المجلس الجماعي وحكاية شَراكة الـ 240 مليون سنتيم مع جمعية لم تَصل بعد سن “الفطام”
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( المجلس الجماعي و خلق جمعية ستستفيد من 240 مليون سنتيم !! )
الثلاثاء 14 فبراير 2017 – 11:54:11
لن أدعوكم إلى تعداد “مناقب” المجلس الجماعي وعثراته وهفواته، فالتعليقات الصحافية وردود الفعل لأهالي المدينة تغنيني عن ذلك، لأن الانطباع العام الذي تركه مجلس الجماعة لدى السكان من خارج “الدائرة المعلومة” أن المجلس “يخبط خبط عشواء” ، وجاءت حكاية الملايين الـمائتين والأربعين لتقضي على البقية الباقية من ثقة المواطنين وتفاؤلهم بإمكانية الوصول إلى بر الـ 2021، بسلام !
وسبب هذا “التشاؤم” طريقة تعامل مجلس الجماعة مع ملف مركز أحمد بوكماخ الذي تتشرف مدينة طنجة بحمل اسمه الخالد في مجال الفكر والأدب والتعليم والتربية، حيث عمد إلى “تأسيس ” جمعية على مقاس، وبسرعة فائقة، وفي سرية تامة، ليخصها بشراكة أقل ما يقال فيها إنها مشبوهة، وبدعم مالي بمبلغ 240 مليون على ثلاث دفعات سنوية .
حرص مجلس الجماعة على “تمرير” مشروع جمعيته “النكرة” إلى حدود دورة فبراير الأخيرة، و على فرض شراكته المليونية مع هذه الجمعية، على مستشاري البلدية، رغم اعتراض فرقي الأحرار والأصالة والمعاصرة، أثار، كما كان متوقعا، مشاعر الغضب الشديد لدى المواطنين، و خـاصـة الجمعيـــات والمنظمات الأهلية، التي رأت أن المجلس الجماعي يتصرف في هذه القضية، “تصرف المالك في ملكه” والحال أن المال مال الله والشعب الذي يجب الرجوع إليه، عبر ممثليه، عند اتخاذ أي قرار يمس بذمته المادية.
ماذا نعرف عن هذه الجمعية التي “خرجت للوجود ” وفي فمها ملعقة من ذهب؟ لاشيء تقريبا ! عدا ما تكرم به علينا أمحجور، ودائما أمحجور، عبر تصريحاته الصحافية المثيرة، من أنها تشمل “خيرة مثقفي المدينة” القادرين على تدبير الحقل الثقافي والفني داخل مركز أحمد بوكماخ وفق برنامج سنوي يخص تنظيم تظاهرات ولقاءات ثقافية وفنية ، لعلها لن تخرج عن الطابع المأثور لبرامج من “صنف” “رشيد شو” أو “تغريدة” التي تبث على القنوات التليفزيونية ، على أنها للتنشيط الثقافي.
أمحجور استدل على صواب اختيارات مجلسه بكون المسؤولة عن تنشيط المركز “استطاعت” وقبل الحصول على الـ 240 مليون سنتيم أن تحصل على “امتياز” احتضان ندوات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة . لاشك أنها بذلت “مجهودا جبارا” من أجل ذلك، بينما الأصح هو أن مركز أحمد بوكماخ يشكل “نعمة” بالنسبة للمشرفين على المهرجان الذي يقام بقاعة سينمائية لا تفي بالمراد وتنظم اللقاءات في صالة أخرى سينيماطيكية، لا تليق بأهمية المهرجان ولا بأهمية المدينة التي تحتضنه .
غير أن البشير لم يعلن لمن انتخبوه مستشارا ثم عمد لطنجة، ولمن اعترضوا عليه وصوتوا ضده في الحالتين، عن أسماء أعضاء الجمعية ولم يطلعهم على تفاصيل دفتر التحملات التي تلزم طرفي الشراكة ، ساعة المحاسبة، كما أنه لم يعلن عن “الكفاءات” التي وثق بها في ” التنشيط” الثقافي للمركز وللمدينة، باستثناء اسمين تسربا سرا من “الحلقة”، فنان تشكيلي، وإعلامي يحتل، مدى الحياة، موقعا إداريا مفروضا، ببيت الصحافة، بفضل “شلة” المنتفعين والمطبلين والمزمرين !!!…..
ومرة أخرى ينبري أمحجور ليؤكد في خرجة إعلامية “مدوية” أن اتفاقية الشراكة مع تلك الجمعية التي لم تبلغ بعد سن “الفطام” والتي دست الجماعة “الترابية” في خرقاتها وحفاظاتها مائتين وأربعين مليونا من السنتيمات، جمعية لا يشوبها أي خلل قانوني. وأن العملية برمتها سليمة قانونا. وقلنا آمين ! …
الرأي العام، ياسادة ياكرام، لا يناقش مبلغ الدعم في حد ذاته، بقدر ما يؤاخذ مجلس الجماعة المباركة على الطريقة ‘المرتجلة” و”المتسرعة” و ‘المشبوهة” التي تصرفت بها حين عمدت، ودون سابق إعلام، إلى تأسيس جمعية من لا شيء، وفصلتها على مقاس معين، ووهبتها مبلغا مهما من المال العام، وكلفتها بـ “تنشيط” مركز بوكماخ والمدينة برمتها. دون الالتفات إلى أن استغلال المركز لغاية التنشيط والنشاط ، سوف يدر على الخزينة البلدية مداخيل مهمة وهو ما يلزم الجماعة بوضع آليات لذلك، وهو ما لم يتم الإعلان عنه يوم تمرير المقرر الجماعي بإحداث الجمعية .
الرأي العام أعرب عن امتعاضه من التصرف “الأحادي” لمجلس الجماعة في قضية تهم حوالي أربعة ملايين من المواطنين وعشرات الجمعيات الثقافية والفنية والرياضية التي تنشط بطنجة والتي تزخر بكفاءات مدربة كان يمكن أن تضع خبرتها في خدمة الحركة الثقافية بهذه المدينة، أو على الأقل أن تدلي برأيها في تفاصيل البرنامج الثقافي والفني الذي تعتزم الجماعة إطلاقه بمركز أحمد بوكماخ.
هذا التصرف أطلق العديد من التعليقات والتكهنات ، بل ودفع البعض إلى المطالبة بسحب أهلية تدبير المركز من جماعة طنجة، وتفويض الأمر لوزارة الثقافة، التي تتوفر على مركز للتنشيط الثقافي، الذي أصبح علما يدرس في جامعات متخصصة تفوق مدة الدراسة الجامعية بها الخمس سنوات.
يبقى فقط أن نعرف من، من بين شيوخ الجماعة ونبغائها ومريديها ، سيضع دفتر التحملات ومن ستوكل إليه صياغة برنامج الأنشطة الثقافية والفنية السنوية ومن سيتكلف بمراقبة “سلامة” تلك الأنشطة ومطابقتها لدفتر التحملات ومن سيراقب “سلامة” ما يدور ويجري داخل بناية المركز، ومن سيتولى التدبير المالي للمركز …أمور كان يجب أن يعلن عنها وكذا عن كافة أعضاء “جمعية” المجلس خلال دورة فبراير لتكون موضوع نقاش عام مستفيض، لا أن يعتد بالأغلبية العددية لتمرير المقرر، الذي أصبح اليوم قضية رأي عام, قد يستدعي تدخل الأجهزة المعنية في الدولة !!!…..