محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( سنة 2016 )
الثلاثاء 03 يناير 2017 – 18:41:49
لقد آمـن العرب، المتباهون دومـا بجدهم المدعو عدنــان، و على امتداد تاريخهم البئيس المليء بالترهات و الأساطير، آمنوا بما عدّوه “بطولات ظافرة” خاضها أجدادهم الفرسان في ساحات الوغى و الغزوات، حتى أصيبوا، كما يبدو، بحالة مرَضية مُستعصية، حالةٌ من أعراضها المزمنة ذلك العشق المزمن بالتباهي بسفك الدماء في سبيل تحقيق أمجاد زائفة .
رغم حقيقتها البئيسة المتخلفة عن ركب الحضارة و المدنية، فإن الأمم العربية، التي كان معظمها موضوع احتلال عثماني تلاه احتلال أروبي، فإنها استمرت في الفترة التي تلت استقلالها الصوري عن “الحماية” الأجنبية، أواسط الخمسينات من القرن الماضي، استمرت، على منهاج باعث على السخرية، في التطبيل للحرب دون امتلاك القدرة على إتيانها و امتلاك أسبابها العلمية و التقنية.
لقد كان العرب، على امتداد التاريخ المعاصر، أضحوكة بين أمم العالم،لاسيما مع إقامة دولة إسرائيل فوق أرض فلسطين، فقد خيب العرب توقعات الأمريكان بشأن انتصارهم في حرب العام الثامن و الأربعين و نجح أبناء عمومتهم العبريون في إقامة دولة حقيقية، ولم يكد يمض بعد ذلك عقدان من الزمن حتى عاد العرب لإثبات “مكانتهم المتدنية” في سلم الترقي و امتلاك أسباب القوة، ففي العام السابع و الستين بعد الألف مني دول العرب مجتمعة بهزيمة نكراء منكرة في أقل من أسبوع.
و لأنهم ينتمون لصنف من الأمم لا تستفيد من دروس التاريخ القاسية و المخففة، و لا تقيم اعتبارا لعلم التاريخ و دروسه، فإن العرب ظلوا أوفياء لغيهم، فبعد الهزيمة الساحقة و ضياع ما تبقى من فلسطين، اجتمع العرب في الخرطوم لإعادة اجترار الكلام الفارغ، ففي هذه القمة انبرى الرئيس السوداني، كخطيب غير مفوه، ليعلن لمستمعيه البلداء أن “… أمجاد أمتنا كلها قد بُنيت على تاريخ المعارك التي خاضها آباؤنا و أجدادنا جيلاً بعد جيل، من حلاوة النصر و من مرارة الهزيمة، من أمجاد الماضي و الحاضر و المستقبل، و سنمضي من هنا من واقع النكبة….” فرغم الهزيمة المنكرة، لم يبرح العرب معتقداتهم المهترئة و استمروا في تمجيد بطولات وهمية تتراقص، بين لحظة تاريخية و أخرى، في مخيالهم السقيم.
لقد انقضت أيام هذا العام الميلادي، و لم يبرح العرب بعد مواقعهم “الحضيضية”، و أثبتوا للمشككين في ذلك، على قلتهم، أنهم قوم لا يرجى منهم خير، فقد انقلب بعضهم على آخر و ابتاعوا خردة الأسلحة الأوروبية التصنيع و انخرط فريق منهم في اغتيال آمال شعوبهم الراغبة في التحرر و الانعتاق من البؤس، و انخرط آخرون في إعمال السيوف و قطع أعناق و أرزاق الناس في أرجاء المعمور، تارة باسم الجهاد و أخرى باسم الدعوة لدين الله و الالتحاق بجنات الحور العين.
لقد أكد العرب مرة أخرى أنهم يستحقون الوصف الذي أُلحق بهم، الوصف الذي يعتبرهم بحق “ظاهرة صوتية مملة”….