كيف يفرح الفقراء بالعيد
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( الفقراء و العيد)
الجمعة 30 يونيو 2017 – 12:08:07
عــادات المغـاربــة في عيد الفطر، الحلويات : يُــؤدي الطعام دور مُهم وكبير جدًا في الثقافة المغربية والحياة الأسرية بشكل عام، لذلك فهو بطبيعة الحال يكون محور الإحتفال في أي مناسبة، وينطبق هذا بشكل خاص على عيد الفطر، فقبل يوم العيد تقوم العائلات بتحضير الحلويات في المنزل أو اقتنـائها جـاهـــزة.
إعطاء الطعام للمحتـاجيـن : عيد الفطر ليس فقط مجرد احتفال، بل هو أيضا فرصة للكرم والإحسان، وتعتبر « الزكاة » واحدة من أركان الإسلام الخمسة، وأيضا تعتبر تقليدا لإعطاء الصدقات للفقراء والمحتاجين حتى يتمتعوا بالعيد، فالزكاة تكون لازمة على جميع أفراد الأسرة فمنهم من يخرجها على شكل أموال، والبعض الآخر يرى أن من الأفضل أن يخرجها على هيئة حبوب مثل القمح أو الأرز.
البخــور : من المهم جدا في هذا اليوم أن تكون المنازل نظيفة ومعطرة استعدادا لاستقبال الأهل والأحباب، فاستعمال البخور من أهم التقاليد في عيد الفطر، فالروائح من صفاتها أنها تهدئ الجهاز العصبي، وتعزز الشعور بالبهجة.
هدايا للأطفال : على الرغم من أن تبادل الهدايا ليس شائعا كثيرا في المغرب وخصوصا بين البالغين، إلا أن العديد من الأسر تشتري الملابس الجديدة والهدايا للأطفال، لأن الأطفال يقضون عاما كاملا ينتظرون الهدايا التي سوف تأتيهم من الأهل والأقارب.
الملابس التقليدية : عيد الفطر هو مناسبة مهمة جدا ويجب على الأشخاص أن يرتدوا الملابس التقليدية الخاصة ببلدهم، فقبل العيد تقتني الأسر المغربية الملابس التقليدية لهم ولأبنائهم أو يتجهون للخياط بغرض تحضيرها قبل العيد.
و لنمر الآن إلى الشق الثاني، و هو الشق الحزين في الموضوع، و هو كيف يحتفل الفقراء بالعيد كيف يفرح الفقراء بالعيد؟ والفقراء على درجات: نذكر من بينها المعدمين، والمعوزين، والذين ليس بمقدورهم استيفاء احتياجات الحياة الأساسية والضرورية… كيف يفرح هؤلاء بالعيد؟ وكيف يكون العيد بالنسبة لهم أيامًا غير عادية من البهجة والمتعة؟! وإن حاولت الدولة بمجهودات كثيرة أن توفر الطعام في أيام العيد لمن يقدر على شرائها، ماذا نقول إذن عما يريده أطفال هؤلاء الفقراء من ملابس جديدة في العيد تكون مظهرًا لفرحهم، وأيضًا ما يريدونه من لعب لا تكتمل فرحة العيد بدونها؟!.. أم سينظر كل هؤلاء إلى الأغنياء في متعهم وترفيهاتهم، مقارنين بين حالهم هم وحال أولئك.
لماذا لا تفكر الدولة بمختلف مؤسساتها في منح مبالغ مالية معينة في مناسبة كل من الأعياد الدينية عند لكي تغطي نفقات أعيادهم ولا تشعرهم بجزء من العوز في أعيادهم، أو بلون من المقارنة بينهم وبين المترفين..؟. لماذا لا تمتد يد الأثرياء لكي تبعث روح الفرح في هؤلاء المعوزين، على الأقل في أيام الأعياد. ولا يكتفي الأمر على موائد الرحمن في أيام الصوم. فرحمة الله تشمل كل الأيام، الأصوام والأعياد. والرحمة لا يكفيها لقمة طعام لكي تريح الضمير بها. فاحتياجات الإنسان من الرحمة تشمل أمورًا عديدة جدًا.
إن الإهتمام بالفقراء و بأطفالهم في أيام الأعياد إنما هو عمل روحي، وعمل وطني، وعمل اجتماعي… لا يفوتنا ذلك كمواطنين وكأخوة… ويمتد بنا إلى حالة كل هؤلاء في غير أيام الأعياد أيضًا. ويتعمق بنا الأمر فلا نقول فقط كيف يحتفل الفقراء بالعيد، إنما نقول بالأحرى كيف يفرح هؤلاء الفقراء بالعيد؟ وما هو واجب الدولة حيالهم؟ وواجب الهيئات والأفراد؟
وإن كنا نناقش ما يجب أن يُعمل من أجلهم، فبالأكثر ما أشد دينونة وعقابا، الذين بدلًا من إراحة الفقراء نجدهم يحتكرون الأسواق، ويبالغون في رفع الأسعار، فيتحمّل الفقراء ثقلًا فوق ثقل، بسبب جشع إخوة لهم في المواطنة!!
وإن كنا نقول كل هذا بمناسبة عيد الفطر الذي ستحتفل به بلادنا غدا أو بعد غد، فهناك أعياد أخرى أيضًا تمر على الفقراء ونسأل كيف يحتفلون بها أو كيف يفرحون فيها؟ ويبقى السؤال محتاجًا إلى جواب… إذا كانت الحياة العادية لا يقدرون عليها، فكم بالأولى أيام الإحتفالات.؟ إن الأمر يحتاج إلى توفيق عميق بين متطلبات الحياة وسداد تكاليفها.
إن كنا حاليًا نتحدث عن مشكلة الفقراء العاديين وكيف يحتفلون بالعيد، فماذا نقول إذن عن الفقراء المرضى الذين عليهم أعباء ضخمة من تكاليف المرض والعلاج وارتفاع أسعار الأدوية، وعدم القدرة على الصرف، وبخاصة قد يحتاج الأمر أحيانًا إلى عمليات جراحية فوق مقدور الشخص العادي، ولا تستطيع أن تغطيها تأمينات من الدولة!!!
ما موقف هؤلاء المرضى الفقراء سواء في الأيام العادية أو أيام الأعياد ؟ وما موقفنا نحن منهم؟ وهل نكتفي بمجرد كلمة طيبة نقولها دون أي عمل؟! أم نكتفي بمجرد الدعاء ونتركهم إلى الله وهو أرحم الراحمين.
إن عبارة “كيف يحتفل هؤلاء بالعيد” قد تشمل كثيرين، وليس الفقراء فقط، ولا المرضى فقط. إنها تشمل أيضًا المشرّدين من أمثال أطفال الشوارع هؤلاء الذين خلقهم الله لا لكي يكونوا أولادًا للشوارع، إنما لكي يحتضنهم المجتمع، ويعطيهم مما أعطاه الله، أو ما يريد الله أن يعطيه لكل فرد من خلقه.
وعبارة “كيف يحتفل هؤلاء بالعيد” تشمل أيضًا الذين في السجون. فإن كانت عبارة “تهذيب وإصلاح” تطلق على السجن، فمن الممكن أن فترة العيد تنال بركة من هذه العبارة.
بعيدًا عن الهيئات الكثيرة التي يمكن أن نسأل عن حالتها في يوم العيد، نود أخيرًا أن نسأل عن موقف المترفين في أيام العيد، الذين ينظرون إلى أنفسهم فقط، كيف يقضون تلك المناسبة في بهجة وفرح وفي رفاهية ومتعة، غير ناظرين إلى أخوتهم الذين يعيشون معهم في نفس البلد كيف هم.
نقول لهؤلاء إن الله لم يخلق الدنيا لهم وحدهم وإنما لهم ولغيرهم. وإن الله قد أعطاهم لكي يعطوا. وبقدر ما هم يعطون، تزداد عطية الله لهم بالأكثر، ويفتح لهم مناجم السماء لكي تفيض عليهم. فعليهم أن يشركوا غيرهم في ما قد رزقهم الله. بل إن أحد القديسين قال عبارة جميلة هي: “إذا لم يكن لك ما تعطيه لهؤلاء الفقراء، فصم وقدم لهم طعامك”.
ليتنا إذن في يوم العيد ننظر إلى غيرنا من المحتاجين ونشعر بفرح عميق حينما نراهم يفرحون معنا ولا يقضون يوم العيد في عوز أو احتياج.
“ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” و عيدكم مبارك سعيد.