هل من قومة بعد هذا الانحدار
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( هل يستفيق العرب من سُباتِهِم !؟ )
الأربعاء 22 مارس 2017 – 11:27:41
لقد سبق أن وضعوا خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، واضعاف القدرة المالية لدول الخليج، وتقزيم دور مصرفي المجموعة العربية والقارية والدولية، وبالمقابل تعزيز دور وفعالية الكيان الصهيوني، السرطان المهيمن في المنطقة، فرغم أن دول الجوار ودول أخرى تنصاع للقرارات الأممية وبالاحرى قرارات مجلس الأمن إلاّ هذا الاخطبوط لا يعبأ بكل قرارات وتوصيات العالم… ويكفي كمثال اقامة الوحدات الاستيطانية، ونزع الاراضي الفلسطينية وهذم البيوت، والسماح للمستوطنين باقتحام المسجد الاقصى وهو ما استنكره العالم أجمع عبر مجالسه التقريرية وغيرها إلاّ أن شيئاّ من وضع الاستبداد والاستتعباد وهمجية القتل المجاني لم تتغير… ولم تعبأ آلة صهيون العابثة بكل الادانات، والشجب، كما استصغرت وجود العالم الاسلامي لتأكدها من خذلانه ومذلته وتمسحه بالدول الكبرى التي تملك مفاتيح التصرف حلاّ وعقدا.
خريطة العالم الجديد راعت مصالح الاخطبوب الصهيوني فحولت دول الجوار إلى كيانات ضعيفة منقسمة لا تَملك مَصير نفسها… وزَرَعَــت بـُذور الفِتنة والانفِصـال في جَمـاعـات عِـرقية لم تَكُن لتَقْوَى على رَفْـعِ عَقيرتها وراياتها أيّـام صدام… كانت العراق قُـوّة أطـاحَ بها الغَدرُ فــــأصبحت فلولاّ تقاوم حجافل المغول لفك الأسرغى الأرض والانسان، مذعنة لوصايا ايماءات الكبار الذين يرتعون في المنطقة وكأنها ملعب في حي من أحياء أقلياتهم… لقد تنبأ الكثير من خبراء الاستريجيات والتوقعات بما سيؤول إليه وضع المنطقة، وبالتالي وضع العالم في افراز مفاهيم ونظريات جديدة يذوب فيها الضعيف تحت جناح القوي…
ما رأيكم في كوريا الشمالية… فهي منكبة على المجال العسكري… قوية رغم وضعها الاقتصادي…
ورغم العقـوبـــات و التّهديد بـالمزيـد فإنّهـا مـاضية في تطوير تِرسانَتها العسكرية، واجراء تجارب متتالية لأسلحة دَمار بعيدة المدى، مُتبانية لشعار “الحق على أفواه المدافع”، ومؤمنة ـ عمليا ـ بـــأن خير وسيلة للوقاية هي الاستعداد للحرب وكأنّهـــا واقعة غداً، وأن من يملك وسائل ردع يستحيل التفكير في مُهاجمته… ورغم كل تهديدات القوى الكبرى المناوئة لها فإنّهَــا مـــاضية في تطبيق سياستها العسكرية دون أن تعبـــأ بالتهديد والوعيد والعقوبات… من يملك القوة يملك الحق… ومن يملك الحق يملك كل شيء حتّـى رقـــاب عباد اللّه. وقد رأيناكم هي رخيصة أرواح العـــرب ونحن نرى بألم حشود اللاجئين غَضبـــًا، والمنفيين إجباراً والشاردين في أرض اللّه الواسعة؟… وكيف أنه إذا سقط اسرائيليا واحداً ولو جريحاً قامت الدنيا ولم تقعد، وزحفت الجرافات تدك بيت الفلسطيني وعشيرته التي تأويه دكاًّ.
وكيف يتحرك الغرب بكل قواه لانقاذ مواطنين له أسرى أو مختطفين أو ضحايا؟!.. وكيف تطالب أمريكا اليوم بتعويض أهالي برج مانهاتن (المجمع التجاري) في نيويورك، فلماذا الكيل بمكيالين ؟ ولماذا الصمت عن مـأســاة الــلاجئين والمطرودين إلاَّ من أصــوات مبحـوحـة مـــرتبكة من منظمات حقوقية و نسانية واسعـــافية و إغــاثية دولية كـأطبــاء بـــلاحـدود… و الصلــيب الاحمر… ومفوضية اللاجئين الدولية… وغيرها؟!.. لماذا لا يتحرك الضمير الانساني لانقاذ هذه الجُمـــوع رغـــم أن ما يُنفق ويهدر على موائد القمار في موناكو، وليل، ونيس، ونيويورك، وهونغ كونغ في ليلة واحدة كفيل بانقاد هذه الجموع المؤلفة قلوبها وتغذيتها وتطبيبها، بل إن ما ينفقه مليارديرات من أبناء جلدتنا في بذخهم، وسمرهم، وحفلاتهم ، وحفلات ابناءهم وأحفادهم فساد في الأرض، ولهو وتفاخر في خضم لعبة هي الحياة ـ يوم تكوى بها جبــاههم وجنـــوبهم ذوقـــوا ما كنتم تكنزون، ولو استقاموا على الطريقة، ولو اهتدوا لكانت صدقة غامرة قد تفك ضيق وعذاب أسر لاجئة، مشردة في أصقاع الأرض وفيافيها…
وفي مدن عربية واسلامية نساء عند أبواب مساجدها طالبة، مستجدية، ذليلة وهي تلوح بجــواز سَفَرهــا… صـورتــان متنـاقضتـان لـوضـع شـــاذ تقاسم الأدوار فيه كل من القوة المتمكنة، والشر التفكيري الظلامي… والسؤال هو هل من قومة بعد هذا الانحدار؟ ومتى يلتئم الجمع وتزول التناحرات والحزازات والاطماع التي تحرك ذوي العقول الهشة المريضة في قومنا الذين تنكروا للعروة الوثقى، وانسلخوا عن قيم التضامن والتشارك وحسن الجوار؟….