مهرجان الزفاف الجماعي لجمعية كرامة، إستقرار أسري في قالب شرعي خيري راق
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( مهرجان الزفاف الجماعي لجمعية كرامة )
الثلاثاء 09 ماي 2017 – 17:32:14
• دار الكرامة … هي وليدة جمعية الكرامة لتنمية المرأة ، هي التي تعنى بالنساء في وضعية صعبة ، تضم مركزا للإستماع والإرشاد والتوجيه النفسي والقانوني والوساطة والتدخل من أجل الصلح، إضافة إلى مركز لإيواء وتربية الأطفال المتخلى عنهم ولحضانة أطفال الأمهات في وضعيات صعبة، ومركزا لإيواء النساء المتضررات ولرعايتهن و تكوينهن من أجل إدماجهن في المجتمع.
دار الكرامة لا تقتصر على توفير الإيواء للنساء في وضعية صعبة، بل تتجاوز ذلك إلى مساعدة هؤلاء النساء على تعلم بعض الحرف، مثل الحلاقة والتجميل والطبخ والحلويات والإعلاميات والتدبير المنزلي، وذلك بمقر المؤسسة الكائن ب 6 زنقة الزيزفون تجزئة النرجس البرانص 2 .
جمعية كرامة لتنمية المرأة التي تم تأسيسها في فبراير 2002 هي متنفس حقيقي لشريحة مهمة من المجتمع الطنجي، هي التي تفعّل آليات الصلح في حل المشاكل العائلية والتقليص من ظاهرة الطلاق النفسي والقانوني، ومحاربة جميع أشكال العنف والحيف ضد المرأة، وتقديم الإستشارات الشرعية والقانونية والإجتماعية، والمساهمة في استقرار الأسرة وحمايتها من التفكك والمطالبة بتطوير وتعديل القوانين المتعلقة بالمرأة والأسرة.
و هي اليوم تنظم مهرجان الزفاف الجماعي في دورته العاشرة، عدد المستفيدات و المستفيدين 60 شابة و شاب، هذا المهرجان الذي يطوي في جنباته أسمى معاني التكافل و التضامن و إرساء معالم الثقافة المغربية المسلمة الحقة، عبر التشجيع على إطفاء الطابع الشرعي الحلال على العلاقات القائمة بين المرأة و الرجل في مجتمعنا، حوارنا اليوم مع الأستاذة وفاء عبد القادر، رئيسة جمعية كرامة لتنمية المرأة لتقريبنا من مراسيم المهرجان و أهداف الجمعية..
– بداية أستاذة وفاء حدثينا عن هذا العرس الجماعي ، أهدافه و تداعياته…
أشكركم بداية باسمي و باسم جمعية كرامة لتنمية المرأة على هذه المبادرة الطيبة، و شكر خاص لمدير جريدتكم، الدكتور عبد الحق بخات، على دعمه لنا لسنوات عدة مضت، لأنشطة الجمعية عامة و للزفاف الجماعي خاصة، و هذه هي السنة العاشرة من عمر الزفاف الجماعي الذي لم يكن يسمى في البداية مهرجانا، إنما كنا نطلق عليه “الزفاف الجماعي”، لكن عندما تطورت مراحله، منحناه صفة المهرجان، لأن مدته أصبحت ثلاثة أيام ، و بالتالي أصبحنا نتكلم عن مهرجان.
مهرجان الزفاف الجماعي، تضيف الأستاذة وفاء عبد القادر،كانت البادرة قبل 10 سنوات عندما لاحظنا من خلال عملنا في ممركز كرامة للإستماع و التوجيه الأسري، أن نسب الطلاق في تزايد مستمر خصوصا بعد السنة الأولى و الثانية من الزواج، فقمنا بدراسة ميدانية حاولنا أن نتقصى من خلالها،الأسباب المؤدية إلى هذا الطلاق، و اتضح لنا أن أهم الأسباب هو غياب الثقافة الأسرية، فبدأت الجمعية تفكر في الوسائل التي يمكن أن تعمل من خلالها على تقليص نسبة الطلاق و تضمن استمرارية و استقرار و تماسك الأسرة و هذا هو شعار الجمعية، فبدأنا في إنجاز دورات تكوينية للمقبلين على الزواج، و المتزوجين الجدد، يؤطرها مدربون عالميون، وطنيون و محليون، مجانا بالتاكيد، و كان الإقبال في البداية كبير، لكن بدأ ينقص لأنه أصبح يقتصر على شريحة معينة من المجتمع، ما دفعنا إلى التفكير في الزفاف الجماعي، لأننا لاحظنا أن هناك ارتفاع في نسبة العازفين عن الزواج، و عند البحث اتضح لنا أن الجوانب المادية و قلة الإمكانات، تقف حاجزا أمام الشباب خصوصا لتحصين أنفسهم و استقرارهم عبر مؤسسة الزواج، و لأن ثقافتنا كمغاربة تغلب عليها الأعراف و العادات التي لم تعد مناسبة في وقتنا الحالي، نظرا للظروف المالية الصعبة، التي يتخبط فيها المجتمع المغربي عامة، و بالتالي يفقد الزواج مفهومه الحقيقي، ألا و هو المودة و الرحمة كما جاء في كتاب الله الكريم، “و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، و جعل بينكم مودة و رحمة” صدق الله العظيم.
– أستاذة وفاء، ما هي شروط قبول طلب الإستفادة من الزفاف الجماعي ؟
نحن نعلن عن بداية الموسم بالجرائد الوطنية، المحلية و الجهوية، للإخبار، و من ثم نتلقى الطلبات و يتم تحديد مواعيد للإستقبال لدرس الحالات، و التي أغلبها تعاني من هشاشة إقتصادية، حالات اليتم و هي الأغلب، سواء في صفوف النساء أو الرجال، ما يجعل الزواج صعبا، و ما يشجع على الإنحلال الأخلاقي، و ما ينتج عن ذلك من أطفال غير شرعيين و أمهات عازبات عجزن عن تأطير حياتهن تأطيرا شرعيا بسبب ظروفهن و ظروف أزواجهن الغير الشرعيين، و هذا هو الهدف الرئيسي من مهرجان الزفاف الجماعي، لنجعل من خلاله المجتمع يعي بأن العلاقات السائدة اليوم، هي دخيلة على مجتمعنا المغربي الإسلامي المحافظ، علاقات شاذة، لا علاقة لنا بها كمغاربة، وعود بالزواج ينتج عنها حمل، او غير ذلك، و تكون الأعذار كلها تدور حول الإمكانات المادية، أو التملص من المسؤولية، ما يجعلنا نستعمل كل الوسائل لإبرام عقد زواج شرعي و توعية الطرفين بأهمية الإستقرار الأسري، و بالتالي فالزفاف الجماعي هو تتويج لمراحل عديدة سبقته من دورات في المجال القانوني، مجال الثقافة الأسرية من مرحلة الخطبة الى الزواج، مهارات التواصل، مهارات تدبير الخلافات الزوجية، الصحة الإنجابية و عديد من البرامج التثقيفية لبناء أسرة سليمة و شرعية.
– أستاذة وفاء حدثينا قليلا عن تفاصيل برنامج المهرجان المزمع تنظيمه في أول أسبوع من ماي القادم؟
بعد أربعة أشهر من الدورات التكوينية بخصوص مؤسسة الأسرة، و التي يكون الحضور فيها من طرف المستفيدات و المستفيدين من الزفاف الجماعي إجباري، نفتتح برنامج المهرجان، بتنظيم جلسة تعارف بين عائلات المستفيدات و المستفيدين، كما العادة المغربية الأصيلة، و ننقاش جميعا تفاصيل الزفاف، و باليوم الموالي و الذي يوافق يوم الأربعاء 3 ماي سيتم حفل الحناء وفقا للعادات الطنجوية المغربية، بقاعة الأسرار بطنجة كما جرت العادة، هذا الحفل الذي يحضره ليلا عدد من الشخصيات القانونية من القضاء الأسري و محكمة الإستئناف، و العدول، يواكبون معنا المراسيم و يعملون على تقديم النصح و الإرشاد للأزواج، و باليوم الأخير و هو العرس الجماعي، سينطلقعلى الساعة الثالثة بعد الزوال بانطلاق حفل الحناء ” عقيد ليزار” و باحياء من فرق موسيقية تراثية و هذه السنة سنستضيف الفنانة ليلى البراق، لإحياء الحفل، و كذا إلقاءات شعرية، إلى أن يأتي موعد “الخرجة” المعروفة لدينا كمغاربة، و يختتم الحفل وسط حضور عذب ، و أجواء بهيجة و نكون بذلك أنهينا مهمتنا اتجاه هؤلاء الأزواج الجدد متمنيين لهم حياة أسرية مستقرة و سليمة.
و إننا نؤكد أن تكوين الأسرة أو الحق في الأسرة هو حق من حقوق الإنسان، و الآن من خلال ممارستنا الحقوقية و عملنا الحقوقي مع المرأة بالخصوص، و بالأخص الأمهات العازبات، أصبحنا نشعر بأنه لابد أن يصبح الحق في الأسرة هو حق من حقوق الإنسان، لأن ما نعيشه هو ظلم للمرأة و الرجل و الطفل، و بالتالي فشعارنا لهذه الدورة هو الحق في الأسرة، إذا كنا نصادق على برنامج التنمية الجهوية و نناقش مقاربة النوع، فكيف لا نعنى بالحق الأسري، و كيف لا نسعى إلى تأهيل شبابنا و مساعدتهم على الإرتباط وفقا للإطار الشرعي.
-كيف تقيّمين اليوم جمعية كرامة لتنمية المرأة؟
“اللهم اجعلنا مفتاحا للخير، مغلاقا للشر”، نحن نشعر بالفرح العميق عندما نرى تجربتنا تتكرر لتصل للجميع، لأن نسعى إلى تعميمها على الصعيد الوطني، فجمعية كرامة استطاعت أن تناضل في إطار صعب تقبّله من طرف المجتمع المغربي، ألا و هو إيواء الأمهات العازبات، و التكوين و التأهيل لإعادة الإدماج في المجتمع، و بحكم أننا أبناء الحركة الإسلامية، و بحكم أنني أيضا واعظة بالمساجد منذ ثلاثين سنة، كان من الواجب الإستشارة مع العلماء الأجلاء و بالتالي إقناعهم بهذه الفكرة الإنسانية و بالفعل لقيت الترحيب من طرف أهل الدّين، و دعمونا، و انتقلنا بعد ذلك لطلب الدعم من الجهات المسؤولة و من طرف المجتمع ، الذي استطعنا أن نغير بعضا من مفاهيمه الموروثة ، خصوصا و أن دار الكرامة التي هي مقرنا، توجد بحي سكني، فكان علينا أن نقنع المحيطين بنا بسموّ أهداف هذه الدار، و بفضل الله، نجحنا في ذلك، و أصبح المجتمع الطنجي يعرف دار الكرامة و يؤمن بأن الأم العازبة ليست فقط الممتهنة للجنس، مع أن الممتهنة للجنس، هي ضحية للمجتمع ككل، إنما هي أيضا المغتصبة، و المسلوبة الحقوق و الكرامة، لتصبح منبوذة وسط أهلها و بنظر المحيطين بها، و بالتالي فهؤلاء النساء اليوم، فتحن صفحة جديدة بحياتهن، مع الحق في العيش الكريم و إعادة الإدماج في المجتمع، نحن بالمؤسسة لا نترك طفلا بدون إسم أو نسب، نحن نعمل بكدّ و جهد، لحفظ الأنساب و إعطاء فرصة لاستقرار الأسر المتفككة و وضعها في قالبها الصحيح.
جمعية كرامة تعمل أيضا في الوساطة الأسرية، تحافظ على الأسرة، تكون حلقة وصل بين جميع الأطراف، و بالتالي تحقق أهدافها الرئيسية المقدسة للترابط الأسري و للإطار الشرعي لجميع العلاقات الإنسانية .
-أخيرا أستاذة وفاء ما هي رسالتك للمجتمع الطنجي و الوطني ؟
أولا لابد أن نعمل جميعا كمجتمع مدني، كإعلام خصوصا على نشر مبدأ التطوع داخل المجتمع، لنجعل حياتنا حياة التطوع، لأننا مسلمون و مغاربة معروف علينا التطوع، و مع إقبال نفحات شهر الرحمة و المغفرة، شهر رمضان الكريم، أتمنى أن نساعد بعضنا، و ننصح بعضنا، و نعمل على إرشاد بعضنا لما فيه خير لنا، فنحن كلنا بسفينة واحدة لا ننجو إلا أجمعين، و كلمتي الأخيرة هي لبناتي و أبنائي الطلبة، أقول لهم، حافظوا على الأخلاق، كي لا نصل إلى عواقب تكون قاسية بالأخص على المرأة ، فهي دائما الحلقة الضعيفة عندما يتعلق الأمر بمشكل أخلاقي، و أختم بقول رسول الله صل الله عليه و سلم ” إذا قامت الساعة، و في يد أحدكم فسيلة، و استطاع أن يغرسها، فليغرسها”، صدق الرسول الكريم، و هذا شعاري في الحياة ، أسأل الله أن يرزقني الصحة و يبارك لي في وقتي حتى أغرس حيث ما أكون ……
بدورنا نشكر الأستاذة وفاء عبد القادر سائلين الله إعانة كل من يسعى إلى ضخ روح الحب و الصفاء و التسامح و التعاون بمجتمعنا. ..