خالد مشبال… هل بعد الفراق لقاء؟!…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( “خالد مشبال” )
الأربعاء 30 غشت 2017 – 12:38:55
• قطعة الخبز المُرّة التي تَنــأى بــالإنسان إلى مسافات شتـَّى…
رحم اللّه الفقيد العزيز خالد مشبال.
أعرف أن الكثيرين سيكتبون عنه… ولكنني ورغم قلة ما سأكتب إلا أن معاشرتي مع خالد بدأت منذ سنوات طوال منذ أن كان يسكن في الطابق الأول من عمارة قرب دار الإذاعة… وتحت العمارة كان بقال معروف، قبل سنوات وكان أطفاله صغاراً كنت أعطي دروسا في اللّغة العربية لابنيه نعمان شافاه اللّه وابنته فرح، ولازلت أذكر أن السيدة الفاضلة أمينة السوسي كانت تأتي على عجله فتتجه إلى المطبخ مباشرة للقلي فهو الأسهل بالنسبة للموظفين، ومرت الأعوام وتلاقيت من جديد مع خالد مشبال رحمه اللّه في داره، كنا ثلة من الأخوة، من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية قبل أن يولد الاتحاد الاشتراكي، كنا نجتمع في مركز الحزب بالسوق الداخلي، وكان الصراع على أشده بين تيار خالد مشبال وتيار المحامي… وقتها انقطع خالد مشبال عن الحضور إلى مقر الحزب وتشرذم الجمع فكنا نجتمع في داره. ومراراً أبدينا له المساندة والدعم وتعرض خالد مشبال بعدها لأبشع صنوف التضييق والتجاهل حتى أنه حينا لا يكاد يجد قوت يومه، هذه الفترة عشتها بكل جوارحي وأحاسيسي، وتوالت الأيام وانقطعنا عن النضال السياسي بعد زيارتي لليبيا ضمن وفد الشبيبة العاملة.
سنة 1975 شهر يوليوز بالضبط للمشاركة في المهرجان الثاني للشباب العربي، وسمعت بعدها أنها فرجت، وأن خالد مشبال فتح مقهى، يسمى مقى الموعد… وبعدها… وبعدها… إلى أن خلق مشروع كتاب شراع هي سلسلة كانت تقتبس روايات وقصص كبار الكتاب لتضمها سلسلة الشراع التي لم يتعد ثمنها العشرة دراهم، وهي خطوات جبارة تحسب للفقيد الذي لا يؤمن بتقاعد الصحافي والأديب والذي ظل حاملا للقلم… ومنتجا للمنتديات والملتقيات منذ كان وإلى أن أصبح في ذمة اللّه…
لم نختلف…ولكن مرجعياتنا كانت مختلفة، ولا أود الغوص في هذا الموضوع مادام أن خالد الكبير أصبح في ذمة اللّه.
كنا أكثر من أصدقاء لولا بعد المشقة… وبعد المسافة… وقطعة الخبز المرة التي تنأى بالإنسان إلى مسافات شتى… وفي جريدة طنجة عندما كنت ملازما في إدارتها… ولي مكتب بها قبل أن تهزمني رياح الشركي العتية… وتطردني من إدارتها رغبات رعناء… التقيت به مراراً فتصافحنا وتذاكرنا… وتركنا الذكريات لفرصة أخرى، فالرجل كان مريضا وبالأحرى يقوى على السير… فودعته وداع الرجل الذي سيلقاه في مقتبل الأيام… وصافحته وقبلته وبمعيته الألمعي الإعلامي محمد قروق صاحب برنامج “ركن المفتي” ولم أكن أدري أنه الوداع وأنه لا لقاء بعد فراق… ورددت نشيد المدرسة عند عطلة الصيف، ومغادرة القسم.
ندى الرحيل بالفراق… هل بعده لقاء؟ وطبعاً لا لقاء إلا في الآخرى… لخالد مشبال الإعلامي الفذ أكثر من حكاية، وأكثر من مداخلة وأكثر من نشاط.
وبيننا الأيام تترى… ورحم اللّه الفقيد العزيز الإعلامي الفذ والمناضل الألد خالد مشبال، تقبل تحياتي أيها الفقيد …. تحيات صديق انطوى يوم ارتفعت… وانزوى يوم تجليت… وآثر السكينة والهدوء على ضجيج النفاق والمداهنة وكلنا إليها.
وإنا لله وإنا إليه راجعون..


















