هل فقد مجلس مدينة طنجة البوصلة؟!..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( “ساحة التيران” )
الثلاثاء 07 مارس 2017 – 11:19:23
ينبغي الاعتراف أن وصولهم إلى قصر المدينة خلق آمالا عريضة في نفوس سكان المدينة، الذين راهنوا على إحداث تغيير في آليات تدبير شؤونهم، و كانت ثقتهم لا حد لها في قدرة الإخوان على وضع قطيعة مع الماضي، خاصة على مستوى تعاطيهم مع الملفات الحارقة: (أمانديس، التدبير المالي، تصميم التهيئة، العلاقة مع سلطات الولاية…)، علما أن طريقة تدبيرها من طرف المجالس المتعاقبة ظلت موضع انتقادات عنيفة من طرف حكام قصر مدينة طنجة الجدد..
لكن بعد مرور 18 شهر على بسط سيطرتهم المطلقة على مجلس المدينة ومجالس المقاطعات الأربع، يحق لنا أن تساءل ما إذا وجدت آمال و انتظارات ساكنة المدينة طريقها إلى التنزيل على أرض الواقع؟..
طيلة المدة الانتدابية السابقة، لم يتردد الإخوة في جعل أمانديس موضوعا محوريا في استراتيجيتهم التي انتهجوها كفريق متموقع في المعارضة ..
الجميع لازال يتذكر المرافعات القوية، المنتقدة لأسلوب الأغلبية السابقة في التعاطي مع شركة أمانديس، ولازال صدى الخطب الرنانة التي كان يتسابق على إلقائها صقور الحزب يتردد بين جدران قاعة الاجتماعات بقصر البلدية…
حينها كان الجميع منبهر بحدة الانتقادات الموجهة للأغلبية السابقة:
محاباة الشركة…
التغاضي عن محاسبتها..
تبادل المنافع والمكاسب..
ولذلك، ما إن تحمل الإخوة مسؤولية التدبير، اشرأبت الأعناق لمعرفة القرارات الحاسمة الني سيتخذونها لوضع حد لجبروت الشركة التي أهلكت البلاد والعباد..
وكم كانت الصدمة قوية…
فبعد أسابيع قليلة من تسلمهم مقاليد تدبير شؤون المدينة، سارع الإخوة إلى المصادقة على مراجعة عقد أمانديس، الذي بقي مجمدا طيلة سنوات من طرف المتهمين ب “التواطؤ” مع الشركة الفرنسية، والمصيبة أن نتائج المراجعة كانت معدة سلفا، وأن الإخوة أخلفوا وعودهم بمحاسبة أمانديس، التي فرضت سلطتها على مجلس المدينة، وأدخلته إلى بيت طاعتها، بل أكثر من ذلك حصلت على قرار بتمديد إقامتها في مدينة طنجة إلى غاية 2027!…
أما على مستوى التدبير المالي للجماعة، فإن الإخوة استهلوا سنتهم الثانية بإقرار زيادات صاروخية شملت جميع الرسوم و الجبايات المحلية، في عملية عقاب جماعية للمدينة، وكأنهم يعاقبون الساكنة على منحهم الثقة..
الإخوة برروا هاته الزيادات بكون ميزانية الجماعة في خطر، بسبب تنفيذ الأحكام القضائية، وبالتالي فالمجلس مهدد بالإفلاس إن لم يتخذ هذا القرار!..
غير الحقيقة الغير قابلة لإخفائها بالغربال، هو أن الإخوة أبانوا عن فشل ذريع في ابتداع الحلول للرفع من الموارد المالية، ونهجوا الطريق السهل، وليس هناك من مورد مضمون غير جيوب المواطنين الذين هم أصلا ممن يؤدون ضرائبهم، في الوقت الذي تم التغاضي فيه عشرات الآلاف من غير الملزمين…
افتقاد الإخوة لرؤية شاملة عن تدبير شؤون المدينة، دفعهم إلى الاكتفاء بالتدبير اليومي، واتخاذ قرارات غير مدروسة لمعالجة ملف بملف، بل وصل الأمر حد التخلي عن معظم الاختصاصات المخولة لهم بموجب القانون، ومنحها إلى وكالة تنمية أقاليم الشمال، التي حلت محل مجلس المدينة في مجال التجهيز وإنشاء البنيات التحتية..
غير أن قمة التيهان والتخبط والعشوائية وصلت حد التخلي عن ترميم أحد المعالم التاريخية للمدينة، يتعلق الأمر بساحة التيران، التي كان المجلس السابق قد خصص حوالي ثلاث ملايير سنتيم من أجل إعادة تأهيلها…
فبعد أن وصل الإخوة إلى الباب المسدود، وبعد استنزاف جميع الفصول، باستثناء تلك التي لا تؤثر على الكتلة الناخبة، لجأوا إلى الاعتمادات المخصصة لترميم “بلاصا طورو”، من أجل سداد قيمة اقتناء العقارات التي ستنجز عليها المرافق الجماعية، وهو القرار الذي سيتم ترسيمه يوم 14 مارس الجاري، مع ما يعنيه ذلك من إطلاق رصاصة الرحمة على هاته المعلمة، التي سيصير مصيرها الاندثار خلال القادم من الأيام، في جريمة بشعة، لم يكن يدر بخلد ساكنة المدينة أن يقترفها الإخوة، الذين نصبوا أنفسهم خدام لمصالح الساكنة، وحماة لذاكرتها ومآثرها…
ما يحدث اليوم بمدينة طنجة على يد الإخوان، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن مجلس مدينة طنجة فقد البوصلة حقا!..
والله يخرج العاقبة على خير… ..