نقطة وعودة الى السطر..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( مرحلة بن كيران انتهت! فهل يتغيّر شيء مَعَها )
الثلاثاء 21 مارس 2017 – 10:33:06
سحب التكليف الملكي من بنكيران، وقرار الملك محمد السادس بتعيين شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية رئيسا جديدا للحكومة مكلفا بتشكيلها، هو بمثابة نقطة نهاية مرحلة وعودة إلى السطر، على جميع الفاعلين السياسيين، وفي مقدمتهم قادة حزب العدالة والتنمية استيعاب مغازيها…
لا يجادل إثنان في كون إعفاء بنكيران هو إقرار بفشله في تدبير مرحلة المشاورات، بل ويتحمل كامل المسؤولية في المنغلق الذي وصلته مفاوضات تشكيل الحكومة، الذي عجز عن الفصل بين موقعه كرئيس حكومة معين على عاتقه مسؤولية تشكيل الحكومة، وبين عبد الإله بنكيران الشخص وزعيم حزب العدالة والتنمية، المعروف بنزوعاته التحكمية، و ميله لقمع كل من يخالفه الرأي..
إن المتأمل في أسلوب بنكيران منذ تعيينه رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيلها، عقب فوز حزبه في اقتراع 7 أكتوبر، سيسجل بكثير من الاندهاش والاستغراب كيف أن الرجل اختار منذ أول يوم على تعيينه أسلوب الوعيد والتهديد كلغة للتخاطب مع رؤساء الهيئات السياسية المفترض أنهم سيشكلون معه الحكومة..
بل أكثر من ذلك، فإن بنكيران المأخوذ بنشوة نتائج اقتراع 07 أكتوبر، قام بتقسيم الأحزاب إلى فسطاطين، المتحالفة معه محسوبة على فسطاط الخير والصلاح، أما تلك الخارجة عن طوعه، فقد أحالها على معسكر الشر الذي يجب محاربته!..
لقد وصل الخطاب السياسي درجة من الحضيض، غير مسبوقة في تاريخ الحياة السياسية ببلادنا، لدرجة أن بنكيران لم يعد يتحرج في اللجوء إلى “السبان و المعيور”، وكأننا لسنا أمام رجل دولة، يفترض فيه التحلي بالكياسة والحكمة والرزانة…
بالله عليكم هل هناك رئيس حكومة في العالم يتحدث عن مشاورات تشكيل الحكومة أمام شباب حزبه، قائلا : “الى شفتو الاتحاد فالحكومة عرفو باللي ماشي هداك عبد الإله بنكيران”؟..
هل هذا منطق للمفاوضات؟!..
من حسن حظ المغاربة أن هناك ملك حريص على حماية الاختيار الديمقراطي، ولذلك فإن تدخله جاء في الوقت المناسب لإرجاع الأمور إلى نصابها، بعد أن كان قد نبه بنكيران في وقت سابق إلى ضرورة تشكيل الحكومة على قاعدة الكفاءة وليس بمنطق الغنيمة و الأغلبية العددية، ثم جاء لقاء مستشاري الملك بنكيران أبلغوه فيه رغبة الملك في اخراج الحكومة في أقرب وقت، ومع ذلك أصر بنكيران على عدم التجاوب مع الرغبة الملكية في الإسراع بتشكيل الحكومة على قاعدة الكفاءة، بل إن الرجل اختار تحدي الجميع، وقرر الاعتكاف في بيته، مع اختيار التوقيت المناسب لخرجاته الإعلامية من أجل تصريف مواقفه، وتوجيه الرسائل لمن يهمه الأمر..
لم يعد هناك مجال للشك، أنه بصدور البلاغ الملكي فإن مرحلة بنكيران كرئيس حكومة وكأمين عام لحزب العدالة والتنمية تكون قد انتهت إلى غير رجعة، وأن الكرة الآن في مرمى حزب العدالة والتنمية، الذي بات عليه استيعاب الرسالة، ولم يعد من خيار أمامه سوى مراجعة خطابه ومواقفه، وسحب اشتراطاته التي لن تزيد إلا من عزلة هذا الحزب، مثلما بات الحزب أمام تحدي تجديد نخبه، التي يجب عليها أن تتحرر من ثقل الأحكام الجاهزة..
وهنا تَحضُرني تدوينة للباحث والقيادي امحمد جبرون، الذي اعتبر أن قرار استبعاد بنكيران، هو مناسبة لكي ” تراجع بعض الأسماء القيادية مواقفها، والتي كانت بخطابها و خرجاتها وتصرفاتها تسعر الصراع وتزيد من حدته؛ يجب الاعتراف بأن المشروع الإصلاحي ببلدنا هو مشروع يقوده جلالة الملك محمد السادس، وأن الفاعلين الحزبيين بما فيهم البيجيدي هم ديناميات في إطار هذا المشروع أو على الأقل هذه هي الصورة التي يجب أن يكون عليه الوضع..”…
فهل سيلتقط حزب المصباح الإشارة؟..
ذلك ما ستكشف عنه الأيام القادمة..