خزانة أحمد بوكماخ هبة طنجة
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( خزانة أحمد بوكماخ )
الجمعة 30 يونيو 2017 – 17:06:55
أحمد بوكماخ أدرك بحسه الوطني المفعم بمعاني النضال من أجل حماية الشخصية المغربية، والهوية الوطنية، أن الوطن بحاجة إلى القطع، تربويا، مع المقررات المدرسية الأجنبية للأقسام الابتدائية التي كانت تدرس بالمغرب ، من قبل: Nos ancêtres les Gaulois » « التي تعتبر فاتحة كتاب التاريخ الفرنسي لمؤلفه E
est Lavisse بعد هزيمة فرنسا أمام جيش بروسيا عند موقعة SEDAN سنة 1870.

ورغم إمكانياته المحدودة، حيث إنه كان مدرسا “متطوعا” بمدرسة سيدي عبد الله كنون الحسني الذي شمله بعطفه ووفر له إمكانيات الاستفادة من خزانته العامرة، فإنه اشتغل على تأليف مجموعة “إقرأ” ومجموعة “الفصحى”، من خمسة أجزاء لكل مجموعة، نهل منهما النشء الجديد ما مكنه من تربية سليمة على الشعور بالانتماء للوطن والإيمان بالقيم المثلى للشعب المغربي، ووفر له مقررات تتميز بأسلوبها السهل وعذوبتها اللغوية وبفوائد تربوية نفيسة، أقر بها خبراء التربية والتكوين، مغاربة وأجانب، إلى جانب المتعة الفكرية والإبداعية حيث إن السلسلتين معا أصبحتا مدرسة ومرجعا لأجيال تربت على أبجدية وفكر أحمد بوكماخ.
وهذا ما ذكرت به كريمته نازك ، خلال حفل تسليم خزانة ومكتب والدها العبقري أحمد بوكماخ، الذي أقيم، نهاية الأسبوع الماضي، بالمركز الثقافي الذي يحمل اسمه، تكريما وتقديرا وتبجيلا وتخليدا لذكرى الرجل الذي قاوم بمفرده وبقوة إيمانه وعزيمته مخططات المد الثقافي الفرانكفوني المتربص بأجيال الاستقلال التي وجدت في مقررات “إقرا” و “الفصحى” فضاء رحبا للتربية على قيم المواطنة وعلى حب الوطن والانتماء للوطن.

وحين دعي عمدة طنجة، البشير العبدلاوي، إلى المنصة لتسلم وثيقة الهبة الموثقة، ارتجل كلمات مؤثرة، في حق رائد الكتاب المدرسي المغربي الذي أطاح بالمخططات الأجنبية الرامية إلى استدامة الهيمنة الثقافية واللغوية على المستعمرات المتحررة، ووفر للمغرب كتابا مدرسيا من مستوى عال يتميز بعمق الإبداع وقوة المنهج الديداكتيكي، وجمال التعبير اللغوي وسهولة التعامل معه سواء من طرف المدرس أو المتلقي.
العمدة أثنى، بالمناسبة، على مبادرة أسرة أحمد بوكماخ التي تعد من الأسر العريقة بطنجة، ووعد بالمحافظة على هبة هذه الأسرة كإرث حضاري سوف يستفيد منه الطلبة والباحثون والمتخصصون والمهتمون، ليظل فكر الراحل أحمد بوكماخ حاضرا، وإلى الأبد، في ضمير أهل طنجة وضمير المغاربة جميعا.
وتميز الحفل بمشاركة مجموعة “زمان الوصل” التي صاحبت الفنانة القديرة إحسان الرميقي في أدائها لبعض الموشحات ولأغاني خالدة للسيدة أم كلثوم، خاصة “ابتهالات” عمر الخيام في “رباعياته”، و رائعة “الورد جميل” لسيد مكاوي، كما تميز بمشاركة الفنان سعد التمسماني الذي قدم وصلات من المديح والسماع بمصاحبة مجموعته الشهيرة…