محنة مسافر
جريدة طنجة – عمران بوشعيب (مسافر ومحنته!)
الجمعة 03 مارس 2017 – 10:33:10
زرت المدرسة التي كنت أدرس فيها، ذكرت أستاذي زملائي،تذكرت محفظتي التي كنت أضع فيها قطعة خبز والزبد البقر التي كنت أقوم برعيه في وقت الراحة كيوم الجمعة والأحد والعطل… والبقال خالي أحمد تغمد الله برحمته التي كنت اشتري منه قطع الحلوة بريال ابيض اللون….
زرت الأودية التي كانت تغمرني السباحة فيها وجدتها جافة قاحلة سارت بنايات وأزقة وطرقات …..
قصدت تلك المقبرة الوحيدة سارت هي الأخرى كبيرة ، هناك دفن أبي وكل عائلتي فبكيت وبكى معي الجميع ..
فعدت من أتيت ….عدت إلى عاصمة البوغاز ، ضميت أولادي إلى صدري وقلت ماتت عائلتي الكبرى وهاته عائلتي الصغيرة وسرت أنا اليتيم أب مجهولا، قصدت تلك الحانة فوجدت الطريق المؤدى لها أصبحت خاص بالراجلين،وقفت سيارتي المتواضعة بعيدا عنها وقصدتها راجلا، ليس الدخول إليها كالمعتاد، فوجدت أناس طويلين القامة وغليظين البنية(مشرفين على الباب ،حراس الباب أو بما يسمى حراس الأمن الخاص) هم وجوها جديدة ، حييتهم عند الدخول فابتسموا لي نصف الابتسامة، ،دخلت …فجلست… فصفقت كالعادة القديمة على النادل ،فجاء نادل مرقم ب 4 مسرعا ، صبيت الزجاجة في الكأس وصبيت الكأس في جوفي …..
سـارَت طـامــو الرّيفية التي ألهَمت الجميع أنداك بجمالها الساحر و بمالها حارسة للمرحاض في نفس الحانة،نظرت إليها بإشفاق منحني الرأس وتذكرت مثل لجبران خلبل جبران عندما سئل:كيف يصبح السيد عبدا لعبده ،قال الإنسان يصنع آلة ثم يسيرها فتسيره هكذا يصبح السيد عبدا لعبده أما الملقبة ب إيطو المنحدرة من جنوب المغرب ما زالت تحمل علامة الجمال على وجهها مكلفة على الجانب الأيسر من الحانة كنادلة تحمل رقم 2…..سارت أسماء كثيرة تلج هذا المكان كسمير وسميرة ،نجل ونجلاء، نوفل ونوفلة….من الزبائن الجدد ،سارت إشارات جديدة …لغات مبهم …
يتبادل بها الزبائن بعضهم البعض ،وسرت أنا المجهول كاهلا لم تعرفني سوى طامو المكلفة بحراسة المرحاض كأقدم زبون زار المكان في تلك الليلة….. إلى أن صفق النادل رقم 01 فخرجت منحني الرأس، اسمع النادل رقم 03 خلف الباب يقول للزبائن شكرا على الزيارة..