رمضانيات
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( مسارات )
الجمعة 23 يونيو 2017 – 17:00:03
• طُـرق احتيـالية لصرف دعم إفطار الصائم .
• رمضان يفقد بَهاءه وطُقـوسـه…
ذكر بعضهم أن عددا من رجال المال والأعمال يقدمون تبَرُعــات سَنـويـة بمبـالــغ ضخمة لمثل هذه الجمعيات لتوفير فطور جَيّد للصــائمين، في حين أن القائمين على هذه الجمعيات ينهجون طرقا احتيالية لصرف تلك المبالغ مما يخولهم ضمان ربح وفير، وتنعدم ثقة المحسنين تجاه هذه المبادرات حينما يكتشفون بعد الأسبوع الأول من رمضان انخفاض كلفة الوجبة الواحدة من الفطور، وقلة جودتها ومحتوياتها.
وكما ذكرت سابقا حول مواسمنا وأعيادنا المكلفة… فمن عيد لعيد، ومناسبة لأخرى، ومن عطلة لعطلة دون الحديث عن التكاليف المثقلة الأخرى المرتبطة بالمرض واستهلاك الماء والكهرباء وديون البقال والجزار، والكتب المدرسة، هذه الإكراهات جعلت الأسر الفقيرة تستقبل شهر رمضان بمزيج من المرح والألم، قلب نابض بالإيمان، وأمعاء لاتجد ترياق الحياة…. والحقيقة أن رمضان ككل الأيام الجميلة فقد نكهته اللذيدة… وابتعد المجتمع المغربي عن قيمه الأصلية التضامنية لدرجة لم يعد الجار يسأل عن جاره، ولا يعلم بأحواله، تفتتت الأسرة، وانعزلت عن محيطها، وأصبحت كل أعيادنا، ومواسمنا، ومناسباتنا فاقدة لنكهة التواصل والتكافل.
كان رمضان فرصة سانحة لتقاسم الطعام مع الجار المحتاج، وفرصة للمصالحة مع النفس، وتقديم المساعدة لمن يحتاجها… وأصبحنا شتاتاً.. وانبث الطمع والجشع،… وتسربت العدوى إلى المساجد والدروب والأحياء، واكتست الوعود بالطمع الانتخابوي، الإغراءات السياسوية مما خلق أنماط من الاتكالية وحول الأسر الفقيرة إلى مخزون سلبي يعيش على الانتظارية والتسول.
وحتى المفهوم الشرعي والديني للصوم أبعدتنا عنه شهوات البطن فلم يعد الصيام يعني الإحساس بمعاناة الآخرين مع الفقر والحاجة طوال أيام السنة. وفي الوقت الذي يرفل بعضهم في بحبوحة من العيش والرخاء المادي، تزداد معاناة المحتاجين والفقراء النفسية والاجتماعية، ويشعرون بالعجز لعدم قدرتهم على تأمين احتياجات أفراد أسرهم.
وعفة النفس واليد تمنع الفقير من أن يطلق صرخته في شهر رمضان… فالفقر وجع وألم خصوصا عندما يعجز أب عن إطعام أطفاله بعد صومهم، ولا يجد في بيته سوى الخبز والشاي إن وجدا.
وقد أشارت مصاددر مسؤولة إلى أن التسول يزداد خلال هذا الشهر في أبواب المساجد، والأسواق، وهو يرتبط بسلوك حياة ولا يقتصر على رمضان وإن كان يشهد خلاله تراكما كبيرا.
والحدير بالتأكيد أن الفقر لايحتاج إلى مساعدة رمضان فحسب، لأن الفقير يأكل في رمضان وفي غيره، لذا فالمساعدة يجب أن تشمل السنة كلها، وهذا ليس بعزيز أو صعب على ذوي المال والأريحية.
أما “قفة رمضان” الخيرية فهي في تزايد وتستهدف الفقراء والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقد أعطى الملك محمد السادس الانطلاقة الرسمية لمشروع قفة رمضان من خلال إشرافه بالعاصمة على توزيع الدعم الغذائي لآلاف الفقراء، والنساء الأرامل، وذوي الإعاقة “قفة رمضان” مبادرة خيرية تستهدف المناطق النائية والأحياء المهمشة.
وتنشط جمعيات وهيئات مدنية كثيرة في هذا المجال بتوزيع قفة رمضان على الفقراء والمحتاجين، مع التأكيد على الدور الذي تقوم به مؤسسة محمد الخامس للتضامن باستهداف حوالي مليونين و370 ألف شخص ينتمون إلى 473 ألفا و900 أسرة منها 403 آلاف أسرة بالريف.
الخير خير، والإحسان مكرمة قفة رمضان خير وإحسان يعقبها ثواب وأجر، فما مسح جرح إنسان وكان تقربا وقربانا إلى اللّه هو الخير بعينه وقد حدد المشرع الأجر والثواب لمن أفطر صائما، لذا يجب أن تذهب قفة رمضان لمستحقيها… كما لا يجب أن يصاحبها من أو تصرف حاط بكرامة الإنسان، فالصدقة لا يجوز أن يتبعها أذى. فالخير خير… الإحسان لذوي الحاجة مكرمة والرجوع إلى الينابيع الأصلية لثقافتنا وقيمنا التضامنية التكافلية واجب وضررة، وما أصابنا من مسخ وتلف وأعطاب هو نتيجة حتمية لبعدنا عن هذه الينابيع والأصول فعسى أن تستمر معنا روح رمضان كل السنة….
وعسى أن يكون شهر الغفران حافزا لعودة الضالين والتائهين !….