المعجزة، والخوارق، والقرآن
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( ” القرآن، المعجزة” )
الجمعة 31 مارس 2017 – 17:49:50
• لا سبيل إلى إنكار المعجزات، ولكنها تظل محدودة الزمان والمكان
• لا يحتاج الإيمان باللّه إلى دليل من الفيزياء والكيمياء وشطحات الدراويش.
إذا تركنا العلم ، واتبعنا الخرافات وظلمات الجهل، ومعلقات الأضرحة، واستمراراً لعرض الدكتور جلبي فإننا نحمل يحمل الآيات البينات بحمولات ثقيلة بدعية فنحشوها ونذيلها تفسيراً وعرضاً بكل كشف علمي أو مستجد في عالم الاختراع…
قل كلٌّ من عند اللّه وهو قول صادق أريد به باطل وضلال، ومثل ذلك الذي يعلق كل مصائبه على مشجب القدر والمكتوب وهما من اللّه، فكذلك من ينسب كل مستجد علمي إلى القرآن، ويصيح في وجه الكل سيما علماء الديانات الأخرى بأن الآية الفلانية سبقتهم إلى كشف ما اخترعوه، وأن الكل موجود في القرآن…
وكما يقول سبينوزا الفيلسوف الهولندي فإن اعتبار قدرة اللّه التي لا تظهر إلا في خرق قوانين الطبيعة، وأن أقوى برهان على وجود اللّه هو زعزعة الثقة في نظام الطبيعة هو جهل باللّه، وبالطبيعة، وبالقانون، فقد قام المسيح الدجال بمعجزات وصلت إلى حد إحياء الموتى… وفرعون لم يؤمن رغم آيات بينات… والمعجزة تعتمد على الخوارق والقرآن بعيد عن هذا الاتجاه، وقدرة اللّه تعالى أبت أن تستجيب لطلبات خرافية اعتماداً عل إبراز خوارق، نعم فلا سبيل إلى إنكار المعجزات ولكنها تظل محدودة الزمان أي في فترة من الفترات خصوصاً فترات الأنبياء والرسل… ومحدودة المكان فهي قد شملت محيطها فكل رسول بُعث لقومه في دائرة محدودة إلاّ سيد الخلق أجمعين محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذي بُعث للناس كافة فمحا ما قبله، فلا يمكن أن يُشق البحر يوميا، ولا يمكن أن ينزل كتاب سماوي كل حين بعد القرآن الكريم، الذي نزل على سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم كما فعل مسيلمة الكذاب النبي المزعوم مع قرآنه فإذا كان محمد عليه السلام نزلت عليه سورة البقرة، فقد ادعى أنه نزلت عليه سورتا (الفيل) و(الضفدع)…
“…يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي ما تنقين، لا الشارب تمنعين، ولا الماء تكدرين، نصفك في الماء ونصفك في الطين…”
و”الفيل وما أدراك ما الفيل، له خرطوم طويل وذيل وثيلٌ” وقد رسخ الفيلسوف (محمد اقبال) مفهوم النبوة بانها فكرة عملاقة وأن النبوة تحولت من نموذج قديم إلى نموذج لا ينقطع إطلاقاً، يعتمد زخم العقل والعلم، وآيات اللّه في الافاق والأنفس ومعها ينتهي عصر الخوارق والتفوق والامتيازات فلا نبي بعد، ولا خوارق تدشن، وليس هناك من كانهن يُعتمد، أوعراف يُصدّق، ووقت السِّحر ولّى…
وبهذا ينهار جبل جليدي محاط بأسيجة خرافية، وأسوار اتكالية تنسب كل موبقة وظاهرة إلى اللّه حتى واللّه خير لا يأتي منه إلاّ الخير طبعا كلّ من اللّه، بمعنى أن كلّ إنسان لما خلق له، أوما جُبل عليه وهو الذي مال حيث مالت به الريح أي الاهواء، فكيف بسارق أو قاتل أثيم يقول أنه المكتوب، وأن ما فعله كتب عليه وكأنه مجرد من العقل الذي زين به اللّه الانسان وفضله واصطفاه، فهل الله أمره بالسرقة أو القتل…. وهل اللّه كتب عليه إلا ما أراد لنفسه، وكذا في العلم فتخلف الأمة الاسلامية وفشلها يدفعها إلى تعويض العمل والجد والابداع بالتشبث بأسبقية السلف إلى العلم والمعرفة والاختراع…. وإلى وجود هذه الظواهر والكائنات العلمية في القرآن… تعتمد على هذا الموروث الركامي ثم تخلد إلى النوم، ويقوم المال بقضاء حاجيات المأكل والمشرب والحاجيات الضرورية كوسائل الدفاع وغيرها دونما حاجة إلى سهر ومثابرة وكدّ…. فالشعب الصني لا يجد وقتا للراحة وتكفيه سويعات قليلة للنوم، واليابانيون يأكلون وقوفاً أكلاً خفيفاً لا يرهق جهازهم الهضمي ولا يصيبهم بامراض التخمة المزمنة ثم يتجهون إلى المعامل والمكاتب على متن دراجاتهم الهوائية، ويصنعون ويصدرون، ويتعلمون، ويربحون، ويقفزون إلى الاعالي دون أن ينتظروا أن تمطر السماء ذهبا ولا فضة،.. أو أن ينزل اللّه مائدة من السماء… ودون أن يدعوا أن ما أنجزوه بالعلم موجود في عقيدتهم والإ لأراحوا وارتاحوا وما وضعوا حجرا فوق حجر، ولا حديداً مع حديد، ولا سيارة ولا طائرة ولادبيب علم يتوهج ويُضيء..
الاسلام يحث على طلب العلم ولو في الصين….
وهو مفروض من المهد إلى اللحد… ولكن الغير مقبول هو أن نلتقط ما يخترعه الآخرون ونقول أننا كنا السباقين إليه، وأن ما أنجزوه موجود في القرآن ثم نجتر ما فعله الأقدمون من عرب وفرس، وما نقلوه عن أمم أخرى، كاليونان ونحكيه ونردده ونتحدث عن الخوارق كأفعال تكتنف عالمنا.. . وتوجد في كتابنا، ومع أن الخوارق كأفعال تكتنف عالمنا… وتوجد في كتابنا، مع أن الخوارق كما قلت انتهت زمنا ومكاناً طبعا بقيت لها ذيول وهي مرتبطة بحياة البشر وكينونتهم ومجالاتهم وسعيهم، لا بمعجزات سائرة أزلية… وللموضوع بقية….