الإدارة المغربية في حاجة لصَعقةٍ كهـرَبـائية ..
الثلاثاء 11 يوليوز 2017 – 15:21:07
و قرار الملك محمد السادس تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب تعثُر تنزيل مشروع “الحسيمة منارة المتوسط“، وعدم احترام الآجال المعلن عنها عند التوقيع على المشروع أمام أنظـار جـــلالته، وتحديد المسؤوليات بشأنها، هو إقرار رسمي بـوُجــود خَلَل ما داخل دواليب الإدارة…
لم يعد خاف على أحد أن جسد الإدارة المغربية صــارَ اليوم مصدرا حقيقيا لتَـغذيـة الاحتقــان الاجتماعي، بل في أغلب الأحيان مفجرا للاحتجـاجـــات الشعبية..
و لن تجد مـواطنـا مغـربيــًا من أقصى هذا الوطن إلى أقصاه يعطي شهادة حُسن السير والسلوك في منظومة الإدارة ببـلادنــا، طبعــًا هناك موظفون شرفاء، يقدرون مسؤولياتهم، ويتحلون بقيم النزاهة، لكن واقع الحال يؤكد أن عقل الإدارة دخل في حالة غيبوبة مزمنة، وباتت في أمس الحاجة لصعقة كهربائية تستعيد بها وعيها…
لقد وصلَ الفساد و اللامسؤولية داخل أوصال الإدارة المغربية حدا غير مقبول، صارت معه البلاد مهددة بسكتة قلبية، ستكون من دون شك نتائجها وتداعياتها لا قدر الله مدمرة..
الفساد وسوء المعاملة و اللامبالاة هو القاسم المشترك بين جميع الإدارات والمرافق التي يرتادها المواطن المغربي (الصحة العمومية، القضاء، الإدارة الترابية،… والقائمة طويلة)…
أحيانا أطرح جملة أسئلة تبدو لي ساذجة، لكني لا أجد لها جوابا شافيا…
ما الذي يجعل مسؤولا عن إدارة معينة يرفض تحمل مسؤولياته في القيام بمراقبة وتتبع المصالح والمرافق التي يشرف على تدبيرها؟..
هل يوجد شبح غير مرئي يهدد أي مسؤول في حياته المهنية وسلامته الجسدية إن هو قرر تطبيق القانون؟..
ما الذي يمنع عاملا أو واليا من تفقد جميع المصالح والإدارات التي تقع ضمن دائرة نفوذه الترابي، عبر زيارات مفاجئة وغير مرتب لها، للاطلاع عن كتب على ما يجري بداخلها، وما يعانيه المواطن مع مسؤوليها؟..
ما الذي يمنع أي مسؤول من فتح مكتبه أمام المواطنين، أو الخروج إليهم للإنصات لهم، واستقبال شكاواهم، وإنصافهم إن لحق ظلم أو تعسف؟…
ما الذي يخيف ويمنع أي مسؤول من تطبيق القانون؟…
إذا كان المسؤولون يتحصنون داخل مكاتبهم المكيفة، وقررا الانفصال عن المواطن، وقطع روابط الاتصال بهم، فإن الجواب الطبيعي من طرف المواطن سيكون هو الخروج للشارع من أجل الاحتجاج والمطالبة بحقوقه..
ولا أفهم شخصيا السبب الذي يجعل المسؤولين يتفاجأون إن قرر المواطنون إسماع صوتهم من قلب الشارع!…
العقل الإداري ببلادنا لم يستوعب بعد أن المواطن المغربي بعد 20 فبراير 2011، ودستور فاتح يوليوز من ذات السنة لم يعد هو مواطن ما قبلهما…
المواطن المغربي لم يعد يقبل بأن يهان من طرف الإدارة…
ولم يعد يقبل أن يخرق القانون أمام عينيه دون محاسبة المتورطين..
ولم يعد يستسيغ مظاهر الاغتناء الفاحش في صفوف المسؤولين دون تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة…
ما المخرج إذن؟
يوم 12 نونبر 1999 قال الملك محمد السادس في خطاب له وجهه لمسؤولي الإدارة الترابية والمنتخبين ما يلي”ونريد في هذه المناسبة أن نعرض لمفهوم جديد لسلطة وما يرتبط بها مبني على رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية وتدبير الشأن المحلي والمحافظة على السلم الاجتماعي. وهي مسؤولية لا يمكن النهوض بها داخل المكاتب الإدارية التي يجب أن تكون مفتوحة في وجه المواطنين ولكن تتطلب احتكاكا مباشرا بهم و ملامسة ميدانية لمشاكلهم في عين المكان وإشراكهم في إيجاد الحلول المناسبة والملائمة..”.
نفس التشخيص ونفس الحلول…
على المسؤولين رعاية المصالح العمومية وتدبير الشأن المحلي والمحافظة على السلم الاجتماعي..
مثلما يتوجب عليهم فتح مكاتبهم في وجه المواطنين، والاحتكاك المباشر بهم و النزول للميدان وإشراك الساكنة في إيجاد الحلول..
وفوق هذا وذاك القطع مع سياسة الإفلات من العقاب، وتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة…
غير هذا سيبقى المستقبل غامضا، بما له من تداعيات يصعب على أي كان توقع نتائجها… .