الريف مفخرة المغرب ومدرسة العالم.. هو منا ونحن منه
جريدة طنجة – محمد العمراني (حراك الريف )
الثلاثاء 23 ماي 2017 – 17:02:35
يتحَدّث الشباب الريفي الغاضب عن حراك اجتماعي، وعن مطالب لإخراج الريف من واقعه البئيس الراهن، وعن المسؤولية التي تتحملها الإدارة المركزية، والحكومة، والدولة ، في هذا الإخراج، الذي سيمكن من انبثاق ريف جديد ، يتحرر فيه المواطنون من قبضة شبكات البارونات والمافيات.
يتحدث شباب الحراك الريفي، عن مستشفيات وعن جامعات وعن طرق وعن بنية تحتية، يتحدثون عن بناء تنمية جديدة، بهياكل إجتماعية واقتصادية جديدة، من أجل القطيعة مع الريف المتسول والريف المستعبد، الريف الذي يتسول لقمة العيش من صدقات التضامن الأسري التي تدرها تحويلات العمالة المهاجرة بالخارج، والريف الذي يستعبده الرأسمال المشبوه لأخطبوط بارونات المخدرات ومافيات العقار.
وفي سبيل هذه القطيعة مع واقع التسول والاستعباد، يستنجد الضمير الجمعي الريفي بالرمزيات التاريخية، من صلب الأمجاد المغربية المشتركة، الأمازيغية الريفية والتي شكلت طوال تاريخ المغرب الجدار البطولي الذي تحصن به المغرب الإسلامي، وتمترس به غرب الأمة الإسلامية من هجمات عدوان الصليبية الأوروبية، في ذروة الصراع الصليبي/الإسلامي، وكذا الرمزية المغربية التاريخية الخالدة، أمجاد الريف بقيادة البطل المغربي التاريخي عبدالكريم الخطابي في دحر جيوش الاستعمار، الإسبانية والفرنسية.
الاستنجاد والاستقواء بالرمزيات التاريخية، ليس دعوة للإنفصال، وليس إحياء لنعرة قبلية، كما يذهب إلى ذلك من يحلو له أن يحرف الكلم عن مواضعه، ومن يروق له أن تتسعر نار النعرات والعداوات بين أبناء الأمة الواحدة، الأمة المغربية.
فالأمازيغية الريفية التي ينتشي برموزها وأعلامها المتظاهرون هي ملك مشترك للمغاربة، والأمجاد البطولية لريف الملاحم التي يتفاخرون بها هي رصيد تاريخي مشترك للأمة المغربية.
والحراك الريفي، في هذه المحطة من عمر الوطن، يهز جذع المغرب، كي تساقط خيرات المغرب وتتقسم سوية على كل مساحة البلاد، وحتى لا يبقى هناك مغرب نافع ومغرب متروك لبأس الجبال ولبؤس الانعزال في الحر والجفاف والقر والثلوج.
وللريف دين كبير على المغرب، فكل ذرة من ثرى الريف ، هي خزان تاريخي لشرف المغرب وعزه وسؤدده، ومعركة أنوال التي قادها البطل الخالد عبد الكريم الخطابي، هي من عظائم المعارك في تاريخ العالم الإسلامي، وترقى إلى سماء الملاحم التي خلدها عظماء الأمة الإسلامية، سعد بن أبي وقاص، وخالد بن الوليد، و طارق بن زياد، ويوسف بن تاشفين، وصلاح الدين الأيوبي، والظاهر بيبرس ، وقطز، وعبد المومن الكومي، والسلطان الفاتح العثماني ، وعبد المالك السعدي، بل إنها أعظم البطولات وأمجدها، لأن الانتصارات التي تحققت من قبل، تحققت والأمة الإسلامية قوية في عهودها متحدة ومترامية في نفوذها، أما أنوال فقد صنعتها قبائل الريف، في ضعف من العدد والعدة، وفي حصار مضروب من الأرض والجو والبحر، وفي غياب تام للعالم الإسلامي المتفكك تحت سلطان وسطوة الغرب الاستعماري.
وطوال ست سنوات من سنة1921إلى سنة 1926 ظل ريف المغرب النقطة الأكثر إشعاعا في العالم، والمادة الإخبارية الأولى في وسائل الإعلام الدولية، والحالة الأكثر رعبا للعالم الغربي الاستعماري والإمبريالية الدولية، وكاد البطل عبد الكريم الخطابي أن يقلب مسار التاريخ في ميزان القوى بين عالم القوى الاستعمارية، وعالم الشعوب المستضعفة، لولا أن الروح الصليبية والإستعمارية ألبت كل دول العالم الغربي،بما فيها أمريكا لمساندة الجيوش الجرارة التي دفعت بها فرنسا وإسبانيا من أجل إستئصال جبروت القبائل الريفية المتحدة بالإيمان حول شجاعة قائد عبقري.
هذه التجربة البطولية الإستثنائية لمغاربة الريف، المحدودة في الزمان : ست سنوات، والمكان: جبال الريف، كانت مدرسة لشعوب العالم المضطهد، الذي تعلم الإرادة وقواعد حرب التحرير، وكانت سببا في الإطاحة بأمبراطوريات الاستعمار في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتنية، واعترف بذلك ماو تسي تونغ، وهو شي منه والجنرال جياب، وشي غيفارا.
في عز سُؤدده الكِفاحي لم يقبل الريف عرض القوى الإستعمارية له بالانفصال، ولم يكن لأحفاد حماة شرف الأمة المغربية والأمة الإسلامية جمعاء، أن يخرجوا عن إرث الأجداد، ويبقى الريف الذي هو منا ونحن منه، مستحقا من المغرب الشيء الكثير..