الارهاب قاسم مشترك يجمع دولاً وجماعات!…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( “الارهاب” )
الجمعة 17 مارس 2017 – 12:23:43
• أصبحَ للاسلام ألف وجه و اسم..
• وفي ضـوء النهـار تنكَشِفًُ مُـوبقـات ليـل طـويـل..
• لقد صَنَعنـا من جبلة لاتنكسر أو تنصهر..
الليبرالية لا تعني باي حال من الأحوال حرية التصرف دون رادع أو مراقبة، ولا تعني حرية التملك ولو بسلوك طرق الاحتيال والغش، كما حدث في الاستيلاء على أملاك الغير عن طريق التزوير، وحيث تبين أو كبار قوم وشركات ساهموا في خلق هذا الوضع المريض و الشـاذ… ولا تعنى حرية التملك ولو بالطرق المشبوهة التي نهجها الكثيرون فأصبحوا من ذوي الأطيان والضّياع المترامية الأطراف، وما شئت من سائمة وحائمة وسارحة.. وكثيراً ما تُلصق أسماء وأوصافٌ بقوالب ومُجَسَّمـات ومَذاهب تَجنيــًا أو جملاً.
طَبعا فقد عشنا دهراً متخماً بالشعارات والتيارات المذهبية التي كانت تفرض على الشعوب المقهورة فرضاً منذ ما قبل انهيار جدار برلين الانفصالي…. وعشنا معه ونحن نحبو في عالم السياسة والمتغيرات تجاذبات يحركها الاستعمار في كل مكان، وتغذيها أطماع دول ساحقة ما حقة جابت آلياتها المجنونة الأرض طولاً وعرضاً… شرقاً وغرباً وزحفت على افريقيا فابتلعتها وقسمتها، وسعت في الأرض فساداً فخلقت نواة الإرهاب حينمالم يجد المغلوبون وسيلة للتخلص من الاستعباد سوى ممارسة القتل في دهاليز الارض… وأقبية القطارات، والمقطورات… وأمام تصاعد حدّة الظلم والطغيان ظهرت موجات جماعية وتيارات انقلبت إلى جنون يسعى في الأرض فساداً، وأصبح اللاسلام ألف وجه وإسم، وجماعات، يائسة، ساعية للفتنة… ناكرة لدين قومها وهويتها وترابها…. ثم جائت قوى كبرى تطعم هذه الجماعات فخلقتها وأرضعتها لبن الكراهية والشر… ورعتها عتاداً ومالا… ثم أطلقتها تسرح في أرض اللّه الواسعة. تبث الرعب والفاقة والفناء حيثما ذهبت…
هم الذين خلقوا القاعدة… وداعش وباقي الزواحف السامة… هذه القوى الكبرى هي التي مهدت الأرض لتفريخ هذه العناكب… ثم أوجد تهاورعتها… وسلحتها وهي لا تدري أن هذا السلاح سيوجه إليها يومآً، فالسياسة عملة بأوجه عديدة.. والإرهاب قاسم مشترك يجمع دولاً وجماعات… وقد يكون عربيا قد يكون أمريكيا، ولكنه حتما ليس إسلاميا بالمفهوم الصحيح للاسلام، وإنما هي افتراءات اختلقتها بيارق سوداء…. لاتمت لدين وأرض وهوية بلصة إنما هي مركبات غير متجانسة أنتجت جهلا طافحاً، ونزوعاً إلى الشيطان، وسعيا لخلق عالم افتراضي لا مكان فيه لنظام أو أمن، أو طمانينة، أو شعب مسالم، هادئ يعيش في مدينة فاضلة… وفي ضوء النهار تنكشف موبقات ليل طويل دامس لم يعد لباساً ولا سُباتاً ولا نُعاساً بقدر ما أصبح مثقلاً بالآلام والخطايا واحلام آخر الليل….
وقد انطلقنا من مهازل الثروات المتراكمة والمنهوبة والتي يحاولون تبرير وجودها بفضل النظام الليبرالي في بث الطمأنينة والأمان أمام تراكم رأس المال، والثروات المسفوحة، فهم الطلقاء إلى أن تتحرك عملية المراقبة والتتبع إذا تحركت، أو تفوح رائحة خبيثة تزكم الأنوف… وتحرك المياه الرّاكدة التي ألفت الروائح النتنة التي أصبحت تتحرك مع حركة الرياح… وهدير الأمواج… فطفحت على السطح أخبار صفقات وعمليات، وتفويتات، ثم هبات، وداعمات مالية وليست خرسانية!…
هذا في الوقت الذي جُمدت استثمارات… وتلاشت مساعدات شحيحة كأعطيات لشرائح محتاجة، فقيرة مُعوزة، متشردة، هائمة على وجهها في ربوع هدها الفقر، وأرهقتها المجاعة… مجتمع طبقي بامتياز… تفاوت في الكسب بدرجة مفزعة… فهل تدري الادارة أن أرملة تتوصل بمبلغ تقاعد عن زوجها لا يتعدى 300 درهماً، وأخرى مسنة تقبض أقل من هذا المبلغ بكثير، ومع ذلك يريدون لهما أن تعيشا وتحييا…منتهى السخف، ومنتهى اللاّمبالات، وقمة التفاوت المهين بين التخمة والمخمصة…
فأين يكمن العيب؟ هل في قوانين صندوق التقاعد… أو في المسطرة المتبعة لإعداد ملف الحصول على التعويضات المعاشية؟ أو في مجمل المنظومة القانونية المتبعة والسائدة والتي لا تتغير مهما تغيرت الظروف والأحداث وتبدلت؟ وهكذا تظل هذه القوانين مع غيرها من القوانين معلقة بين السماء والأرض… جامدة في زمانها ومكانها لاتساير عجلة تحركت… لا ظروفاً تغيرت ولا مسارات جدّت… وعلى الأرض تبخرت كل وعود مساعدة ودعم الفقراء، فالميزانية جامدة معطلة ولا تستطيع حتى تغطية المصاريف والنفقات الضرورية في مجال الاستثمار والتجهيز نظراً للظروف الحالية، وجمود الوضع أمام حالة السبات التي نعيشها، فكيف بنا أمام حالة الشريحة المعوزة، والملتصقة بالأرض الجرداء العارية، والجدران الشاحبة…
وأمام هجرة كثيفة تخلط الأوراق، وتخلف وضعاً فوضويا يسري في أوصال المجتمع كالنار في الهشيم، ويحطم كل استقرار تسوده الطمأنينة والأمن، وقد تبين إحصاءً وملاحظة ودراسة بأن أغلب إن لم نقل كل الجرأم المرتكبة هي بفعل مهاجرين يبحثون عم الملاذ في أمكنة أخرى خارج دواويرهم ومدنهم ولو بسلوك طريق الانحراف، وإثبات الذات بالاجرام، والسعي إلى حياة لا يهم إن كانت حلالا أو حراماً، فالغاية تبرر الوسيلة.. وهذا ما يُعقّد مسؤوليات الأجهزة الساهرة على أمن المواطنين وراحتهم، وحماية أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم حديث ما هو كائن… وما نطمح أن يكون حديث طويل ومليئ بالشجن…. فعصي على الفهم قبول وضع بهذا التدحرج، وصعب أن نحيا حياة مزدوجمة لا أخلاق فيها.
وغريب على بلد له طموح يسع الأرض، وهذه الارادة في الارتقاء، وهذه العزيمة على التخلص من تبعية اللسان واللغة والاقتصاد، والسياسة، والصناعة أن نقبل بوضع المستكين، الصعيف، المستسلم….
لقد صنعنا من جِبلة لا تنكسر أو تنصهر، ولا تعرف بد يلاعن ثوابتها الراسخة، ومنها تستمد أسباب وجودها، وقوتها، وبقاءها، واستمرارها بعيداً عن ذيول الماضي، وتحديات الحاضر… وشوائب المستقبل. .