سمية أمغار
جريدة طنجة – سمية أمغار ( الحوامل والخدمات الطبية.. )
الأربعاء 14 يونيو 2017 – 12:05:02
فـواجـع مؤلمة تسجلها الصحافة الوطنية كل يوم، بخصوص النساء الحوامل في معاناتهن مع الصحة العمومية ، حيث تتعدد قصص الحوامل اللائي يضعن حملهن على الأرصفة ، أو بأبواب المستشفيات، أو داخل “جردات” المراكز الصحية أو، في أحسن الأحوال، بمراحيض المستشفيات. وقد يكتب لهن عمر جديد حين تتخلص المرأة من حملها بسلام، وقد تسري عليها مشيئة الله الذي لا راد لقضائه، فتلتحق بزمرة شهيدات الصحة العمومية !
وكلما حوصر الوزير الوردي بوضعية الحوامل ومعاناتهن مع الخدمات الصحية ، انتصر لوزارته، وحمل المسؤولية كل المسؤولية للحوامل أنفسهن، بسبب عدم تتبع حملهن على يد طبيب مختص، طيلة شهور الحمل وعند الوضع، وكأن الوزير يتحدث عن نساء البلدان الإسكندنافية وليس عن نساء بلد فقير كثيرا ما تنقل الحوامل على محامل الأموات لتصل إلى مركز صحي، أو إلى دار البقاء، والحال أن جل الحوامل لا يطمعن إلا في الولوج إلى العناية الصحية ، ولو مرة واحدة خلال الحمل…..
وبالرغم من أن الوزير الوردي يعترف أحيانا بوجود نقص كبير في المؤسسات الصحية وفي الموارد البشرية وفي التجهيزات الطبية، إلا نه يحاول في كل مرة، التنصل من المسؤولية التي يحملها للمواطنين إما لجهلهم أو عدم انضباطهم .
ومع ذلك، فالمواطنون أصدروا، من زمان، حكمهم على الصحة العمومية ، وتقارير المنظمات العالمية المختصة تصنف المغرب في المراتب المتأخرة، فيما يخص الصحة العمومية، إضافة إلى التعليم والرعاية الاجتماعية.
جريدة “الأخبار” نشرت على الصفحة الرابعة من عدد أمس الجمعة، خبرين يحملان الكثير من معاني الألم والحسرة والإشفاق، يتعلق الأول بتوليد حامل أمام مركز صحي بإقليم أزيلال، وباستعمال سكين غير معقم بطبيعة الحال في قطع “السرة” ! أما الخبر الثاني فإنه أكثر إيلاما وحسرة وإشفاقا، إذ يتعلق بوفاة سيدة أثناء الولادة بسيدي يحيى الغرب.
سيدة أزيلال، اضطرت لوضع مولودها أمام المركز الصحي بعد ما لم تتمكن من ولوج المستوصف بدعوى غياب المولدات، ورغم صياحها طلبا للنجدة من أجل إنقاذها وجنينها، فإنه لم تقع الاستجابة لاستعطافها الأمر الذي اضطر من كان برفقتها من الأهل، إلى وضعها بباب المستوصف، وإحاطتها بثوب أبيض لإخفائها عن الأنظار وتدثيرها جيدا لوقايتها من البرد. وتطوعت إحدى النساء لتوليدها بينما سارع رجل من الأسرة لاستحضار سكين من أجل قطع الحبل السري.
حالة هذه السيدة وقع تداولها على المواقع التي وثقت الحدث بالصوت والصورة ، ونظرا لما صاحب لحظات الولادة من ضوضاء وتجمهر، فإن إحدى العاملات بالمستوصف خرجت لتتبين الأمر، ولكن بعد “ما فات الفوت” !
أما سيدة سيدي سليمان فقد وافتها المنية أثناء عملية الولادة بجناح التوليد بالمستشفى المحلي بالمدينة، بعد صولها إلى المستشفى وهي في حالة مخاض متقدم. وبداية، فقد رفض الممرض استقبالها بدعوى غياب الطبيب، ومع إلحاح أهل الحامل، سمح لها بولوج المستعجلات، وبعد ساعة من الزمن، أخبر أهل الحامل بأنها فارقت الحياة، دون تقديم أي سبب للوفاة، ما أثار غضب أهل المتوفاة.
مصادر طبية بالمستشفى كشفت لجريدة “الأخبار” أن السيدة كانت تعاني من ارتفاع حاد على مستوى الضغط وصل حالة التشنج، وهو الوضع الذي كان ينبغي معه إعطاء السيدة أدوية مناسبة قبل توجيهها بشكل مستعجل إلى المستشفى الإدريسي بالقنيطرة. وهو ما لم يتم ، بسبب غياب الدواء بمستشفى المدينة .
وشاع أن تدخلات “صحية” سارعت إلى محاولة “احتواء” الواقعة بينما نظمت فعاليات حقوقية ومدنية وقفة احتجاج أمام مستعجلات مستشفى المدينة للتنديد بالوضعية المزرية التي يوجد عليها مستشفى المدينة والمطالبة بمحاسبة المتورطين في هذه الكارثة التي أحدثت هزة حقيقية في أوساط مدينة سيدي سليمان.
حادثتان اثنتان من ألف، يكشفان، إن كان الوضع يحتاج، بعدُ إلى بيان، عن الحالة المزرية للخدمات الصحية في المستشفيات العمومية، المريضة بفقر الموارد والتحجر. ورغم أنه لا يمكن إلغاء ما حقق هذا القطاع من منجزات، هكذا بجرة قلم، إلا أن المنجزات لا تزال بعيدة جدا عن الحاجيات الأساسية للمواطنين في مجال العناية الصحية ، حيث لا زال الولوج إلى مؤسسات الصحة العمومية يشكل معاناة حقيقية بالنسبة لجماهير غفيرة من مواطني الطبقات الفقيرة والمتوسطة، في المدن كما البوادي، خاصة، حيث إن الوضع كارثي بكل المقاييس.
….ثم يتحدّثــون عن حُقوق المرأة ومجالس المساواة والمُناصفة والتمييز النوعي، ومناهضة العنف…وَفِّـرُوا للمَرأة ظُــروفــًا كريمة لتُمَكّنَهَا من القيام بدورها الطبيعي في استمرار الكائن البشري على البسيطة، إلى أن يَرث الله الأرض ومن عليها..