سمـيّة أمغار
جريدة طنجة – سمـيّة أمغار (اثبات النسب)
الجمعة 03 مارس 2017 – 11:43:02
المحكمة بنَت حُكمها على عَدد من الاتفاقيات الدولية التي صادق عيها المغرب والمتصلة بحماية حقوق ومصالح الأطفال الطبيعيين وحقهم في التعرف على والديهم البيولوجيين، متجاوزة بذلك مجموعة من الأعراف والاجتهادات القانونية التي كانت تقول بعدم قبول الاعتراف بأبوة الأطفال المولودين خارج “الإطار”.
ولقد أجمع العديد من الخبراء على أن السبق الذي سجلته ابتدائية طنجة، يكمن أصلا في مبدأ قبول الدعوى من الأساس، شكلا وموضوعا، وليس فقط في طريقة معالجتها قانونا، بما يحفظ حقوق الطفلة موضوع الدعوى وهي حقوق ثابتة شرعا، لأنه لا ذنب لها فيما حصل، و لأن ( كل امرئ بما كسب رهين) “الطور 21″، و ( لا تزر وازرة وزر أخرى) “الأنعام 164”.
المحكمة بنت أيضا حكمها على الدستور المغربي الذي يكلف الدولة بتوفير الحماية القانونية والاعتبارية والاجتماعية والمعنوية لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعهم العائلي، ولهذا، ولاعتبارات أخرى، قضت المحكمة بثبوت البنوة بين الطفلة والمدعى عليه اعتمادا على الخبرة الطبية التي أثبتت العلاقة البيولوجية بينهما.
إلا أن المحكمة ميزت بين البنوة التي يثبتها العلم وبين النسب الذي لا يثبت إلا بشهادة عدلين أملحين، ذوي صدق وورع وصلاح…… !
وبالتالي فقد رفضت المحكمة طلب المدعية بالنفقة وألزمت المدعى عليه بدفع تعويض للمدعية عن الضرر الذي تسبب لها فيه بإنجاب طفلة خارج الزواج “الموثق”، خاصة والمدعى عليه سبق وأن توبع بجنحة الفساد في هذا الملف، وأدين بشهر سجنا موقوف التنفيذ.
التعويض جاء أيضا من أجل تمكين المدعية من حضانة الطفلة، ورعايتها وتحمل كافة المسؤوليات، ماديا ومعنويا، بمفردها، فيما يخص تربيتها وإطعامها وتعليمها والعناية بها مدى الحياة، وكأنها صاغتها بمفردها من كروموسوماتها الـ 23 زوجا دون تدخل الفاعل الذكوري ليبقى هذا الأخير خارج المسؤولية، ولتذهب هي إلى الجحيم !
ولقد لقي حكم ابتدائية طنجة إشادة واسعة في أوساط الفعاليات الحقوقية والمنظمات الأهلية كما عملت مختلف المنابر الإعلامية على نشره على نطاق واسع، اعتبارا لأنه اتسم بجرأة كبيرة إذ اقتحم حاجزا تقليديا من الفتاوى والأحكام والاجتهادات المتصلة بالأطفال الطبيعيين الذين “يتفنن” بعض الفقهاء في وصفهم باللقطاء، وأولاد الزنا، وأبناء الملاعنة و “يجتهدون” في إصدار الفتاوى والأحكام القاسية، فيما يخص نسبهم وصلاتهم وصيامهم ونكاحهم وهل يصلى عليهم بعد مماتهم وهل يرثون ويورثون، وما إن كانوا سيدخلون الجنة أو أن مأواهم النار وبئس القرار، وهل يلحق المولود بنسب أبيه إذا اعترف ببنوته……
وفي هذا الباب يُشَدّد الفُقَهَــاء على أن لا سبيل لإلحاق طفل طبيعي بنسب أبيه البيولوجي، حتى وإن تزوج “صاحبة دعوته”. أتدرون لماذا ؟ لآن ماء الزاني فاسد !!…. (الإمام النووي) وعلى المرأة أن تطهر من الماء الأوّل في حال َزواجها حتَّى لا يختلط النكاح بالسّفــاح !