عُلماؤهم شرٌّ من تحت أديم السماء
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( العلماء )
الثلاثاء 07 مارس 2017 – 16:28:16
قَصَدت أفـــراداً قلائـل لايتَعَــدّون الأقَـل في أصـابـع اليـد الــواحدة، لم يلتمسوا صَدَقــات وزارة الثقـافـة قبـل الغـــرس والحصاد، ولم يتلمسوا طريقهم إلى المجالس التي تُــوزّع المـال يمينــًا ويَسَاراً دُون اعتبـــار لعطـاء أو حصيلة أو بـحث أو مجهـــود ليس فيه إلاّ الاجتهـــاد و إلاّ العلـم بعيداً عن مُهاتَــرات القـربـي… قربى المذهب والعشيرة… هذه القلة لم تخضع لميزان الزبونية والتبعية والولاء، فَولاءها لله وتبعيتها للبحث العلمي… عَجبت لاجتهادها ومُثــابرتهــا وهي تكد جــاهدة لاخــراج ما ضاقت به الروح والنفس والفكر، وفرحة كفرحة الأطفال تعلو محياها، وتطفح على وجوهها الطافحة بشراً وتألقا…
فليس كالعلم تريـاقــًا وبلسماً، وليس كالعالم منارة يُهتدى بها في ظلمات الجهل، وعرصات الجاهلية… ألم يقل الرب جل وعلا: «إنما يخشى اللّه من عباده العلماء»؟… والعلماء يُصبحون فتنة عندما يميلون كل الميل أو بعضه فيتركون الأمة تتخبط في جهل الفتنة التي لا تُبقي ولا تذر… علماؤهم شرٌّ من تحت أديم السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود… هولاءهم الذين ملأوا الأرض في يومنا هذا… في زماننا هذا فأصيحنا كغثاء السيل… فالهزيمة والخذلان من جهة… وفتاوى الظلام والتكفير وتحليل ما حرم اللّه وتحريم ما حلله من جهة أخرى … والعمائم تتوزع ألوانا وأسماءو أشخاصاً ومذاهب، كل يقول أن الحق معه، وأن الصدق له، وأن الدين كله له، فضاعت الامانة… وتشرذمت الأمة… وتاهَ النّـاسُ وتفَرّقـــوا في كل حدب وصوب… وعندما ظَهرَ القـلائــل… القلَّة القليلة من الشرفاء حملة الأقلام وهي سيوف الهداية وليست النّصال الحداد ولا الرصاص الطائش، والبراميل المتفجرة… والصواريخ الطائرة، والغبار السام، وهي كلها أدوات إفناء وفناء، واغتيال للحياة والناس.
هذه القِلّة و رغـمَ ضُعفها المـادي البين اتّخَــذت من الكـلام سلاحــًا… ومن النبع الصافي للاسلام رافداً، فسعت إلى إحيــاء ما أريد اقبـاره ودفنــه، ونـاضَلَت وكتبت وأخرجت دون أن تسعى لمال مشروط أوهبة يصاحبها ضجيج وهدير يجرد العمل المدعوم من قدسيته وهيبته وغطمته علماء وباحثون تبعوا سنن السلف… وتغاظوا عن إملاءات المجالس والمؤسسات، ولم يعتمدوا سوى وازع الدين والضمر.
للعلماء و البـاحثيـن الّـذيـن نَفضَت المَطـابــع صَدأهَــا لاخـــراج ما كتبوه وأخرجوه ودبجوه دون أن يطمعوا في دعم أوهبة أوعطاء كل التحية والتقدير من جيل ظامئ ينتظر عطاءهم وعلى اللّه الاتكال..