هل وجد جهابذة القانون وفقهاءه وموقعي أوامر الإيداع حلولا لكل هذه المشكلات؟
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( الاعتقال الاحتياطي )
الثلاثاء 21 فبراير 2017 – 16:40:32
وإذا تفحصنا تجارب الآخرين، وباستثناء الجرائم الخطيرة فإننا نجد أن الاعتقال الاحتياطي لاوجود له أمام البدائل المتاحة.
فكيف بحادث خلاف أو شجار أو حادث سير بسيط أو يؤدي إلى حالة نزع الحرية بدعوى ضمان حضور المتهم خلال المحاكمة رغم توفر كل ضمانات الحضور، ورغم عدم خطورة الحادث المرتكب وهو ما يقع ويحدث عشرات المرات في مختلف جهات المدينة فدورة الحياة العادية تنتج أحداث وحوادث قد تسوق الأخرين إلى السجن ومن ثم إلى تلويث السمعة وقد كان بالإمكان اللجوء إلى بدائل مجدية.
لقد طرحت مسألة الاختلاط، والاكتظاظ يؤدي إلى الاختلاط المشوب بالعيب والشبهة حتى وإدارة السجن لا تريد ذلك، ولكنها الضرورة فماذا تستطيع إدارة سجنية عمله أمام كم هائل يتردد يوميا على السجن في انتظار المحاكمة، لا مفرّ إذن من الاختلاط ، وهو ما يجر إلى ويلات لم تكن موجودة قبل الاعتقال، فيختلط الجانح المبتدأ مع عتاة المجرمين وهذا ما يسوق المبتدئ الاحتياطي إلى مقصلة الممارسات الفاسدة دون أن يقوى على الاحتجاج وإلا ذاق من الهوان ألواناً ، ودون أن يستطيع الحارس الموظف «المربي» فعل شيء لأنه خاضع اجباراً لمنظومة فاسدة تتحكم فيها أساليب وعقليات عفنة مريضة تعودت على الخبائث، هذه أولا ثم ماذا يكون عليه الحال إذا خرج هذا الجانح من نفق السجن إلى دنيا الحياة الواسعة حيث هامش الحرية أوفر وأكبر لممارسة انحرافات دروس السجن.
وأخيراً من يعوض السجين الذي يقضي فترة إعتقال قد يحكم بأقلها فقد تطول فترة الاعتقال الاحتياطي ليصدر الحكم النهائي ـ بأقل مما قضى السجين سجنا، وهذا ظلم فادح فضلا عن أن مسطرة القانون الجنائي تخلو من أي تعويض عن ضرر الأيام السجنية الزائدة، فهل وجد جهابذة القانون وفقهاءه وموقعي أوامر الايداع حلولا لكل هذه المشكلات؟…
وأذا كنا نطالب بأقسى العقوبات المرتكبي الجرائم الخطيرة كالقتل العمد بما فيها الإعدام المرتبط بنص شرعي فإننا في المقابل لا يمكن أن نهضم ولا أن نستسيغ ظلما فادحاً مثل تلقين المجرم أبجديات الإجرام الناتجة عن الاختلاط أو تمضية السجين لفترة أكثر مما حكم عليه بدون تعويضه.
وننتظر لأساتذتنا في الفقه والقانون أن يأتونا ببدائل للاعتقال الاحتياطي وللاجراءات البديلة القمينة بتفعيل العدالة وأيضا باحقاق الحق، وعدم تطبيق الاعتقال الاحتياطي إلا في الحالات القصوى، آنذاك ستتخفف السجون والمعتقلات من أعباءها، وستخفف الاجراءات والمساطر، وسنرقى إلى مصاف الدول المتقدمة التي اهتمت بالعدالة باعتبارها مؤشرا لمجتمع فاضل سليم ومنضبط..