محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( آراء )
الخميس 11 ماي 2017 – 16:21:51
بحسب “حيثيات” اليوم المعلوم، فقد خُصص الأخير للاحتفاء بمبادئ حرية الصحافة و تقييم أحوالها في أنحاء العالم، كما الدفاع أيضا عن وسائط الإعلام ضد ما سُمي “هجمات تُشن على حريتها”.
احتفال “الصُّحفجية”، حسب تسمية الشيخ إمـام، هـذا الحَـوْل، تزامن مع تذيـُّل المغرب قوائم التصنيفات المتنوعة المُتعلقة برصد حدود و مدى احترام هذه الحرية المفترى عليها كما غيرها من المفاهيم.
الواقع أن هذه التصنيفات عادة ما يجري إعدادها بحسب هوى القائمين عليها و اعتمادا على معطيات تتدافع فيها الإحصاءات و الاستنتاجات مع المغالطات و المبالغات. لست هنا بصدد محاكمة نوايا مُعِدِّي هذه الترتيبات “السلبية” تجاه المغرب، بل بصدد “تنبيه الغافلين” إلى أن “حرية الصحافة” قد تحررت فعلا من أوزار الرقابة و المنع و لم تعد، على الأقل في حالة المغرب، بحاجة إلى من يدافع عنها، بل هي، على الراجح من الأقوال، في حاجة إلى من “يُقوِّمُ” اعوجاج سلوكها و يوجه انحرافاتها اللّاأدبية نحو الصراط “المستقيم”.
الشعار الذي رفعته اليونسكو هذا العام يتحدث عن”عقول متبصرة في أوقات حرجة”، مع ما يرتبط بهذا الشعار المتهالك من أحاديث نمطية عن دور الإعلام في بناء المجتمعات السلمية و تشييد الأسس العادلة والشاملة للجميع، وبالطبع، مع ما يضاف إلى ذلك مما اعتاده الناس من بهارات تُتَبَّلُ بها المقالات الصحفية و التحليلات الإخبارية.
الحقيقة أن إعلان “ويندهوك” نص على أنّ حرية الصحافة لا تتحقق إلا بتحقيق بيئة حرّة وقائمة على التعدّدية، وهو شرط مِسْطري، أو إجرائي، تحقق في “نازلة المغرب” منذ واقعة تحرير السمعي البصري، ولم يعد “التحرير” بذلك غائبا، أمام انتشار أحواض الترددات على امتداد الجغرافيا الوطنية.
إن تقويم “الاعوجاج السمعي”، الذي لحق إعلام المغرب في عصر “التحرير الراديوي”، في انتظار “التحرير البصري”، يستدعي “هجمة إعلامية شرسة” لحماية هيبة و وظائف الإعلام التي انحدرت إلى الدرك الأسفل؛ و بدل حماية وسائط الإعلام، التي يدخل الراديو في جنسها، يجب “قمع” تردداتها و تجفيف أحواضها من الأدران الاستماعية، اعتبارا لجسامة المغالطات التي أصبحت الإذاعات الخصوصية بوقاً لها.
قبل أيام معدودة، و كان ذلك في فاتح مايو من العام الجاري، استمعت بالصدفة لبرنامج تذيعه إحدى المحطات الإذاعية يُكنّى مُقدمه بالطيب، وحدث أن اتصل به أحدهم عارضا أنه عامل بضيعة زيتون وأنه تعرض لاعتداء و أن العدالة لم تنصفه و لم ينْسَ التذكير، على الهواء، أنه “تشرف” كذا مرة بزيارة السجن في أكثر من مناسبة، و استمر في ادعاءاته غير المؤسسة على صحة الوقائع، و لا على برهان ناصع؛ فيما انطلق الدكتور كريبان، كما يُلقب، في الهلهلة و البسملة، قبل أن يذكِّر بحديث قد يكون رواه “أبو هرّ” مفاده أنه من الأفضل للمؤمن أن يكون في “موقع المظلوم” بدل أن يكون في موقع “الظالم”، و أن يثق في القانون “السماوي” بدل القانون الوضعي، و رغم أن هذه “الفتوى الدينية” مبرِّرَةٌ للاستكانة و التخاذل عن نصرة الحق، قد يجوز التغاضي عنها، لكن أن يتطاول الدكتور المزعوم و الواهم السيد “طيب كريبان” و ينتقل للإفتاء في العلوم الطبية فهذا ضرب من الشعوذة الخارقة للعوائد.
فقد زعم هذا الدكتور، الذي لا يُعلم موضوع “أطروحته” و لا يُعْلم التخصصُ الذي حاز فيه هذه الشهادة، أن العلم، و لا يدري أحد أي علم من العلوم هو، أثبت أن الإصابة بأمراض معينة لا يمكن تفسير سبب إصابة الإنسان بها عبر الوسائل و البحوث المخبرية، قبل أن ينتهي إلى القول بأن الإصابة في هذه ذلك تحدث بسبب الإصابة بما سماه”مس شيطاني”.
لست أدري من أي جامعة تخرج هذا البهلول، لكني أعلم أن القناة الإذاعية التي تفتح منبرها، في غفلة دائمة من الهاكا، لمثل هؤلاء المعتوهين تستحق أقصى عقوبة تأديبية، لأنها أنتجت جيلا من الطلاب “الباحثين” في اسلاك الجامعة المغربية، يعولون في نجاح اختباراتهم بالدرجة الأولى على الدعاء المستجاب للدكتور كريبان !..