الذّكرى الواحدة والستون لإعلان استقلال المغرب
جريدة طنجة – عزيز كنّوني ( إعلان استقلال المغرب (2مارس) )
الثلاثاء 07 مارس 2017 – 12:48:28
وسواء رضينا أم لم نرض بالمسار الذي اختير في فترة حرجة من تاريخ المغرب النضالي من أجل الاستقلال، فإن 2 مارس يظل تاريخا مفصليا مرتبطا بالمفاوضات المغربية الفرنسية وبأداء وفد المفاوضين المغاربة المتكون من ممثلي حزبي الاستقلال والشورى والاستقلال أمثال عبد الرحيم بوعبيد، زمحمد اليازغي، وعمر بن عبد الجليل، والمهدي بن بركة، وعبد القادر بن جلون، وأحمد بن سودة، وعبد الهادي بوطالب، ومحمد الشرقاوي، بالإضافة إلى شخصيات “مقربة” أمثال مبارك البكاي والفاطمي بن سليمان ومحمد المقري.
إلا أن المستعمر حشر في الجانب المغربي ما أسماه الراحل محمد عابد الجابري بـ “القوة الثالثة” المكونة من بعض القياد وزعماء بعض القبائل وحفنة من الموظفين في الإدارة الفرنسية وبعض المتعاملين من المصالح الاقتصادية الفرنسية بالمغرب، كما دعي لباريس مدبر الانقلاب بلى الشرعية بالمغرب باشا مراكش وعدد من الخونة.
ولكن الوطنيين المغاربة رفضوا لقاء “القوة الثالثة” المرتبطة بخدمة الاستعمار، لأنهم عملاء للإقامة العامة الفرنسية كما يقول الراحل عبد الهادي بوطالب الذي كان ضمن الوفد المغربي، ما اضطر الفرنسيين إلى صرفهم.
ففي 2 مارس من سنة 1955، وبعد أن أدعنت الحكومة الفرنسية تحت ضغط النضال السياسي والكفاح المسلح للمقاومة المغربية، لمطالب الشعب المغربي بعودة المغفور له محمد الخامس وأسرته إلى وطنه، وإعلان استقلال المغرب، طلع رئيس الحكومة الفرنسية بفكرة “الاستقلال داخل الترابط” بعد عودة الملك الشرعي وإعلان Edgar Faure الاستقلال. وصدر بيان بعد دعوة محمد الخامس إلى “لا سيل سان كلو” بتاريخ 6 نوفمبر 1955 يعلن قبول الجمهورية الفرنسية لعودة جلالة الملك محمد الخامس إلى عرشه في يوم 16 نوفمبر والشروع في المفاوضات بشأن استقلال المغرب.
وعلى لا سيل سان كلو، تم الاتفاق على استمرار مجلس الوصاية على العرش في مهامه ، في انتظار عودة جلالة الملك إلى عرشه، وتشكيل حكومة مغربية تعكس مختلف التيارات السياسية للرأي العام الوطني من أجل مباشرة المفاوضات مع الحكومة الفرنسية، بهدف حصول المغرب على وضع الدولة المستقلة المرتبطة مع فرنسا بعلاقات دائمة ومحددة بحرية
البيان المشترك بتاريخ 2 مارس 1956
في هذا التصريح يعلن جلالة ملك المغرب والحكومة الفرنسية عزم الطرفين على تفعيل إعلان لاسيل سان كلو بتاريخ 6 نوفمبر 1955 واعتبار أن معاهدة فاس في 30 مارس 1912، لم تعد تتوافق والحاجيات العصرية للمغرب وبالتالي فإنها لم تعد صالحة كإطار لتدبير العلاقات المغربية الفرنسية.
ووفقا لذلك، فإن حكومة الجمهورية الفرنسية تؤكد رسميا الاعتراف باستقلال المغرب،مع ما يقتضيه ذلك من وجود جيش وتمثيل خارجي واحترام لسيادة ووحدة أراضه وفق ما تنص عليه الاتفاقيات اللدولية.
كما أن الحكومة الفرنسية وجلالة ملك المغرب يعلنان أن المفاوضات التي انطلقت بباريس بين المغرب وفرنسا ، كبلدين متساويين وذوي سيادة كاملة، تهدف إلى إبرام اتفاقيات جديدة تحدد الترابط بين البلدين في الميادين ذات المصلحة المشتركة كما تحدد مجالات التعاون على أساس الحرية والمساواة خاصة في مجال الدفاع والعلاقات الخارجية والاقتصاد والثقافة وتضمن حقوق وحرية الفرنسيين المقيمين بالمغرب والمغارية المقيمين بفرنسا في احترام تام لسيادة الدولتين.
وقد وقع على هذا التصريح كل من امبارك البكاي رئيس الحكومة المغربية وكريستيان بينو وزير الخارجية الفرنسية.
و ألحق بهذا البيان الرسمي بروتوكول ينظم جانبا من العلاقات المغربية الفرنسية، يتعلق بممارسة السلطة التشريعية وإنشاء جيش وطني برئاسة جلالة الملك، وبتسليم السلط، وانتساب المغرب إلى منطقة الفرنك، وضمان حقوق الفرنسيين بالمغرب واعتماد ممثل فرنسا بالمغرب بصفة “مندوب فرنسا السامي”.
ومهما كانت الظروف التي مر بها الربع ساعة الأخير من الوجود “المباشر” للاستعمار الفرنسي بالمغرب، وسواء اعتبرنا أن مفاوضات قصر لاسيل سان كلو وإيكس ليبان كانت سلبية أو إيجابية، فإن الشعب المغربي بقيادة العرش ونضال الرعيل الأول من الزعماء الوطنيين المغاربة وبتضحية أبناء الشعب المغربي الأحرار، قبل و”بعد” إيكس ليبان، استطاع أن يحقق معجزة الاستقلال بأن بنى، في نصف قرن، دولة عصرية بكل مقومات الدولة وأعاد وحدة الأراضي التي خضعت للاستعار الاسباني، وقام بتصفية النظام الإداري الدولي الذي خضعت له منطقة طنجة، وحقق حضورا قويا في الهيئات والمنظمات والمحافل الدولية، واستعاد أراضيه بالجنوب، عبرمعجزة “المسيرة الخضراء المظفرة، وما زال يناضل من أجل تأمين الصحراء المغربية وصيانتها من تكالب شرذمة الجزائر الشقية،
والجهاد الأكبر لا زال مستمرا ..