صاحب رائعة «الزين فالثلاثين » الفنان الذي أعطى الكثير و لم يجنِ غير التهميش واللامبالاة
جريدة طنجة – حاورته : لمياء السلاوي ( محسن جمال” )
الخميس 16 مارس 2017 – 12:05:23
• «على نفسها جنت براقش »، هذا المثل العربي يحمل الكثير من المعاني التي يمكنها أن تجعله ينطبق على الفنانين الذين وجدوا أنفسهم في خريف العمر على حافة الإهمال واللامبالاة، بعد أن تنكرت لهم الجهات المسؤولة بجميع شعبها، حالة الأستاذ الفنان محسن جمال، ليست إلا فيضا من غيض، فالفنان في المغرب هو شمعة تحترق بألم وصمت من أجل أن يسعد الجمهور وينعم بدفئها .
على الرغم من أنه عاد أخيراً من رحلة علاج قاسية، إلا أن ابتسامته لا تفارقه، ورحابة صدره يشهد له بها الجميع، أكثر من 30 سنة من العطاء المتواصل أعطى فيها الفنان محسن جمال، للأغنية المغربية أبعادا جديدة، لم تكن مألوفة من قبل في الساحة الغنائية المغربية، أغاني عصرية بلفظ سليم ولحن متوازن وصوت به من الإحساس الكثير والكثير . في هذا الحوار، يتحدث لنا محسن جمال، عن غيابه الإضطراري عن الساحة الفنية مؤخرا وعن حال الفن في المغرب الآن وعودته القوية حالما يتماثل للشفاء بإذن الله…
• • أولا : مــررتُ بظُـروف عـــائلية أحزنتني وترَكت جُرحــًا في قلبي لا يزال ينزف إلى الآن، مرض والداي ثم وفاتهما، كل هذا جعلني أقضي كل أوقاتي معهما، لأنعم برضاهما إلى آخر رمق، لتأتي المشاكل الصحية مباشرة بعد ذلك، لكني حاضر بروحي مع جمهوري وسأعود لهم بعمل قيّم قريبا جدا .
ثانيا، الفنان المغربي اليوم هو الجاني والمجني عليه في نفس الوقت، فهو جنى على نفسه باختيـــاره ممارسة الفن كمهنة وهو المجني عليه حين يبلغ محطة خريف العمر وتبدأ أضواء الشهرة في الإنطفاء من حوله، فتتقاذفه جدران التهميش الباردة، هذا في حالة اذا لم يجد نفسه بين جدران ديار الرحمة حتى يوفيه الأجل .
وضع الفن اليوم لا يطمئن، معـانــاة الفنان لا يمكن بتاتا فصلها عن مشاكلنا الإجتماعية والإنسانية والثقافية التي نتخبط فيها، ولا يمكنها أن ت شُكل استثناء علينا تخطيه، بل على العكس وجب إظهارها ومناقشتها علنا دون خوف أو خجل حتى نصل إلى حل بأقل خسارة ممكنة، فالفن جزء لا يتجزأ من النسيج الإنساني والثقافي والإبداعي والتراثي…
لمجتمعنا، والإهتمام به اهتمام بإنسانيتنا وحضارتنا، فلا حضارة بدون فن على الإطلاق، واهتمامنا بالفن يجب أن يصاحبه اهتمامنا بأصحابه، وتهميشهم يعني تهميش الفن ذاته، ورقيهم يعني رقيه.
• • سيّئة جدا، إلاّ من رحم ربي، على هؤلاء الشباب أن يعوا جيدا، أن الفن هو مرآة الشعوب، والدولة التى لا تحتكم على فن راق ولا تعتني بالفن، ولا بالثقافة الفنية، فلا وجود لها، والفنان يجب أن يساهم فى خلق وبلورة رسالة إنسانية، يعبر ويدافع عنها من خلال فنه، فى الوقت الذى طغت فيه المادة اليوم، وأنست الإنسان إنسانيته. لابد أن أشير إلى أن الأغنية لها مقومات حتى تكون أغنية مكتملة. لابد من كلام جميل وهادف والألحان لابد أن تكون صادقة ومركزة، زيادة على الأداء الجيد.كل هذه المقومات التي ذكرتها كانت حاضرة في عصر عمالقة الأغنية المغربية، الذين صنعوا مجد الموسيقى المغربية بحب كبير، لكن مع الأسف هؤلاء رحلوا ولم تبق سوى أقلية. من قبل كان الفن يأتي قبل التجارة والآن صار العكس، التجارة تأتي قبل الفن، فقد صار الفن اليوم عملية تجارية يتحكم فيها منطق السوق.
• • للأسف أهل الحل والعقد في الشان الثقافي بمدينتي لا يعيرون الإهتمام لمن خدموا الفن بإحساس وإخلاص . فكم من فنان رحل وفي قلبه غصة… و كم من تكريم جاء بعد موعد الوفاة والرحيل .
لست الوحيد، وإنما من الأسماء التي أسقطت سهوا أو عن قصد عن سجل التكريم المحلي، وأنا الذي أشتاق إلى التفاتة تمنحني القوة للإستمرار وتعترف لي بما أنجزته لمدة ثلاثة عقود من الزمن .
تكريم الفنان في حياته يمنحه طاقة كبرى، ويحقق دفعة معنوية لتقديم الأفضل، أنا لا أريد أي تكريم بعد مماتي، لأن من يحبني، عليه أن يحبني أولا وأنا حي أرزق.
• • جديدي هو عبارة عن ألبوم غنائي يضم 7 أغان، انتهيت من وضع اللمسات الأخيرة عليها، والتي ستضم أغنية لملك البلاد، محمد السادس، وهي بعنوان «الشعب معاك ،» ومجموعة من الأغاني الأخرى المتنوعة والتي تحافظ دائما على الكلمة الهادفة والرسالة النبيلة.
• • أشكر جمهوري لدعائهم لي بالشفاء طوال هذه المدة، وأقول لهم انا أحبكم ولكوني خلقت فنانا على فراش جدي سيدي محمد العربي التمسماني، سوف ألملم كل ألمي وجراحي وأعود لأحضانكم ومعاودة عناقكم هنا أولا بمدينة طنجة من خلال سهرة اسميتها «رد ةّ الروح » والتي سأحييها بطنجة مدينتي، فور مرور فترة النقاهة على خير، فانتظروني…. فمازال في جعبتي الكثير ..
و هكذا انتهى حوارنا مع الفنان القدير محسن جمال، لأختم وأقول « عار علينا أن نهلل ونقرأ قصائد الرثاء ونسلم بإسمهم شهادات باهت$، لا تغني ولا تسمن من جوع، فقد تعاقبت على قطاع الثقافة العشرات من الأسماء، لكن أيا منهم لم يحفظ الدرس، أيا منهم لم يستوعب أن الفنان يحتاج إلى تكريم وعرفان ودعم وهو حي يرزق، أيا منهم لم يستطع أن يتحرر من بوتقة مقولة « منين كان حي اشتاق ثمرة ومنين بات علقوله عرجون » فضاع الفنان وضاعت كرامته ومات نسيا منسيا ….. .».

















