صـرخــة المُستهلك الطنجي “إرحمـونــا يَرحمكم الله””
جريدة طنجة -لمياء السلاوي ( المُستهلك الطنجي بين فُوهَة الغلاء وبين المنافسين )
الثلاثاء 30 ماي 2017 – 15:59:16
كان المغرب قد تبنى منذ سنوات، قانون حرية الأسعار والمنافسة، حيث أصبحت الأسعار تحدد وفق قانون العرض والطلب بالنسبة للمنتجات غير المحددة أسعارها، هذا ما يجعل المراقبة تنصب في معظم الأحيان على إشهار الأسعار والجودة.
و أكد لحسن الداودي، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، قبل أسبوعين، أن الحكومة اتخذت جميع التدابير الضرورية والإجراءات الإستباقية لضمان التموين العادي للأسواق بجميع المواد الأساسية خلال شهر رمضان المبارك.
وأضاف الداودي، خلال ترؤسه اجتماعا للجنة الوزاراتية المشتركة المكلفة بتتبع حالة تموين الأسواق والأسعار وعمليات المراقبة من أجل الوقوف على الحالة المرتقبة للتموين في الأسواق من المواد الأكثر استهلاكا خلال شهر رمضان المبارك، أن مختلف التقارير التي استعرضها ممثلو القطاعات الوزارية تؤكد، وبالأرقام، تغطية العرض للطلب بشكل مريح وخاصة فيما يتعلق بالمواد الأكثر استهلاكا في رمضان.
وحسب الوزير فإن هذا اللقاء الإستباقي مع مصالح مختلف الوزرات ستليه لقاءات أخرى سيتم عقدها للتحضير لشهر رمضان الأبرك حتى يفوق العرض الطلب وأن السوق المغربية ستكون فيه جميع المواد التي يحتاجها المواطنين وبأثمنة مناسبة، مشيرا إلى أن اللجنة تقوم بالرصد اليومي لمستوى الأسعار في المغرب.
كل هذا جميل، لكن دعونا ننزل إلى الأسواق سوية، لنرى ما هو عليه الحال.
قبل أسبوع تقريبا من حلول الشهر الفضيل، تخوفت العديد من الأسر الطنجية من الإرتفاع المهول الذي يطال أسعار مختلف المواد الإستهلاكية التي يكثر عليها الطلب في هذه المناسبة، ما يشكل هاجسا يؤرق غالبية المواطنين خاصة من ذوي الدخل المحدود والمتوسط.
ويزداد الوضع تعقيدا في ظل استغلال عدد لا يستهان به من الباعة لهذا الوضع، من أجل الرفع من الأسعار الخاصة بالمنتجات الغذائية التي تعتمد عليها ربات البيوت في موائد الإفطار.
بدأت بالفعل منذ أسبوع أو أكثر أسعار الخضر والفواكه ترتفع بشكل تدريجي، حيث سجلت أثمنة الفواكه ارتفاعا تراوحت نسبته ما بين 10 و30 في المئة، على سبيل المثال، إرتفاع سعر الموز المحلي من 9 دراهم في الأسواق بطنجة إلى 12 درهما، بينما ارتفع سعر الموز المستورد من 15 إلى 20 درهما للكيلوغرام الواحد، وبلغ سعر فاكهة “الأفوكادو” 40 درهما بعد ما كان لا يتجاوز 25 درهما للكيلوغرام، إضافة إلى الفواكه الجافة حيث إنتقل ثمن اللوز من 50 درهما إلى 100 درهما للكيلوغرام في الأسواق .
إن هذه الزيادات الكبيرة في الأسعار شملت أيضا الطماطم التي بلغ ثمنها 7 دراهم، ومجموعة من المنتجات الأخرى التي لا غنى عنها في مائدة الأوساط الشعبية المغربية.، الكل يشتكي و يقول أنه يجب على السلطات المحلية أن تعمل على مواصلة محاربة المحتكرين الذين لا يهمهم سوى تحقيق مزيد من الربح السريع، إلى جانب العمل على إنشاء أسواق جهوية لبيع الخضر والفواكه بالجملة من أجل خلق فضاءات جديدة لتسويق هذه المنتجات بعيدا عن أعين المضاربين الذين أثقل جشعهم الطاقة الشرائية للمواطن المغربي.
إلى سوق الأسماك هذه المرة، حطت جريدتنا الرحال، فعاينا إقبالا كبيرا للزبائن على الأسماك، و كما هو معروف عند الطنجيين، ارتفاع طلبهم على الأسماك على طول السنة و بشكل أكبر في رمضان.
ما سبب ارتفاع أسعار الأسماك في السوق الطنجي، مع أننا نتوفر على بحرين و ينادون طنجة بمدينة البحرين؟
سبب ذلك هو غياب الشفافية في عملية بيع الأسماك داخل الموانئ قبل خروجها إلى السوق، إضافة إلى مرورها على أيدي الوسطاء قبل الزبون، والنتيجة أن الرابح الأكبر هم الوسطاء، والمتضرّر هو المستهلك، إضافة إلى البحّارة العاملين على متن سفن الصيّد.
البحارة يقولون “أنّ السمك يباع بثمن هزيل، ولكن بالنسبة للمستهلك يرون أنه يباع بثمن غالٍ”، ثمن الكيلوغرام من سمك القمرون قد يباع في السوق بـ130 درهما، بينما ثمنه داخل الميناء لا يتعدّى 30 درهما للكيلوغرام، وهو ما يعني أنّ الثمن يتضاعف مرّات و مرات ، حتّى في المدن الساحلية، التي لا تفصل بين موانئها والأسواق سوى كيلومترات معدودة.
وخلف أسعار السمك الملتهبة التي يكتوي بها المواطنون في الأسواق، ثمّة أرباح كبيرة يجنيها مُلّاكُ سفن الصيد في أعالي البحار والوسطاء، فداخل الموانئ يعمد أصحاب السفن والسماكين إلى “تْطياح الثمن”، لأنّ الثمن الذي يباع به السمك داخل الميناء على ضوئه يدفع مالك السفينة الرسوم على ما باع من سمك، والشيء ذاته بالنسبة للسماك، وكلما كان الثمن منخفضا كلّما كانت الرسوم أقل، ليدخل الوسطاء على الخطّ بعد خروج السمك من الميناء.
هذه الوضعية تجعل المواطنَ المغربي لا يصله من خيرات السواحل البحريّة التي تصل إلى 3500 كيلومتر سوى الأسماك الرخيصة، مثل السردين، والذي يعجز المواطنون عن اقتنائه، هو أيضا، في أحيان، حين يرتفع سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى 40 درهما؛ وعن المسؤول عن هذه الوضعية فالمسؤول الأول هو وزارة الفلاحة والصيد البحري، ومكتب الصيد”.
أحد البائعين، عزا الإرتفاع الكبير للأسعار إلى من سمّاهم باللهجة المغربية ب”الشناقة” أي المضاربين في سوق السمك، في حين قال آخر إن السبب يعود إلى الحرارة المرتفعة التي أثرت -حسب قوله- على تكلفة عملية نقل الأسماك خصوصا من المناطق الجنوبية للبلاد، فيما أرجع تاجر للسمك بالجملة سبب الغلاء إلى انخفاض المنتج السمكي المتعلق بالتفريغ الشهري للأسماك مما انعكس سلبا على العرض .
تصريحات الباعة لم يستسغها العملاء، حيت قال لنا أحدهم كيف لبلد معروف بثروته السمكية وتصديرها للخارج أن يشتكي من قلة الأسماك”.
مسلسل إرتفاع الأسعارالذي يتكرر في رمضان كل سنة، ويثقل كاهل الأسر المغربية المحدودة الدخل، سببه تحرير الأسعار والمنافسة، لكن هذا لا يعطي الحق للمضاربين والوسطاء لاستغلال الفرص من أجل تحقيق هوامش ربح فاحشة على حساب المواطن، وفي هذا الإطار يمكن القول إن السلطات العمومية وأجهزة المراقبة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في ما يتعلق بالإختلالات التي يعرفها تموين الأسواق بالمواد والمنتجات الغذائية، وما ينتج عن ذلك من زيادات غير طبيعية في الأسعار.
استغلال
من جهته، أكد محمد و هو مستهلك، انه يلاحظ ارتفاعاً في الأسعار بأكثر من 40 بالمئة في بعض الأحيان عند قرب و أثناء حلول شهر رمضان المبارك، مضيفاً أن بعض التجار ينتظرون الشهر الفضيل لزيادة أرباحهم من وراء زيادة أسعار المواد الإستهلاكية الى الضعف أحياناً.
بدورها قالت إيمان، ربة منزل، أن أسعار الخضراوات كالطماطم والبصل والجزر تشهد ارتفاعا، كما تشهد الأسواق زيادة أسعار بعض السلع الأخرى كالزيوت واللحوم والفواكه الجافة، فكيف للمواطن البسيط أن يعيش..؟؟ كيف له أن يوفر حاجياته الضرورية؟؟
المواقع الإلكترونية و الصحافة الورقية منذ أكثر من أسبوعين و ناقوس الخطر يُدَقّ عبر مقالاتهم و تحقيقاتهم، و الأمر الواقع هو واقع بالفعل، هنالك من يحمل المواطنين مسؤولية تشجيع التجار على رفع الأسعار، وذلك بقبولهم بتلك الأثمنة التي تُفرَض عليهم في الأسواق. حيث المستهلك للأسف الشديد يساهم بشكل كبير في ارتفاع المواد الغذائية بسبب إقباله الزائد عن حده على بعض المواد كأنها ستنفد من السوق، لكن هذا لا يعفي السلطات أيضا من المسؤولية، في عدم اتخاذها الإجراءات الصارمة قبيل هذا الشهر لمراقبة الأسعار.
المواطن المغربي اليوم، مع هذا الكم الهائل من المناسبات الدينية و الوطنية و المدنية، لم يعد يقوى على العيش بتوازن، و لا حتى على العيش، و أبسط حقوقه الضرورية لا يحصل عليها و لا ينالها، لا تعليم و لا صحة و لا شغل و قريبا جدا و لا لقمة عيش، و حتى إن تحصّل عليها ستكون مغموسة بالذل و الإهانة.
المواطن المغربي اليوم هو بحاجة إلى ضمان حقوقه، و من بينها، أن لا يكون ضحية مضاربين و وسطاء متلهفين للمزيد من لحم الحرام في بطونهم، إتقوا الله فينا . و رمضان كريم..














