هل حان الوقت لتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( ربط المسؤولية بالمحاسبة )
الأربعاء 05 يوليوز 2017 – 16:37:00
فأن يطلب ملك البلاد من وزيري الداخلية والمالية، تكليف كل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية و المفتشية العامة للمالية، بالأبحاث والتحريات اللازمة بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتحديد المسؤوليات، ورفع تقرير بهذا الشأن، في أقرب الآجال، فهذا يؤشر بشكل لا لبس فيه أن زمن المحاسبة قد حان وقته، وأن كل مسؤول عليه تحمل نتائج ما اتخذه من قرارات…
لم يعد مقبولا في مغرب اليوم أن يتم الإعلان عن مشاريع تنموية على شاشات التلفزيون، والكشف عن الجدولة الزمنية لتنفيذها، ثم بعد ذلك يسدل الستار عن الكاميرا، وتترك تلك الوعود حبرا على ورق، وبعدها يغادر ذاك المسؤول منصبه غانما سالما، وكأن شيئا لم يقع…
ولذلك كان لا بد من تدخل ملكي حازم، حينما ذكر في ذات المجلس الوزاري بتعليماته “التي سبق أن أعطاها للمسؤولين وللحكومات السابقة، بأن لا يتم تقديم أمام جلالة الملك، إلا المشاريع والاتفاقيات التي تستوفي جميع شروط الإنجاز، سواء في ما يتعلق بتصفية وضعية العقار، أو توفير التمويل، أو القيام بالدراسات، على أن تعطى الانطلاقة الفعلية للأشغال في أجل معقول”.
فالمواطنون من حقهم أن يتساءلوا أن السبب وراء تعثر مشاريع يعطي انطلاقتها الملك على امتداد الوطن..
والنتيجة اتساع الهوة بين الإدارة والمواطن، وفقدان منسوب الثقة في مؤسسات الدولة..
وهنا من حقنا أن نتساءل:
لو كان كل وزير أو مسؤول قام بواجباته ونفذ التزاماته، هل كان المواطنون سيخرجون للتظاهر سواء في الحسيمة أو في باقي مناطق المملكة؟..
بعد هاته الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة، وتعرفها مناطق أخرى بالمملكة، وقاسمها المشترك المطالبة بالحق في التنمية، وتنفيذ من حقنا أن نتساءل حول ما إذا كانت الدولة قد استخلصت العبر و الدروس؟..
كل المؤشرات تؤكد بأن الدولة قد استوعبت أن المرحلة المقبلة تستوجب القطع مع سياسية الإفلات من المحاسبة، وأن أي مسؤول يجب إخضاعه للمساءلة بناء على ما يمارسه من اختصاصات وصلاحيات..
فالملك أمر بإجراء تحقيق في أسباب تأخر مشاريع الحسيمة، ورفع تقرير بشأنها، مما يوحي بأن رؤوس الكثير من المسؤولين قد أينعت وحان قطافها، وفي مقدمتها الوزراء المعنيون بمنارة المتوسط..
وعلى مستوى الإدارة الترابية، التي تلعب دورا محوريا في تنزيل توجهات الدولة على مستوى التنمية الترابية، وأيضا بالنظر لعلاقاتها المباشرة واليومية مع المواطنين، سجل الجميع الخطاب الغير مسبوق لوزير الداخلية خلال تنصيبه لرجال السلطة، حيث بدا لافتا تشديد لفتيت على ضرورة حرص “الإدارة العمومية والإدارة الترابية والهيئات المنتخبة على تمكين المواطنين من قضاء مصالحهم في أحسن الظروف والآجال، والإنصات لحاجياتهم والإجابة على تظلماتهم واقتراح الحلول المناسبة لمشاكلهم والحرص على حسن تنفيذ القوانين التي تمنح الثقة للجميع”.
فالعلاقة التي تجمع المواطن بالإدارة الترابية وصلت مستوى غير مسبوق من سوء الفهم، وكادت الثقة تنعدم بينهما، وذلك بسبب تداعيات الممارسات الغير مقبولة لغالبية رجال السلطة، الذين صار المواطن يتذيل قائمة اهتماماتهم..
مغرب ما بعد دستور 2011 ليس هو مغرب ما قبله…
والمواطنون صارت لهم حساسية مفرطة تجاه مظاهر الفساد الذي ينخر الإدارة المغربية، وتجاه الاغتناء الفاحش لمسؤوليها…
مثلما لم يعد لديهم أي استعداد للتغاضي عن المطالبة بحقهم في العيش الكريم والاستفادة من خيرات الوطن، وإقرر…
والدولة لم يعد لها من خيار سوى إعادة فرض سلطة القانون، وإعمال مبدأ “للي فرط يكرط”..
وهذا هو المفتاح الوحيد فقط أمامها لاستعادة هيبتها وزرع الثقة في مؤسساتها… …