أي صحافة يريدها قادة الحزب الحاكم في طنجة؟!..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( علاقة الإعلام و البيجيدي )
الأربعاء 15 فبراير 2017 – 11:55:55
لكن المفاجأة هي أن الحكام الجدد للمدينة، بقدر ما كانوا منفتحين على رجال الصحافة أيام كانوا متموقعين في المعارضة، ويتسابقون على الإدلاء بالتصريحات، وتسويق انتقاداتهم لأسلوب تدبير من كانوا في موقع القرار، بقدر ما أصبحت لهم اليوم حساسية مفرطة تجاه ما تكتبه الصحافة عن أدائهم ومسؤولياتهم..
لقد تبين أن الإخوة لم تعد لهم القدرة على تحمل الانتقاد، وكل من تجرأ على ذلك يواجه بسيل من الهجومات، يتكفل بها بعض القادة، أو يتم تجنيد بعض الكتائب التي تتحول إلى كوماندوهات انتحارية مستعدة لتفجير أنفسها عند تلقيها أول إشارة…
من يتابع اليوم ردود الفعل لبعض قادة الحزب الحاكم، والكتائب المتمترسة في خط المواجهة، يصاب بنوع من الذهول، بسبب الأسلوب المبتذل، ولجوءهم إلى استعمال أبشع عبارات القذف والسب، يكشف حجم الاختناق الذي يشعرون به جراء المقالات التي تركز على ما يمكن اعتباره اختلالات..
الحساسية المفرطة تجاه وسائل الإعلام المحلية والوطنية بلغت مداها هاته الأيام، وبالضبط بعد دورة فبراير، والتي تم تخصيصها لما اعتبره الإخوة حصيلة سنة من تدبير شؤون المدينة…
مباشرة بعد نهاية الدورة، تسابق نواب عمدة طنجة على نشر مقتطفات من التقرير الذي قدمه محمد أمحجور النائب الأول لعمدة طنجة حول حصيلة التدبير المالي لمجلس المدينة برسم سنة 2016، على صفحاتهم الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”.
وهي الفقرات التي يعتقد ناشروها أنها أدلة على الأداء الإيجابي الذي ميز تدبير الحزب المتحكم في دواليب تدبير مجلس مدينة طنجة، وهذا حقهم، بل ومن واجبهم تسويق ما يعتبرونه منجزات.
لكن المثير في هاته الفقرات الإعلانية أن ناشريها يصرون على إرفاقها بعبارة “ما لم تقله الصحافة”، في إحالة واضحة على تموقع وسائل الإعلام في جبهة المتربصين بتجربة العدالة والتنمية بطنجة، والمتورطين في مؤامرة التعتيم على الحصيلة الإيجابية لتدبير شؤون مجلس المدينة خلال السنة المنصرمة.
لكن ما يدفع على الاستغراب في هاته القضية برمتها، هو أنه في الوقت الذي يحمل فيه نواب العمدة ومناصروهم الصحافة مسؤولية التعتيم، يتجاهلون أن النائب الأول للعمدة السي محمد أمحجور، المسؤول عن التقرير رفض أمام الملأ تسليم نسخة منه للصحافة، بل حتى لمستشاري المجلس، بل وأكد ذلك في برنامج إذاعي مباشر؟!..
فكيف إذن تطالبون الصحافة بنشر حصيلتكم الإيجابية في الوقت الذي ترفضون فيه مدهم بالوثائق؟!..
فهل لأن التقرير مثلما يتضمن مؤشرات إيجابية، يحتوي على الكثير من المؤشرات السلبية و من النقائص التي تنسف الصورة الوردية التي يصر الإخوان على تسويقها ب “الفور يا شيفور”…
المؤسسات التي تحترم نفسها يجب عليها أن تمد وسائل الإعلام بجميع الوثائق التي تهم تدبيرها للشأن العام، وبعدها فإن الرأي العام هو من سيحكم على مهنية الصحافة من عدمها!..
لن نجد من توصيف دقيق للعلاقة المتشنجة، التي صارت تربط بعض قادة الحزب الحاكم مع الصحافة المحلية بالمدينة أحسن من تدوينة للزميل عبد الله أفتات، جاء فيها:
“قادة الشأن المحلي بطنجة لم يفهموا بعد دور الإعلام، أو أنهم يريدونه أن يعرض الأمور كما يريدون، وهذا تصور فيه نظر، ويظهر ذلك جليا من خلال تدويناتهم، فأن يصف هؤلاء القادة جزء من الإعلام المحلي ب”المجاري” و”صحافة الكيلو” و “صحافة تحت الطلب”و “صحافة التلصص”.. فالأمر يحتاج إلى تنبيه، ونذكر هنا أن العديد من الزملاء أصبحوا يقاطعون العديد من الأنشطة التي تنظمها بعض المقاطعات بسبب ما يصدر عن مسئوليها من هكذا شتائم، فالأمر أراه خطير، ويحتاج إلى تقويم، فليس مطلوبا في تقديري من الصحافة المحلية أن تقدم تقارير ومقالات وبالتفصيل حول “إنجازات” مجلس المدينة ومجالس المقاطعات، فهذا من اختصاص الصحافة التابعة للحزب، وهي مقصرة على هذا المستوى، وفي المقابل مطلوب من الإعلام المحلي المتابعة والملاحظة والانتقاد..ولا داع لكي نذكر مجددا بالقاعدة المعروفة في هذا الصدد، لذلك وللخروج من هذا الاصطدام الحاصل بين الإعلام والأغلبية المسيرة للشأن المحلي بطنجة على الأخيرة استيعاب هذا الأمر”.
هي دعوة لهؤلاء من أجل مراجعة ذواتهم، والاقتناع بعدم جدوى تدبير قطاع الإعلام على شاكلة صحاف العراق، لأن قوتهم الحقيقية يستمدونها من الانتقادات التي توجه لهم من طرف وسائل الإعلام، حتى ولو كانت قاسية، وتفوق قدرة تحملهم..