بوليف و”امّي عايشة” وزيد وعمرو
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( امّي عايشة )
الخميس 11 ماي 2017 – 15:45:23
نجيب بوليف، الــوزير الذي ترقى “هُبــوطـًا”، لم يجد حرجا في تحقير امرأة متقدمة في السن، “تَظــاهَـرَت” بــالوسيلـة التي قــدرت ــ على خطورتها ــ أنَّهــا سـوف تُثير الانتِبــاه إلى قضيتها فتسلقت عمودا كهربائيا في مركز حكومة بوليف، الذي “عاب” في تدوينته “المسلية” على وسائل الإعلام إشارتها إلى “امرأة تسلقت عمودا كهربائيا، وعارضة أزياء اشترت خاتما، وممثلة طلقت، وعن وعن” دون الإشارة إلى ذكرى الإسراء والمعراج…..
حقيقة أنَّ البيجيدي عَـوَدَنـــا على “المعجـم الدّينــي” لبعض مسؤوليه، من قبيل “إننا نشتغل مع الله”، أو إن هذه الحكومة “مباركة” و “مرضية” عند الله لأن الله أرسل عليها الغيث مدرارا، أو أن “زلزال الحسيمة من غضب الله”، أو أننا إنما نريد الجنة، ولا تهمنا المناصب ولا “خز الدنيا” !
مثل هذا الكلام لا يستحق الاهتمام، بل هو لغط سياسي يعتبره الكثيرون ضربا من ضروب “البروباغاندا” السياسية المكشوفة. إلا أن كاتب الدولة “المؤمن” (كما كان يحلو لـ “سادات” مصر أن يلقب ) الذي فرع رؤوسنا ب”تنظيراته الكروية” التي لا تعتمد لا على علم ولا خبرة ولا حتى على قدر محترم من الهواية، سمح لنفسه بأن يتوجه بانتقادات للرأي العام الوطني ، عبر “القنوات الخاصة والعمومية والجرائد الورقية والإذاعات ـ ولم يذكر مواقع التواصل الاجتماعي لغرض في نفس بوليف ـ بعدم الإشارة إلى ذكرى “إسراء أفضل خلق الله، من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى، ومعراجه عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا…”.
ولا شك أن بوليف لا يجهل أن الاحتفال بالإسراء والمعراج طقس من الطقوس الاسلامية في المجتمع المغربي بوصف خاص، يحرص المغاربة على الاحتفاء به بصورة تلقائية، ودون ما حاجة إلى من ينبههم إلى ذلك، ولا داعي لوسائل الإعلام، مكتوبة كانت أو مشاهدة أو مسموعة، أن تصدر أعدادا ممتازة أو برامج خاصة، لتذكير المسلمين بها لأنها مناسبة دينية ينتظرها المغاربة كل سنة، بالرغم من أن تاريخ ليلة الإسراء والمعراج لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها ولم يثبت ، حسب الإمام ابن الباز رحمه الله، وغيره من الأئمة الكبار، أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ” احتفلوا بها أو خصوها بشيء من العبادات.” ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر”.
ولا شك أن الوزير النبيه، يعلم أن من واجب الإعلام الانتصار لمن آذتهم الدولة بإجراءات ظلمتهم أو انتزعت منهم حقا من حقوقهم، أو عرضتهم للضياع، كما أنه لا حرج في أن تلتفت وسائل الإعلام إلى بعض جوانب الأخبار الخفيفة و”المريحة” بالنسبة للقراء والمستمعين والمشاهدين، بعد هذا التدني الفظيع لمستوى الحياة السياسة والحزبية ولطبيعة البرامج والوعود الحكومية التي فقدت عند العديد من المواطنين “بريقها” وجديتها ومصداقيتها.
وما ضر أبا الليف أن يحتفل على خاطره وبطريقته بما يعتقد أنها مناسبات دينية تستوجب الاحتفال ، أو أن يدعو الناس إلى الاحتفال بالأعياد المقدسة عند المؤمنين، دون أن يحتقر أحدا أو أن ينكر على أحد من الناس حقه في الاختيار والتعبير…..ودون إساءة مجانية لأحد من الناس.. الأمر الذي اضطره ليقدم “مليار اعتذار” للسيدة التي تسلقت جدار الموت من أجل الحياة، وليدين “أولئك الذين هربوا الموضوع لوجهة غير وجهته”.
أي وجهة يا صاحب المعالي !
ألم يكن كلامك واضحا با يكفي لنفهم أنك تتحدث عن “امي عايشة” بعد ما غزت صورتها مواقع إعلامية عديدة في الداخل والخارج، شاهدة على الظلم الذي يمكن أن يلحق الضعفاء في بلاد يحكمها الأقوياء من دعاة الإسلام المالكي السني الأشعري، وتداولت أخبارها منابر إعلامية وطنية وأجنبية ليخلص بوليف إلى القول بأن المرأة “كبيرة بإرادتها وكبريائها في منظرها” وأن “النظر إليها وهي على ذلك العمود الكهربائي يجعلك تسائل نفسك والمجتمع ، ونضيف (و الحكومة الأولى والثانية)…. ألف سؤال !!!…..
وخلال تدوينة اعتذاره، تكرم الوزير بوليف على سيدة العمود الكهربائي بـ “حفنة” من “الأدعية” المباركة المستجابة إن شاء الله، في أن يفرج الله عليها كربها ويفتح عليها من بركاته وخيراته” آمين. ولم يبد أي استعداد للاطلاع على “كربها” الذي دعا له بالانفراج، ولا على “خيراتها” التي تعرضت للسطو من طرف الأقوياء، كما تدعي…. ولكنه رفع أكف الضراعة….. وانصرف إلى مشاكل النقل التي تكلف بها في وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، ولم ينس إن يعطينا درسا بليغا في اللغة العربية التي يملك أسرارها و “صدفاتها” حين تحدث عن “نماذج غير اسمية لثلاث حالات” وقال إن اللغة العربية
تفيد “أنك لما تتحدث عن زيد ولم تتحدث عن عمرو، فإنك تطالب بان يكون حديثك عن عمرو كما كان حديثك عن زيد، ولا يمكن أن يذهب إلى تقليلك من قيمة زيد”.
وهكذا تكون الأمو رقد اتضحت بما فيه الكفاية. فالمسألة ليست مسألة أمي عايشة ولا مسألة عارضة الأزياء التي اشترت خاتما ولا قضية الممثلة التي انفصلت عن زوجها. إنما هي حكاية زيد وعمرو، اللذين طغى شغبهما على أمثلة الفاعل والمفعول في أمثلة النحويين.
بهذا نطق سهمك ودل فالك والله أعلم.
(من موسوعة “قرعة الأنبياء” لنجيب….حسين محمد) …