النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة
جريدة طنجة (امحمد فوزي )
الأربعاء 18يناير 2016 – 16:44:49
وفي أواسط الأربعينات بَدأت مُيــولاتهِ الوطنية والفدائية تظهر، وبدا ذلك من خلال مشاركاته في عدة مظاهرات المنظمة للمطالبة بالاستقلال، كما كان الانتماء السياسي المبكر للفقيد إبان فترة الكفاح للكتلة الوطنية فرصة لمزيد من التشبع بروح الوطنية والحس النضالي.
لم يتوقف الأمر عند المرحوم لدى التأطير الوطني النظري، والاهتمام بقضايا الوطن، وحضور مختلف الأنشطة الوطنية، بل تعداه إلى العمل الميداني في المقاومة والعمل الفدائي.
ومنذ أن بدأ الفقيد نشاطه أواسط الأربعينات بالمشاركة في المظاهرات المطالبة بالاستقلال، خاصة بعد تقديم عريضة المطالبة الاستقلال في 11 يناير 1944م، تطور هذا العمل وتصاعدت وتيرته بعد نفي جلالة المغفور له السلطان سيدي محمد بن يوسف سنة 1953م، حيث انظم إلى منظمة سرية بمدينة الدار البيضاء.
وامحمد فوزي للتعريف به ولو بشكل مقتضب، كان مسؤولا عن خلية تتكون من إثنى عشر مقاوما، وكانت تتوفر على أسلحة من أنواع وأحجام مختلفة، وهي التي كانت تعقد اجتماعاتها –والتي كانت على الدوام تلتقي لتدارس الوضع والنظر فيما يجب ويمكن القيام به- في أماكن مختلفة، وبخاصة في الأماكن الشعبية، وكان دور المرحوم فيها المسؤولية المباشرة على أفرادها والتنسيق بينهم، ومع باقي الأطراف الوطنية والمنظمات الفدائية الأخرى، ولقد كان ضمن الخلية المذكورة: المقاوم محمد اللودي، والمقاوم محمد عبد الكريم بلعربي، والمقاوم عبد القادر اليوسفي وآخرون.
وكانت العملية الأولى التي قام بها، هي أنه بعد تنصيب السلطان المزعوم بن عرفة، قام رفقة الخلية بالهجوم على أعوان فرنسيين خلال مشاركتهم في حفل لتنصيب ابن عرفة سلطانا بدلا من السلطان الشرعي سيدي محمد ابن يوسف، وذلك بشارع محمد الخامس بالرباط، وبحي “الكزا” تحيدا.
وكان من نتائج العمليات الفدائية الوطنية، أنه أصيب على إثرها بجروح بليغة في يده اليسرى، من عيار ناري للقوات الفرنسية، وألقي عله القبض من طرف السلطات الاستعمارية، وحوكم بالمحكمة العسكرية بالدار البيضاء، ليسجن بسجن القنيطرة، ومن ثم نقل إلى سجن “أغبيلة” بالبيضاء، وذلك من يونيو 1954م إلى أبريل 1956م، والتهمة كانت على غرار أغلبية التهم التي كانت في تلك الفترة، عبارة عن ماركة مسجلة لدى السلطات الاستعمارية، وهي القيام بأعمال الشغب والأعمال الإرهابية.
هذه العمليات النوعية التي كانت تنشرها الصحافة الاستعمارية متوعدة منفذيها بأقصى أنواع التعذيب والتنكيل، وواصفة إياهم بالفوضويين ومثيري الفتن والمجرمين والإرهابيين، وغيرها من الأوصاف والنعوت القدحية المحطمة للمعنويات والماسة بالكرامة، وتوصية المواطنين بالابتعاد عنهم وعدم إيوائهم أو دعمهم، وإلا التعرض لأقصى العقوبات الممكنة، وذلك كله لأجل عزل حركة المقاومة والتحرير عن قاعدتها الاجتماعية والاستفراد بها.
وفي فجر الاستقلال عمل الفقيد في صفوف إدارة الأمن الوطني وتقاعد منها برتبة مفتش شرطة، وعاش بطنجة التي اختارها مستقرا له حتى وافته المنية.
وبهذه المناسبة الأليمة التي تركت في أعماقنا مشاعر الحزن والأسى والحسرة تتقدم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأصدق عبارات العزاء والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة جيش التحرير ضارعين من العلي القدير أن نلهمهم الصبر والسلوان وأن يتعمد الفقيد بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب وإنا إليه وإنا إليه راجعون…