وضعية مسرح سرفانطيس بطنجة إلى أين ؟ … (3)
جريدة طنجة – م.الحراق ( مسرح سرفانطيس )
الأربعاء 05 أبريل 2017 – 10:58:49
ولم يقتصر ولوج مسرح سرفانطيس على الإسبان وحدهم، إذ شيئا فشيئا شرع اليهود والمغاربة والمغربيات، والجاليات الأخرى القاطنة بطنجة، في التعود على الحضور إلى هذا المسرح المتفرد، الذي يستحق نظير هذا الإسم في طنجة، (حسب الرسالة التي بعث بها مانويل بينيا إلى وزير الدولة الإسباني “الكونت دي رما نونيس” يوم 14 مارس 1916)، مذكرا بأن هذا القبول من قبل الجمهور كان يوازيه في بعض الأحيان ضعف المداخيل المالية التي كانت تخصص لتغطية مصاريف العمال، وصيانة بناية المسرح، إلا أن هذه الوضعية ليست بالقارية لأن مدخولها مرهون بمدى حضور الجمهور…).
ورغم أن الجمهور الطنجي بدأ يتعود على ارتياد مسرح سرفانطيس، إلا أنه جلب زبناء خاصين، وأمام سعي قاعات العروض الأخرى إلى تكثيف إشهارها ومنافستها، جعلت مداخيل مسرح سرفانطيس تتقلص، حيث أنه كانت خلال الأيام باستثناء نهاية الأسبوع لا تصل المداخيل إلى تغطية مصاريف حتى عمال المسرح، حسب تقرير مدير عقارات الدولة الصادر شهر نوفمبر من سنة 1929.
وأمام الأزمة التي أدركت مسرح سرفانطيس قرر (مانويل بينيا) أن يؤجره للمقاول الفرنسي (روجير مونطيران) في فاتح أبريل 1916 لمدة 12 سنة مقابل إيجار 18 ألف فرنك فرنسي، لكن السلطات الإسبانية لم ترضى بذلك، وتم إلغاء عرض (مونطيران) بعد مفاوضات معقدة، ووصل الاتفاق بين بينيا والحكومة الإسبانية على مساعدة سنوية لسرفانطيس مقدارها 25 ألف بسيطة.
مثقل الكاهل بديون عديدة، وضغوطات عليه من قبل عرض الشراء المقدم من طرف المسمى (والكيم) باسم اللورد (يوطي) مالك البقعة الأرضية المجاورة للمسرح، والذي بني فوقها فندق المنزه، وأمام هذه الوضعيه فاوض (مانويل بينيا) الحكومة الإسبانية سنة 1928، على بيعها المسرح، مقيما اللوم الحجة على حكومة (بريمو دي ريفيرا)، إذا لم تشتريه السلطات الإسبانية، فسيكون لها انعكاس سلبي، في الوقت الذي تسعى فيه هذه السلطات لتوسيع نفوذها السياسي، عن طريق الزيادة في عدد المصالح الإسبانية في المدينة، مذكرا بمصلحة السلطات الإسبانية في اقتناء المسرح، نظرا لطابعه الإسباني الصرف، ولأنه البناية الوحيدة والرئيسية آنذاك، والفريدة من نوعها التي بقيت في أيدي إسبان طنجة.
هذا في الوقت الذي كانت فيه مفاوضات باريز حول وضعية طنجة قد رفع من حدة التنافس الإسباني الفرنسي، إلا أن وضعها الدولي أبعد أحلام من كانوا يظنون أن طنجة إسبانية، بالاعتراف ضمن الوضع الدولي بسيادة السلطان على طنجة، يعادل لديهم البقاء افتراضيا في وضع الإلحاق بالمنطقة الفرنسية.
ودخلت السلطات الإسبانية في مفاوضة، وصفها (مانويل بينيا) بالصعبة، مع لجنة للتقييم كانت تتكون من المهندس المعماري (كارلوس أفيلو)، ومهندت بلدية طنجة (طوماس غوميز أثيبو)، وأحد المهندسين من مدينة طنجة (دييكو خيمينس)، حيث تم تقييم المسرح بما قدره (485،391) بسيطة، وهو الثمن الذي اقتنته السلطات الإسبانية.
وأمام تضاعف عدد الجالية الإسبانية بطنجة خلال 15 سنة من الحماية الدولية، أضحت الخدمات الإسبانية غير كافية لتلبية حاجيات المواطن الإسباني بطنجة، ولم تكن مدارس (كاسا ريبيرا) المشيدة سنة 1913 كافية لاستيعاب الأعداد الكافية من المتمدرسين الإسبان، ولم يشرع في بناء مدرسة (رامون إيكاخال) حتى سنة 1929، وانتهت الأشغال بها سنة 1935، لذا كان لزاما على السلطات الإسبانية أن تضع حلا لتمدرس الأعداد من أبنائها المقيمين بطنجة، وفي يوم 30 يونيو من سنة 1928، ومن خلال جواب للقنصل الإسباني على وضعية التعليم كحل مؤقت، اقترح استغلال مسرح سرفانطيس لاستغلاله للدراسة.
في سنة 1974 أجر مسرح سرفانطيس لبلدية طنجة، إلا أن عقد الإيجار هذا بطل سنة 1993. وكان آخر نشاط أقيم في هذا المسرح يوم 10 ديسمبر سنة 1993، معرض للصور عن طنجة بالأبيض والأسود، وفي سنة 2008 تم طرح إمكانية إنشاء مؤسسة شبه عمومية تحت الرعاية السامية لملكي المغرب وإسبانيا، لإنقاذ ما يمثل جزءا من الثرات الإسباني المغربي. ومازال سكان مدينة طنجة يتساءلون عن وضعية سرفانطيس إلى أين ؟….