كلما امتلؤوا قالوا هل من مزيد؟
جريدة طنجة – مصطفى بديع السّوسي ( حصار العرب لبعض .. واستبدال العدو )
الخميس 06 يوليوز 2017 – 12:33:06
• لماذا لا يقـولـون أنّهُم فَشلـوا وخســروا، و أوصلــو البــلاد إلى ما وَصلَت إليه؟
• ويستغفلنا ذووا الشأن فينا سواء كانوا تشريعيين أو تنفيذيين!….
عينة من المسؤولين اعتبروا المسؤولية تشريفـًا وليس تكليفا…وزادت البهرجة والامتيازات في تكريس هذا المفهوم لدى عقلهم الباطن، فــأصبحَت السيّـارة الـفـاخـرة، و الإقـامـة البـاذخَـــة، والخَدَم والحَشَم عُنـــوان الشخصية، فانعدمت المردودية، وانمحى الوعي بالمسؤولية الحقة تجاه الوطن والمواطنين.
لولا هذه الزَلاّت… والمُنــزلقـــات… والانحِطـاط الفكـري… وانعدام الـوعـي السيــاسي… تم تركَ الحبل على الغــارب لطبقـة الانتهــازيين و الوُصـوليين، ومُتسلقي الســلاليم لمــا حَدث في منطقة الــرّيف مـاحدثَ ومــا يحدُث… وبدل فتح سِجل الحساب و العقــاب… ونفض الغيار عن القـــوانين النــائمة في الرفوف والأدارج تظل الأمور على حالها، ويكتفي التلفزيون بلغة الخشب والقصدير… وتعري القنوات الفضائية في العالم عوراتنا… لازلنا مشغولين بسارق الدجـاجـة أما نـاهِبــي الأمـــوال الطائلة، والموزعة على الأبناك والمصارف الخارجية بعيداً عن مراقبة مكتب الصرف فإنهم يقضون إجازاتهم في مصاريف العالم معتمدين على الجنسية الأجنبية إضافة إلى الجنسية المغربية وكلما حسوا بهوب الرياح الهوجاء أو سمعوا صياح الديك في غسق الفجر امتطوا السحاب وغابوا وراء الضباب….
ما عذر الذين تباطَـــؤوا في إخــــراج المشاريع التي أنجزت دراساتها التقنية، ورصدت لها الاعتمادات المالية إلا أن يكون بهم سفه فيطبق عليهم القانون، وأقله خيانة الأمانة… فالتكليف أمانة… والإخلال به خيانة … وخيانة الوطن ليست مقصورة على زمن الحرب، أو لدواع سياسية فالإخلال بواجب التكليف، والعبث بالمال العام هو أيضا خيانة… وقد آن للإنتهازيين الذين يملؤون إدارتنا، ويحتلون المناصب العليا أو يدركون بأن الحساب آت لاريب فيه، وأنهم لن يتمتعوا بماراكموه، وجمعوه ونهبوه، ولعله من اللازم الإشارة إلى المهازل التي يقترفها البرلمان بغرفتيه حين ينفق المال العام بلاحسيب ولا رقيب على كمشة منتخبين لاهم في العير ولا هم في النفير…. وكلما امتلؤوا قالوا هل من مزيد!.. برلمان وصلت به الصفاقة وقلة الحياء أن يشتري هواتف للنواب والمستشارين… ويؤدي عنهم الاشتراكات في اتصالات المغرب… وغدا قد نسمع ونقرأ تشجيعاً للسادة الكرام أن الرئاسة تبرعت واشترت لهم ولبيوتهم أواني الطبخ والثلاجات، وعينت لهم حرساً وجناينية (خدام الحدائق) وزد على ذلك حبا في سواد عيون السادة البرلمانيين وتحفيزا لهم لحضور الجلسات اليتيمة…وما يحدث عندنا لا يحدث في أي برلمان أو مجلس نيابي أو تمثيلي أو منتخب في العالم… نحن إذن طرفة… والمال عندنا فاض عن الحاجة… وأثرياء مجلسي النواب والمستشارين النيام أحق بهذا المال من غيرهم…. أليسوا ممثلين للشعب؟!…
هذا غيضٌ من فَيـض… أمــا الفيض فهو الفساد الذي عَمَّ البر والبحر… وهو الهياكل النخرة التي أكلتها السوسة… فانـزَوَت إلى رُكن المتفـرجـين لائـذة بـالصّمت فهو أريـح للجسَد والعقل، فـالصمت من ذهب خصوصاً عندمـا تختلط الأوراق…. وتتداخل المواقف وينادي الكل بالمبادئ، مع أنه لا مبادئ هنا البتة… ويرفع الفرقاء نفس الشعارات وأكثرهم كانوا ولعهود طويلة مسؤولين وحكوميين وتحت إمرتهم جيش من المناديب، والمدراء، والمتصرفين، والمتعهدين، فلماذا لا يقولونها صراحة؟.. لماذا لا يقولون أنّهُم فَشلـوا؟… وخسروا.. وأوصلوا البلاد إلى ما وصلت إليه وتعيش الآن بصدقات، وقروض، وإملاءات الأبنـــاك الدولية وشروطها… فمسوا قوت الشعب… وهم يـــزحفون على ما تبَقَى من قُدرةِ بَلَغَــت الحَضيـــض ثـم يُلَـوّحـُون بـالدَّعــم المبـاشر للفُقَـراء…
و بإنجاز سابع المستحيلات ثم لا يدور حديث القطب السّمعي البَصَــري الـذي أصيب بـالعَمَش سوى عن الملايير المرصودة للمشاريع… ومناصب الشغل التي ستقضي على البطالة والفقر في المغرب. والمشاريع المهيكلة الكبرى في الحسيمة والريف عموما بحواضره وبواديه!… فأين كنتم وأين كانت الملايير منذ السنوات العجاف؟ وأين كانت أعجاز النخل الخاوية التي كانت تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم؟،،، ثم إذا بهم والزمان ينطوي سريعاً كأنهم هباء تذروه الرياح! ثم إذا بهم يستيقظون مع هبوب الرياح العاصفات.
وكثيرا ما نبه عاهل البلاد على ضرورة العمل… وحث المتخاذلين إلى الاستيقاظ … وكثيراً ما توجت خطاباته الافتتاحية في الدورات البرلمانية بإشارات وتأكيدات تكرس للعمل الجدي المجرد عن الأهواء والغابات، والمنصب في خدمة الوطن والمواطنين.
وكعادته فملك البلاد يحس بهُمــوم مـواطنيه و يـواكـب طُمُـوحـاتهم، وقد عايَنــا كيف تَقدَّم المَغـربُ خطــوات جبّــــارة في ظرف قياسي منذ اعتلاء الملك عرش أسلافه الميامين… وكيف كانت لمساته المباركة تعم كل مدينة أو جهة زارها في المملكة…وعندما يغيب الحساب يتلاشى الإحساس بالمسؤولية حتى أصبح المال العام سائب وملكية خاصة، وغدت السيارات الفارهة وهلم ما جرى من تمام طقوس الأبهة التي لا تكتمل الشخصية إلا بها… وهي ممارسات ما أتى الله بها من سلطان، الغريب أن كبار القوم ممن ركبهم الجهل يورثون هذه الطقوس لأبنائهم ويحشون أدمغتهم بمنطق أنهم الأعلى، وأنهم الأسياد وما دونهم عبيد خلقهم اللّه لخدمة أسيادهم كأرياب فوق الأرض، حتى أصبحت الدنيا على رحبها مرتعا لهم ولشغبهم ولهوهم، فلا حرج عليهم إن صدموا إنسانا ودهسوه تحت عجلات سياراتهم المجنونة… كان على هذا الإنسان أن يُخلي الطريق أمامهم، بل وأن يفرمنهم لو صعدوا إليه على الرصيف… أنهم الموجة الجديدة في العالم المجنون… هم أولاد الفشوش الذين ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب… وفي قصورهم مربيات ومرضعات وبدالات الحافظات فلا وقت للأم أمام هذه الخز عبلات حتى إذا شبوا انتقلوا إلى العالم الآخر للدراسة، وإذا عادوا خلفوا الآباء وتحكموا في الرقاب، وحصلوا على جواز آخر… ورطنوا بلغة أخرى حتى وهم يتحثون إلى وسائل إعلام عربية قحة…. وفي أحسن الأحوال يستعينون بالقاموس الأجنبي… فلاهم عرب بلسان عربي مُبين… ولاهم عجم فنسميهم غرباء.
ويستغفلنا ذوو الشأن فينا سواء كانوا تشريعيين أو تنفيذيين حين يظنون أننا أغبياء، وأننا نصدق كل ما يقال حتى ولو كان من الكذب الصراح، ومن زيف القول الذي ينتهي إلى التراب…