سمـيّة أمغار
جريدة طنجة – سمـيّة أمغار (التحرش الجنسي)
الجمعة 13 يناير 2017 – 16:51:18
الحديث جر المتدخلات والمتدخلين إلى التساؤل عن سبب عدم لجوء المرأة المتحرش بها إلى القضاء. وهنا كانت المفاجأة. الكل أجمع على أن “السيستيم” القضائي يتطلب من المتقدمة بشكاية ضد التحرش أو الاغتصاب حتى وإن كان المشتكى به زوج الضحية ، الإتيان بحجج كافية تقنع هيئة المحكمة. وقالت إحدى المتدخلات، وهي ضالعة في القانون، إن شكايات التحرش أو الاغتصاب التي تتقدم بها الضحايا من النساء غالبا ما تحفظ، بدعوى عدم وجود حجج كافية لتفعيل المتابعة.
وأكّدَت مُتدَخِلة أخــرى أن المتضررات من التحرش الجنسي والاغتصاب سواء في البيت أو العمل، غالبا ما يعزفن عن التوجه إلى القضاء، أولا بسبب خشيتهن من انتقام الزوج ، الأمر الذي قد يعرضها للتعنيف الجسدي واللفظي أو رب العمل الذي قد يرمي بها إلى الشارع فتقفد مورد رزق هي بحاجة أكيدة أليه.
ولخصت متدخلة أخرى وضع المرأة المغتصبة أو المتحرش بها ، خاصة إذا صاحب هذا التحرش نوايا عدوانية أو تهديدات ضد سلامتها أو سلامة أسرتها ، بأن أكدت أن العقلية الذكورية للقضاة، عادة ما تميل بهم إلى الشك في أقوال النساء المعنفات أو المغتصبات أو المتحرش بهن، وتدفعهم إلى التقليل من خطورة الوضع في حال ما إذا عجزت المرأة عن الإتيان بالدليل المقنع على صحة أقوالها، وهي غالبا ما تعجز عن ذلك إلا في حالات قلائل، عند ما تتداركها شهادات شهود من الجيران الجنب، وقليلا ما يقبل الناس التدخل في الحياة الخاصة للجيران وتحمل مشقات وأعباء الإدلاء بالشهادة عبر مسيرة تنطلق من البوليس القضائي إلى قاضي التحقيق والنيابة والعامة وأخيرا جلسات المحاكمة.
ولعل في هذه الحالات شبه كبير بين نساء أوروبا ونساء المغرب والعالم العربي والإسلامي حيث تعيش المرأة وضعا “لقيطا” غير خاضع تماما لا لقوانين الشرع التي تطالبها بـ “ميزان الخيط”( ! ( في حال الاغتصاب، ولا للقوانين الوضعية التي تفرض عليها الإتيان بالبرهان الغير قابل للطعن….
ولا يختلف اثنان في أن التشريع المغربي فيما يخص حقوق الأسرة وواجباتها وحقوق الأزواج ، على بعضهما البعض بحاجة إلى إصلاح جذري، اعتبارا للوضع الاجتماعي الجديد بالنسبة للمرأة التي لم تعد تسري عليها شروط القوامة كما كانت عليه الحال أيام عنترة ابن شداد، ولم يعد دورها محصورا في المطبخ والإنجاب والاستجابة لشهوات “السي سيد” البعل، المفروض طاعته ومهابته، في كل الظروف والحالات….
المرأة الزوجة اليوم أصبحت “شريكة” الرجل ماديا ومعنويا ، وشريكته أيضا في المشورة ولها اعتبار رأيها في كل ما يتعلق بأمور البيت والأسرة، وكلمتها في هذا الشأن بكلمة الرجل، لا بنصف قيمتها ، كما هو الشأن بالنسبة للميراث والإشهاد، بحيث لا فضل للرجل على المرأة ولا للمرأة على الرجل، إنهما متساويان “كأسنان المشط” يسند بعضهما البعض بود ومحبة وإحسان، إلى أن يغادرا قطار الحياة، وهما على هدى من الله ورضوان.
لقد استبشَرت النّساء بالمدونة المعلومة، كحد أدنى لحصول المرأة على “حد أدنى” من حقوقها، ولكن سرعان ما وقع التحايل عليها من طرف من كلفوا بتنفيذها التنفيذ السليم ، لتفقد بذلك مفعولها وتنفر الناس منها ، بل إن العديد من ناشطات الجمعيات النسائية من طالبن بمراجعتها وتصحيحها وتوسيع المجالات الحقوقية الواردة فيها لفائدة النساء اللائي يضطرهم وضعهن السَيّء إلى اللُجـوء لمَحـاكم الأسـرة التي تحتـــاج هي الأخرى لقضاة متخصصين قريبين من المجتمع المغربي بثقافته الذكورية المتحكمة وعاداته المتأصلة الموروثة خلفا عن سلف، فيما عليه علاقة الرجل بالمرأة الزوجة، أو الجارية، أو مما ملكت أيمانه من الحريم الذي لا حد له سوى الخيال !
حقيقة إنه وقع بعض “الانفراج” في علاقة الأزواج، بفضل تنامي الوعي لدى الزوجات بحقوقهن القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبفضل نضالهن من أجل انتزاع تلك الحقوق التي لا تنال بالتمني “ولكن تؤخذ الدنيا غَلابــًا” ! ….
وحتى وإن تمكنت المرأة المغربية من تحقيق بعض المكاسب، بنضالها وإصرارها وشجاعتها، وليس بخطب بسيمة الحقاوي ،وتصريحاتها العجيبة التي منها أن “الفقر انتهى نهائيا واختفى كليا من المغرب”….وأنها “حققت للمرأة المغربية فوق ما كانت تحلم به منذ عشرات السنين” !!!…فإن المرأة المغربية واعية تمام الوعي بأن الطريق إلى الهدف الأسمى في المساواة التامة الكاملة قانونا، لا زالت طويلة وأن تغيير العقليات الخرافية أمر لابد أت ، فالمرأة ليست نصف المجتمع، إنها المجتمع كله، برجاله ونسائه، هي من تهب لهم الحياة بإذن الله سبحانه وتعالى، وتسهر على نشأتهم وتربيتهم وتفتح أبواب الإدراك والمعرفة أمامهم ليستطيعوا تحقيق التغيير المنشود في عقليات المجتمع الخرافية وفي طبيعة العلاقات بين الرجل والمرأة داخل المجتمعات المتطورة، الخالية من الكبت ومن العقد النفسية ……