التلفزة المُفلسة… سخافة وصفاقة..
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( التلفزة المغربية )
الأربعاء 05 أبريل 2017 – 12:30:43
باستثناء البرامج الحوارية التي تحرك المياه الراكدة في دار التلفزة فإن هذه الأخيرة تستحق أصفاراً عديدة وليس صفراً واحداً، ويُعتبر ما يُنفق على هذه الدار اليتيمة، وما يرصد لها من اعتمادات وأغلفة مالية مجرد إسراف، وتبذير، وإهدار لمال عمومي لا يُستفاد منه… ولا تتحقق من وراء إنفاقه أية نتيجة إيجابية فهو مال سائب وضائع بل حتى مسلسلاته وتمثيلياته مكررة ومُعادة في غالب الأحيان، فليقلبوها تلفزة إشهارية وليريحوا الناس من فلتان الأعصاب، رغم أن جل المغاربة إن لم يكونوا كلهم قد أعرضوا عن هذه التلفزة المُلفلسة… نشرات الأخبار لا تحمل الجديد فهي عبارة عن أنشطة رسمية ومؤسساتية ومعارض تختمها بأخبار دولية مبتسرة تابعها المشاهدون تفصيلا أحداثا وصوراً ومراسلات ناطقة، مصورة في تلفزات أجنبية لذا فهم في غنى عن نتف أخبار التلفزة، ثم صورة من ثلوج إيفران أو شلالات أوزد ثم النشرة الجوية عن أحوال الطقس ورحم اللّه عبداًً قال آمين ثم تبدأ مهازل لا هي تنشيط، ولا هي تثقيف مع مباريات كروية بتواريخ قديمة مع خليط من العربية و كلمات فرنسية يأبى البعض إلا أن يخلط بها خطابه كتوابل لا بد منها لإيصال المعنى ولبيان صورة الشخص المتضرر المثقف الحداثي وهو عكس الحقيقة، فالشخص إياه متخلف، مُستلَب (بفتح اللام) مُستغرب، فاقداً للهوية، فهو متدرج بين ولاءين، وفكرين، وعقليتين ولغتين.
الغريب أن يَلوذ المسـؤولــون عن القطــاع بصمت القبــور، فـإمّــا أنّهـُـم لا يُتـابعـون ما تَبُثُه هذهِ التَلفَـزة مـن سخـافـة وصفـاقـة وضحك على الـذقــون وهذه مصيبة، أوهم يتابعون ويصمتون ويلوذون بجحورهم لِعجزهم عن الإصـلاح وتلـك مصيبة أكبـر.. لقد سَبَــقَ للـرّاحــل الصحـافي محمد العربي المساري رحمه اللّه أن ح،اولَ إصـــلاح هذا الجهـــاز، مع إعادة هيكلة الدار ولكنه وجد الأمر أصعب وأعقد مما كان يتصور… وأن حالة التسيب والضحالة تنخر في جسد الجهاز … وأن لوبي الفساد أقوى من أن تجابهه أي إرادة للإصلاح.. و رغبة لتخليص الدار من هيمنة أطراف العناكب المعششة في ظلام الصمت.
والجهل والتواطُـؤ، ويكفي أن نلقي نظـــرة على الأغلفة المالية المُخصَّصة لبعض المسلسلات والأفلام الهابطة ليتجلى بعد مسؤولي القطاع عن كل اهتمام بشؤونه، واستخفاف بعقول المغاربة الذين هجروا الجهاز وداره وما يأتي منهما، ورغم تناوب عدد من المسؤولين وزراء أوصياء ومسيرين للقطاع فإنه لم يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، بل إنه زاد تخلفا وتراجعا.. ويمكن للملاحظ المتتبع أن يكتشف بسهولة بأن جل البرامج والمسلسلات مُعادة… وأن بعض البرامج التنشيطية كبرنامج تغريدة مجرد فضاء مسخ لكل من يجيد القفز وهزّ الأرداف وإطلاق العنان لأصوات منفرة ناعقة لا تكسب قدراً بسيطاً من الحس والذوق الفني، لا يبقى للتلفزة طبعا سوى برامج حوارية قليلة يريدون بها كسب بعض التعاطف واستقطاب بعض المشاهدين، ولكن هيهات أن تصلح التلفزة المفلسة ما أفسده الدهر..