المناظرة الوطنية حول الحسيمة: سوء في التسيير و فوضى في التعاطي مع الوضع
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( سوء التسيير والتعاطي مع أحداث الحسيمة )
الجمعة 30 يونيو 2017 – 16:54:56
تدخلات الحضور دعت إلى رفع مظاهر الحصار الأمني عن إقليم الحسيمة، و اعتبر أستاذ للقانون الدستوري أن الإنتشار الكثيف والقوي لرجال الأمن “يشكل استفزازا للساكنة وترهيبا لها، واتهاما لها بالنزوعات الغنفصالية وبتهديدها لمصلحة الوطن والنظام العام”، وأضاف أنّ “الحصار الأمني “بمثابة تهديد للحقوق والحريات، ولاسيما الحق في التظاهر السلمي والحق في التنقل”.
وأردف المتحدث ذاته، الذي وصف الإعتقالات التي طالت عددا من نشطاء حَراك الريف بـ”العشوائية والتعسفية”،و أنَّ “كثرة الأمن تهدد الأمن، وتهدد الحرية والاستقرار”، لافتا إلى أنَّ الحصار الأمني “يُعتبر اعتداء ماديا يمس بحقوق وحريات مضمونة، يحق المطالبة برفعه أمام قضاء المستعجلات بالمحكمة الإدارية المختصة، كما أنه يكلف خزينة الدولة مبالغ مالية كان يمكن رصدها للإستجابة للمطالب الحقوقية والإقتصادية والإجتماعية للساكنة”.
و في خضم النقاش العشوائي، تعالت الأصوات و عم الضجيج داخل الفضاء الذي احتضن المناظرة الوطنية في شقها الثاني، بعدما طالب الحاضرون بخروج الشيخ محمد الفيزازي من قاعة المناظرة نظرا لمواقفه المعادية للحراك، و قد أعرب شاب ضمن الحضور في مداخلته عن مدى شعوره بالإستفزاز بحضور شخص شيطن الحراك الشعبي و اتهم نشطاءه بالإنفصال و خيانة الوطن، مضيفا أنه كان مستغربا من مواقف الفيزازي “المتغيرة” و الغنفصامية قبل و بعد أن يسجن و يصدر في حقه حكم 30 سنة سجنا -حسب المتدخل-.
و رغم عدم ذكر المتدخل لاسم الشيخ الفيزازي في مداخلته إلا أن هذا الأخير شعر أنه المعني بما جاء على لسان الشاب، ليقف بعد ذلك محاولا أخذ كلمته كحق في الرد، غير أن الحضور فاجأه بالصراخ في وجهه مطالبين إياه بالخروج من القاعة بأصوات تصيح “ارحل ارحل”.
و كان الفيزازي قد أعرب عن مواقفه السلبية من الحراك الشعبي الريفي في مجموعة من الخرجات، متهما النشطاء بالخونة الإنفصاليين و التعامل و التخابر مع جهات أجنبية و كذا الضرب في المقدسات.
مناظرة إلياس العماري لاقت العديد من الملاحظات السلبية، فكرة و تسييرا و خلاصة، و هذا ما جعل حزب العدالة و التنمية يقاطع بشكل مطلق أشغال المناظرة، وأعلن محمد البشير العبدلاوي، المسؤول الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة طنجة -تطوان -الحسيمة، عن مقاطعة الحزب لكافة أطوار المناظرة، حيث أضاف العبدلاوي، في بيان صادر عن الحزب، أن المناظرة التي أعلن عنها إلياس العماري رئيس جهة طنجة- تطوان-الحسيمة بشكل انفرادي ” هي محاولة للتغطية عن الفشل في تدبير شؤون الجهة وباقي الجماعات الترابية بالحسيمة”.
و وصف العبدلاوي هذه المناظرة ب “المعزولة عن سياقها والغير واضحة الخلفيات والأهداف”، كما اعتبرها في الوقت نفسه مجرد “هروب من المأزق السياسي لمنظمها، وتهربا من تحمل المسؤولية السياسية، وتغطية عن الإرتباك في التعاطي مع الوضع في الحسيمة.
و في متم المناظرة الوطنية المنظمة لمناقشة الوضع الراهن في الحسيمة، خلص المشاركون إلى ضرورة اعتماد “مقاربة تنموية جديدة تشرك ساكنة الإقليم في بلورة تصور يستحضر بعد النوع الإجتماعي، ووضع وتنفيذ ومتابعة وتقييم كافة المشاريع الجاري تنفيذها أو المزمع إنجازها بالإقليم والتفعيل المستعجل والجاد لدور مؤسسة الجهة باعتبارها أحد الممثلين، دستوريا، لساكنة الإقليم وتمتيعها بكل الصلاحيات المنصوص عليها قانونا”.
ودعت اللجنة المنظمة للمناظرة، إلى “إلزامية وضع حد للمقاربة الأمنية الصرف، دون المساس بالدور المنوط بالقوى العمومية في مجال الحفاظ على أمن الأشخاص والممتلكات، ونبذ كل أشكال العنف والتهديد والترهيب، إن بكيفية مباشرة أو غير مباشرة”، وإلى “الالتزام، بشكل قطعي، بالحوار الرصين والمسؤول، منهجا وسبيلا، من أجل إيجاد الحلول الناجعة والاستعجالية لكافة المشاكل التي يُعاني منها إقليم الحسيمة”.
من جهة أخرى، أصدرت اللجنة المنظمة للمناظرة الوطنية حول الوضع بإقليم الحسيمة، عدد من التوصيات، أبرزها “إطلاق سراح جميع المعتقلين، وإيقاف المتابعات، وإلغاء مذكرات البحث في حق المبحوث عنهم، ورفع مظاهر الحضور الأمني، وانسحاب القوات العمومية، من أجل عودة الهدوء والطمأنينة، ونزع فتيل التوتر والاحتقان والتصعيد، وصولا إلى استعادة الثقة بن كافة الأطراف؛ وفتح تحقيق قضائي بشأن جميع الانتهاكات التي طالت حقوق الأفراد، بما فيها التعذيب”.
كما أوصت بـ “اعتماد إجراءات استعجالية لفائدة ساكنة إقليم الحسيمة والتوافق على إحداث الآليات الضرورية لتنفيذ البرامج والمشاريع ذات الصلة بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستعجلة”، إلى جانب “العمل على تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بجبر الضرر الجماعي؛ مع التأكيد على المصالحة مع تاريخ الريف والاعتراف به، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك”.
ودَعَـت اللجنة المنظمة إلى “إحداث لجنة للتتبع لتنفيذ توصيات المناظرة تضم في عضويتها ممثلات وممثلين عن جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، عن النشطاء في الاحتجاجات، عن اللجنة التحضيرية لهذه المناظرة، عن وزارة الداخلية، عن وزارة حقوق الإنسان، عن وزارة العدل، عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، مطالبة في الوقت ذاته المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعداد رأي استشاري للنموذج التنموي لمنطقة الريف…