زواج الشواذّ جنسيا من نساء طبيعيات …..محاولة لتدارك الطبيعة أم كذب على الذات و المجتمع…..
جريدة طنجة – لمياء السلاوي (زواج الشواذّ جنسيا)
الثلاثاء 17 يناير 2017 – 12:10:28
ما الذي يدفع الشاذ جنسيًّا إلى الزواج من فتاة طبيعية تبحث عمن يملأ عليها دنياها بشكل طبيعي؟ هل يفعل ذلك تحت ضغط إجتماعي؟ أم أنه يظن أن في ذلك علاجًا له؟ وما موقف الزوجة حين تعلم أو تشعر بحقيقة زوجها الشاذ؟ وما هي طبيعة علاقة الشاذ جنسيًّا بزوجته على مستوى الجنس والمعاشرة؟ وهل يلجأ الرجل الشاذ جنسيًّا حين تتعقد به الأمور للطلاق أو الإنفصال عن زوجته هروبًا من جحيم صراع ما؟ وهل هناك حلول عملية للخروج بالشاذ وزوجته مما يعانيانه من أزمات ومشاكل؟..
ضغوط.. وآمال معلقة .
يقول الدكتور حاتم الإدريسي ، الأخصائي في الأمراض الجنسية و المشاكل النفسية، إن الشواذ في مجتمعنا فئة أقلية منبوذة على المستوى الإجتماعي ولهذا يضطر الكثير منهم للقبول بالزواج تحت وطأة ضغط اجتماعي يصعب عليهم مواجهته أو تحديه، والشاذ جنسيًّا ربما يتظاهر أمام المجتمع بأنه شخص طبيعي؛ نظرًا لإدراكه مدى العواقب التي تحل عليه إذا فضح أمره، بدليل أن الشواذ في البلاد التي تسمح وترحب بوجودهم لا يلجؤون للزواج من فتيات إطلاقًا، بل يتزوجون فيما بينهم رجالاً برجال.
وفي دراسة بلجيكية لاحظ الباحث “روس” أن بعض الرجال كان لديهم إحساس واشتياق وجاذبية تجاه الرجال قبل أن يتزوجوا نساء استجابة للعرف العام، لكن الرجل ذا الميول الشاذة – يجد نفسه قد تقدم في العمر، وأن كل أصدقائه تقريبًا قد تزوجوا وهو لم يزل دون سبب واضح عازبًا ووحيدًا يحارب نزعاته غير المقبولة، وهو خائف من إقامة علاقة مع رجل تجنبًا للآثار الوخيمة، وهو غيور من زملائه الذين يصادقون النساء ويخطبون الفتيات، ويحكون عن غرامياتهم في استرسال واستمتاع لا حدّ له.
وهناك سبب آخر يدفع الشاذ جنسيًّا للزواج، وهذا يكون عند الشاذ الراغب في الإقلاع عن شذوذه أو الشفاء منه، فينصحه الطبيب أو بعض المعارف المقربين أن يتزوج، وهذه الحالات أحيانًا تجني ثمارًا بشكل إيجابي، ولكن في حالات قليلة. وفي حالات أخرى نجد تلك الخطوة تدفع بالأسرة كلها نحو انهيار اجتماعي ونفسي ويضاعف الأزمة.

يقول الدكتور أمين الطاهري أستاذ علم النفس :، لا يعني شذوذ الرجل إقلاعه أو تلاشي رغبته في الزواج من امرأة؛ فمركز المتعة الجنسية واحد في جميع التكوينات الجسدية لدى الرجال؛ ولذا فهو يلجأ للزواج من امرأة وهو ينوي بالوقت ذاته الإبقاء على شذوذه.
كما يؤكد أن الشاذ جنسيًّا يكون اتجاه المتعة الجنسية الأكثر قربًا إلى رغباته في حالة تفاوت، حيث تكون متعته أثناء الممارسة الطبيعية مع زوجته أحيانًا هي المسيطرة على رغباته، وأحيانًا أخرى تكون متعته الشاذة هي المسيطرة، وهذا النوع ما يسمى بـ bisexual وهو نوع لا يريد التنازل عن رجولته على المستوى الإجتماعي والشخصي؛ وهذا النوع ربما تقلّ نسب اكتشاف زوجته لشذوذه، حيث لا يظهر عليه ما يدعو لذلك.
وهناك نوع آخر تسيطر عليه النزعات الشاذة بصورة ملحوظة؛ ولذلك فهو يعيش صراعًا على المستوى النفسي واضطرابًا على المستوى البيولوجي، ودائمًا ما تكون هذه هي بداية شك الزوجة في أمر زوجها، فدائمًا ما تلحظ أنه يُنهي معاشرته لها بشكل سريع، ولا تلمح عليه سوى القليل من علامات المتعة الجنسية معها.
المسألة الآن في مجتمعنا بدأت تأخذ منحى جديدًا ربما يكون غير الغالب، لكنه مؤشر خطر قوي جدًّا، وهو أن بؤر الفساد الجنسي في بدأت تتسع بقوة حتى إن زوجة الشاذ جنسيًّا صارت تعرف حقيقة زوجها وتقرّها، وتبدأ في التعود عليها بضغط من الزوج نفسه.
حالات واقعية .
يقول (م.ن.س) شاذ جنسيًّا ومحاسب بإحدى الشركات: أنا حاولت الزواج رغبة منّي في التعامل الطبيعي مع المجتمع الذي أعيش به؛ لأنني مزدوج الميول الجنسية، ولكن كانت رغبتي الجنسية المثلية تجاه الرجال هي الأقوى، وقد لاحظت زوجتي ذلك من خلال كثرة أسفاري وابتعادي عنها كلما أتيحت لي الفرصة، وأخيرًا اكتشفت علاقتي بصديق لي وانتهى زواجنا بعد مرور سنة واحدة عليه.
أما (ج.أ.ب) شاذ جنسيًّا مقيم بطنجة- يؤكد أن رغبته في الإتصال الجنسي بالمرأة لا تقل عن مثيلتها تجاه الرجال، وقد تزوج بناء على ذلك، إلا أن زوجته علمت بأمره، ولكنها وافقت على التردد معه على طبيب الأمراض الجنسية وشجعته على العلاج، بل إنه يوضح أن زوجته السبب في أنه عرف أن الشذوذ حالة مرضية يمكن العلاج منها، إلا أنها معقدة للغاية ترتبط بخلفيات اجتماعية وتربوية عميقة.
وتقول (ه.ش.أ)- ربة منزل متزوجة من شاذ جنسيًّا: لاحظت عزوف زوجي عن معاشرتي بكثرة، رغم أنني أتجمل له دائمًا، إلا أنه كان يتذرع بحجج مختلفة ربما أقنعتني في أوقات كثيرة، لكن هذا الإقناع سرعان ما تلاشى حين نصحتني إحدى صديقاتي باختباره جنسيًّا للتأكد من كونه شاذًّا، وبالفعل حدث ووجدته يميل لأوضاع جامحة وشاذة جعلتني أنفر منه، ولم أستطع الاستمرار في العيش معه بعد ذلك.
مخاطر اجتماعية ونفسية .
إن إقبال الشاذ جنسيًّا على الزواج دون العلاج من الشذوذ له مخاطر اجتماعية عديدة، يجب على المجتمع أن يأخذ على عاتقه التوعية تجاهها، وعلى رأسها الإنحراف الجنسي الوارد حدوثه بقوة لدى زوجة الشاذ الجنسي؛ فنسبة 1 : 8 من زوجات الشواذ مارسن الجنس مع رجال غير أزواجهن، وهي نسبة ربما تظهر ضئيلة إلا أنها مؤشر خطر لما يتهدد المجتمع من مشكلات ناجمة عن تمادي الشاذ جنسيًّا المتزوج في شذوذه دون العرض على طبيب.
ويقول الدكتور الإدر يسي إن الكثيرات من الزوجات اللاتي اكتشفن مرض أزواجهن بالشذوذ يعانين أمراضًا نفسية مختلفة على رأسها الإضطراب النفسي الشديد والإكتئاب الحاد والإغتراب، بل بعضهن أصبن بنوبات من الصرع، حيث إن بعض هؤلاء الزوجات مررن بتجارب قاسية، منهن من فوجئت بزوجها يطلب منها ممارسات جنسية غريبة، ومنهن من اكتشفت قدرًا علاقة زوجها بزميل له، ومنهن من تركها زوجها فجأة وهجرها، ثم علمت بعد ذلك بأمر شذوذه.
ويوجه الدكتور الإدريسي نداء إلى كل شاذ يفكر بالزواج أن يعرض نفسه على طبيب نفسي وآخر مختص بالعلاقات الجنسية محاولاً العلاج طالما يرغب في حياة جنسية طبيعية مع زوجته، وإلا فالإقبال على الزواج في حال عدم عرضه على الطبيب ليس مجديًا له، بل سيزيد من معاناته.
العلاج ممكن .
من حق الشاذ العلاج من حالته تلك إذا رغب في ذلك. هذا هو الرد الذي ورد عن بعض المحللين النفسيين الذين واجهوا التيار الغربي القائل بأن الشذوذ الجنسي ما هو إلا تنوع جنسي طبيعي وليس مدرجًا ضمن الأمراض، بل ودعوا إلى تجريم أي طبيب نفسي يحاول علاج أي شاذ جنسيًّا.
وفي حالتنا كمجتمع عربي مسلم، يرى الدكتور امين الطاهري، أنه يجب علينا الدفع في اتجاه إمكانية العلاج، ويجب على الزوجة التي ابتليت بهذا الأمر أن تشجع زوجها على المضيّ قدمًا في طريق العلاج؛ ففي بحث علمي بالولايات المتحدة قام فريق من العلماء بدراسة مجموعة من الشواذ الذين خضعوا للعلاج لمعرفة مدى تغير اتجاهاتهم الجنسية، توصل هذا الفريق إلى أن 67% من هؤلاء قد أصبحوا طبيعيين تمامًا من حيث الممارسة الجنسية السويّة والرغبة فيها، كما أن 75% من الرجال منهم قد تزوجوا زيجات طبيعية، وقد قالوا إن عملية التحويل قد استغرقت حوالي عامين، وأنهم قد لجؤوا إلى محاولة تغيير اتجاههم الجنسية؛ بسبب أولوية اعتقاداتهم الدينية بالنسبة إليهم، بالإضافة إلى إحساسهم بعدم الإستقرار النفسي في تلك النوعية الشاذة من العلاقات.
وقد أخبر الشواذ السابقون فريق الأطباء بأن الطرق التي نجحت معهم لتحويل ميولهم الجنسية تركزت على تحليل مرحلة الطفولة وعلاقاتهم الأسرية، ومعرفة كيفية تأثير تلك المرحلة على إصابتهم بالشذوذ الجنسي أو بعدم الإحساس بالانتماء إلى جنسهم.
لذلك وجب على الشاذ جنسيا أن يحاول معالجة حاله إن هو أراد الزواج بطريقة طبيعية ، دون أن يجرّ معه ضحية ذنبها الوحيد أنها اعتقدت في يوم من الأيام أن من يقف أمامها هو رجل مكتمل الصفات الذكورية ، و ليس بشبيه له. ……