مصطفى البقالي الطاهري
جريدة طنجة – مصطفى البقالي الطاهري ( لماذا الفُرقة والخلاف (الشيعة) )
الأربعاء 31 ماي 2017 – 10:48:00
لكن في المقابل عوض أن نواجه بنفس الاحترام و التقدير يعمل البعض منهم على المساس برموزنا و يقولون أقوالا لا يقولها ذو حياء و إيمان في حق :
– أمنا عائشة رضي الله عنها و في حق أبيها أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فسيدتنا عائشة هي زوجة رسول الله ﷺ و محبوبته و أم المؤمنين العالمة المفتية الزاهدة ، الصوامة ، الطاهرة ، البريئة ، بشهادة القرآن الكريم إذ يقول : ” إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ” .
و يقول أيضا : ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ” .
” و الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ” .
” يعظكم أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين “.
قيل لرسول الله ﷺ أي الناس أحب إليك قال عائشة .. و عدد آخرين ، و قال لابنته فاطمة ( ض ) ” ألست تحبين ما أحب ، قالت بلى ، قال فأحبي هذه ، يعني عائشة ( ض ) و هذا الأمر ظاهره الوجوب أي محبتها لا قذفها كما يفعل بعض المتطرفين من الشيعة الذين تجاوزوا كلام الله و كلام الرسول و رموا بأنفسهم في وطيس التفرقة و خدمة أعداء الإسلام ، لأن هؤلاء المتطرفين يعتبرون طابورا خامسا ضد الإسلام و المسلمين يهدف إلى المواجهة المذهبية و التفرقة و التشتيت ، كيف سمح هذا الطابور لنفسه بالطعن في زوجة الرسول و قد تمرض في بيتها و مات و هو في حضنها و دفن بمنزلها .. إن الطعن فيها طعن في رسولنا و قرآننا و هذا كفر واضح و بين و لكننا لن نكفر أحدا بل نطلب لهم الهداية ..
هؤلاء لم يقفوا عند حد أمنا عائشة بل تعدوه إلى أبيها أبي بكر الصديق طاعنين فيه بأقبح الأقوال ناسين أنه صهر الرسول و خليفته من بعده ، و هو من المبشرين بالجنة ، و كان من أبطال الهجرة ، ذكره القرآن إذ يقول : ” إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ” ..
سماه الرسول بالصديق و قد قال في حقه : ” لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ” .
سأل عمرو بن العاص الرسول ﷺ أي الناس أحب إليك قال : عائشة ، و من الرجال قال أبوها ، ثم من ؟ عمر فعد رجالا..
كان يلقب في الجاهلية ب ” عالم قريش ” لأنه كان يحرم الخمر على نفسه و يمتنع من السجود للأوثان و كان يلقب أيضا بالأواه لخشية الله و رأفته و بهذه الروح لعب دورا في تحرير العبيد و كان منهم سيدنا بلال ( ض ) .
لما وصل الرسول للمدينة المنورة آخى بينه و بين عمر بن الخطاب ، و هذه إشارة ذات دلالة..
جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ و قالت إذا رجعت مرة أخرى و لم أجدك ( و تعني الموت ) قال : إذا جئت و لم تجديني فآتي أبا بكر ” و لم يقل شخصا آخر “..
قال الرسول لعائشة ( ض ) : ادعي لي أبا بكر أباك و أخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى ممتن و يقول قائل : أنا أولى و يأبى الله و المؤمنون إلا أبا بكر ..
و في هذا السياق أوصى الرسول ( ص ) بدفع الصدقات بعده لأبي بكر و فعلا لما مات النبي حارب أبو بكر الذين امتنعوا من دفع الزكوات ( الصدقات ) ..
هو الذي اختصه الرسول ليصلي بالناس نيابة عنه و لما بويع خليفة لرسول الله عن طريق الشورى قال : ” إني وليت عليكم و لست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني و إن أسأت فقوموني ” .
هذا هو أبو بكر الذي تطعن فيه و في ابنته عائشة ( ض ) إحدى القنوات و تضم إليهما عمر بن الخطاب ( ض ) أمير المؤمنين الخليفة الراشد الملقب بالفاروق هم يقدحون فيه و يقذفونه و يسبونه و بكل وقاحة و سوء تربية و سوء خلق و انعدام الإيمان ، و يأبى الدكتور مايكل . هـ . هارت صاحب كتاب ” العظماء مائة ” إلا أن يجعل أول العظماء محمدا الرسول القائد و يأتي باسم عمر بن الخطاب في المرتبة 53 كعبقري و كشخصية مميزة و ذات تأثير في التاريخ البشري .. و قد قال الرسول في حقه : ” لم أر عبقريا يفري فريه و كان يقول له يا أخي .. و بسبب سمو أخلاقه كان أبو بكر يقول : إن مبغضيه هم مبغضون للخير ” .
لقد كان مثالا للعدل و الذكاء و العبقرية ، فلم يكن يعيش في مستوى متميز بدليل أنه لما كان يزوره رسل الملوك كانوا يجدونه نائما على الأرض و كان إذا سافر مع خادمه كان يعيش متساويا معه في المأكل و المشرب و المركب و الكساء .. لم يكن يحابي عائلته و لا الولاة تطبيقا للإسلام المحمدي بل إن هناك آيات قرآنية نزلت وفق رؤية عمر : فيما يخص مقام إبراهيم و آيات الحجاب .. آيات الأسرى في غزوة بدر ..
إضافة إلى كل هذا فهو الذي أطاح بكسرى و انتصر على قيصر و فتح القدس ..
هذه نتف فقط من سيرة الذين يعمل بعض المتطرفين من الشيعة على قذفهم و الإساءة إليهم رغم تلك المناقب و تلك المواصفات و تلك الأخلاق السامية ..
إنهم يكذبون هذه الحقائق و لا يصدقون سوى بما ورد في كتب مثل الكافي المملوء بالخرافات و الأكاذيب على الإمام الصادق أبي عبد الله ( ض ) من أجل أن يصدقهم الغير ، و لكن هذا الغير و لو أنه منهم مثل : العلامة الشيخ الداعية الشيعي : علي الأمين و العلامة الشيخ محمد حسين فضل الله ، بدؤوا ينتفضون ضد تلك الخرافات و الانحرافات التي إن بقيت ستعمل على محق مذهب الإمام جعفر الصادق الذي كان صادقا و لم ينبس في حياته بما يمس برموز الإسلام.. لذا كان دائما محبوبا و مقبولا و عظيما ، و لا ننسى أنه كان أستاذا للإمام أبي حنيفة ..
إن كتاب ” الكافي ” مملوء بالرواية عن أبي عبد الله أي جعفر الصادق ( ض ) و أبو عبد الله لا يمكن أن يخوض في تلك الترهات ، و من يكذب هذا عليه أن يقرأ كتاب ” الكافي ” .
على المتطرفين الشيعة أن يعلموا أن الإسلام أخلاق و انضباط و أن محمدا بعث ليتمم مكارم الأخلاق و ليعلموا أيضا أن القذف و السب محرم قطعا شرعا و قانونا بالنسبة للإنسان العادي و بالأحرى بالنسبة لرموزنا أمثال عائشة و أبو بكر و عمر ..
يقول القرآن الكريم : ” إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ” ..
و يقول أيضا : ” إن الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادة أبدا و أولائك هم الفاسقون ” .
و يقول أيضا : ” يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ” ( الحجرات ).
رغم ما سبق و رغم أن الإمام علي رضي الله عنه كان له أولاد سماهم بأبي بكر و عمر و عثمان و رغم أن عمر كان متزوجا بأم كلثوم ابنة علي ، و رغم شهادة علي لما مات أبو بكر مخاطبا إياه : ” كنت أول القوم إسلاما و أكملهم إيمانا و أخوفهم لله و أشدهم يقينا و أعظمهم عناء و أحوطهم على رسول الله ﷺ و أحسنهم صحبة و أفضلهم مناقب و أشبههم برسول الله ﷺ هديا و خلقا و سمتا و فعلا .. ” .
و رغم أن عليا لم يثبت عنه أنه قذف في عائشة أو في أبيها أو في عمر لأن خلق الإمام كان خلق المسلم الثابت الزاهد في الدنيا و في الحكم .. كان مؤمنا بالقضاء و القدر ، كانت علاقته بأبي بكر علاقة مؤمن بمؤمن و صادق بصادق و قد قال بصدد البيعة : ” و إنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله ﷺ إنه لصاحب الغار و ثاني اثنين و إنا لنعلم بشرفه و كبره و لقد أمره رسول الله بالصلاة بالناس و هو حي ” ..
ألا يكفيهم أن عليا رضي الله عنه تعامل مع أم المؤمنين عائشة ( ض ) في واقعة الجمل بعد الهزيمة تعامل الأولياء الصالحين بصفتها أم المؤمنين إذ تكفل بتكريمها و إرجاعها للمدينة المنورة صحبة بعض نساء الكوفة معززة مكرمة ..
رغم هذه الحيثيات و رغم طول المدة ، ما زلنا نرى البعض يطل علينا من بعض الفضائيات يسب و يلعن و يقذف في أمنا عائشة و أبي بكر و عمر بن الخطاب رضي الله عنهم رغم أن الظروف تغيرت.. إنهم يتكلمون و كأنهم في حملة انتخابية و كأن عائشة و أباها و عمر يتجولون في العراق مرشحون لمناصب يزاحمون عليا و هم يحاولون مناصرة علي للفوز بالمنصب المنشود عندهم و هو الخلافة المبكرة علما أن عليا كان زاهدا مؤمنا صالحا و سبق له أن بايع أبا
بكر و عمر و لم يواجههما قط في حياته بل كان مساندا لهما و معضدا و لم ينبس بكلمة حول توليه الحكم في عهدهما.. الخلاف كان بينه و بين معاوية و ليس مع أبي بكر و عمر ، معاوية هو الذي تسلط على الحكم بدون شورى و هو عوض أن يتبع المنهج الإسلامي الراشدي في الحكم اختار مسار كسرى و قيصر و قضى على الخط الراشدي الإسلامي ..
إن ما يقوم به هؤلاء هو محض افتراء و تخريب للأمة الإسلامية العظيمة و هو لن يؤدي إلا إلى التفرقة بين المسلمين و تهديم الثقة في جوهر الإسلام ، يضحكون علينا خصومه و خاصة الغرب الصليبي المنافق الذي يريدنا دائما ممزقين متخلفين منهوبين مغفلين مستلبين..
إذا اختار متطرفوهم هذا الدرب فنحن نختار طريق الإيمان بالله و رسوله و أهل بيته و خلفائه الراشدين و أئمتهم وأئمتنا و لن نذكر أحدا بسوء ، شيء واحد لا نقبله أبدا أبدا أبدا من متطرفيكم هو النيل من أمنا عائشة رضي الله عنها و خليفة رسول الله أبي بكر و أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، هذه الرموز الفاعلة المجاهدة الطاهرة لو أنهم فعلا يعملون على وحدة المسلمين و وحدة المذاهب لحاولوا منع متطرفيهم من المساس بمشاعرنا ..
إننا في إمكاننا كتحدي أن نسب و نطعن و نقذف في جميع رموزهم و نخلق مجامع و نتلفظ بأقبح الأقوال فوق المنابر و في كل مكان .. الخ ، لكننا لن نفعل و لن نفعل خدمة لهذا الدين و رفقا بالمسلمين لأن السب و اللعن و القذف و تكفير المسلمين لا ينم إلا عن الجهل و انعدام الأخلاق و انعدام الإيمان بالله و رسوله ..
إن العدو الوحيد الذي يجب أن نواجهه متحدين هو الامبريالية الأمريكية الغربية الصهيونية الفرنكفونية ، هذه التي تريد السيطرة علينا و على كياننا و تدمير هويتنا و ديننا و مستقبلنا ..
لذا ، تكون الوحدة بيننا ضرورة ملحة بعيدا عن التشنج المذهبي نابذين كل ما يفرق بيننا من أجل وحدة أمة عظيمة ذات رسالة خالدة ..
إن المؤتمرات الأخيرة للدول الإسلامية بحضور ترامب الصهيوني تَدُلُ دَلالة واضحة أن هناك خُطَــة لضـــــرب المسلمين بعضهم ببعض و إنهاكهم و ابتزازهم لتبقى إسرائيل و أمريكا الـــرابح و تبقى الأمة الإسلامية هي الخاسرة و المُهانة ، و إذا استمَر الأمر كذلك فسلموا على فلسطين و القدس، و ليعتبر العرب و المسلمون أنفسهم وقتذاك عبارة عن أتباع مستعبدين لا يملكون بصيصا من الحرية و قد استولى الغرب المنافق على كل ثرواتهم و تركهم يتسولون و يتوسلون بدون كرامة .
لذا ، كانت الوحدة ضرورة ملحة …