسكان المحيطين بتلك القاعات؟
السؤال الذي يبقى مطروحا و بشدة حول هذه الآفة الغير أخلاقية مع احترامنا لسيدنا العريس و سيدتنا العروسة المحترمة، هو من المسؤول عن هذا الحيف و هذه التجاوزات الخطيرة في زرع الفوضى و قطع الطريق ؟ و هل هناك سلطة عليا يستطيع الشخص المتضرر من فرحة الآخرين، اللجوء إليها لتتدخل بدورها من أجل استخدام “حق الفيتو” لنقض تلك “الرخصة الرخيصة” التي يمنحها أناس لا يعرفون من أخلاق السلطة و خدمة المواطن إلا الإسم فقط؟
هل سيكون تدخّل الفرق الأمنيّة في صيفنا هذا حاسما للقطع مع الأساليب القديمة في قلّة إحترام الآخر ؟ نتمنّى أن تُأخذ جميع الإحتياطات اللازمة لذلك وأن يقع التنبيه على أصحاب المناسبات السعيدة بكلّ صرامة عند تسليمهم رخصة إقامة الحفل لكي نتمتّع بصيف هادئ .