الإعدام.. والحق في الحياة..
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( الإعدام )
الخميس 19 يناير 2017 – 18:08:08
• عُقوبة الإعدام تبقى العلاج الأمثل لاستئصال العُضـو الفـاسِد .
• في عَصر حُقــوق الإنسـان يثبت حـق و يضيـع حـقّ.. يُقدّسُ حق و يُهدر حق..
• مع طُوفان المقولات والنظريات وقعَ لَنــا غسيل دِمـاغ خطيـــر…
من جديد يتحدّثَ المُعتَقـل السيـاسي السابق السيد الصبــار عن عُقـوبـة الإعـدام مُطـالبــًا بـإلغـائهـا لما تُشكّلهُ من نَــزع لحــق الحيـــاة المقدّس عن شخص المحكوم بهذه العقوبة، وهي ترنيمة بائسة ما انفكوا يسو قّونها كل حين مستغلين ألفاظا وأطروحات من قواميس أجنبية تتغنى بحقوق الإنسان مع أنهم يخرقون ويتجاوزون هذه الحقوق التي يصدرون دعاويها ونظرياتها للعالم الآخر… العالم المتخلف الذي لازال يبحث عن ذاته الدولة العظمى تقي مّ وتبني علاقاتها مع الدول الأخرى انطلاقا من احترامها لحقوق الإنسان، فإذا بها هذه الرائدة في مجال حقوق الإنسان هي أول وأكثر القوى العالمية التي تسحق هذه الحقوق وتدمرها وتتدخل في دول العالم الأخرى اعتبارا لمصالحها وحفاظا على ريادتها ولا يهمها من حقوق الإنسان إلا الأصباغ والتسويق المجاني، وهي الحاضنة والراعية للعصابة التي تحاصر سكان غزة الجائعين منذ سنوات. وبغض النظر عن كل هذه الحقائق، فإن عقوبة الإعدام تبقى العلاج الأمثل لاستئصال العضو الفاسد، لذا فإقامة حد الإعدام على القاتل المذنب هو حياة للمجتمع، وإلغاء هذا الحد هو إفساد للمجتمع ككل لأنه تشجيع على ارتكاب جرائم القتل.
ويكفي بإطلالة خاطفة على الدول التي تحكم وتنفذ حكم الإعدام في الجاني القاتل أن نخرج بحصيلة إيجابية مؤداها انخفاض أو انعدام جرائم القتل كالعربية السعودية مثلا، فأن نضحي بفرد ثبت فساده وجنوحه خير من التضحية بمجتمع بأكمله وترك الحبل على الغارب للفاسدين يعيثون فيه ضلالا وتدميرا، ويشيعون أجواء من الرهبة والخوف وعدم الإحساس بالزمن والأمان، وكثيرا ما يتربص الموت بإنسان آمن في زاوية مظلمة، أو شارع مقفر، فيتخطفه بضربة غادرة ثم يأتي حقوقيو آخر الزمان ليطلبوا الرحمة للقاتل المعتدي، ويطالبون بالامتناع عن إعدامه حفاظا على حقه في الحياة! فأين حق القتيل المجنى عليه؟.. أين حقه في الحياة؟.. فهل هو حق مقدس للقاتل، وحق مهدور للقتيل؟.. مالكم كيف تحكمون؟؟..
وهكذا في عصر الحقوق يثبت حق ويضيع حق.. يقدس حق، ويهدر حق.. ويقولها المتنطعون وارثو سر أسيادهم والساعون للفساد في الأرض بملء الفم أنهم دعاة حقوق، ودعاة كرامة، بينما لغتهم المزخرفة بألفاظ دخيلة وأجنبية بكراهية مزدوجة لكل ماهو إسلامي وما هو أصيل، فجرائم القتل والموبقات الأخرى دخيلة على مجتمعنا المحافظ.. وقد وجدت المجال الخصب في الأبواب المشرعة التي دخلت منها كل سلبيات العصر من مخدرات وهلوسات وهجرة وعادات ما أتى الله بها من سلطان.
تم هذا الغزو الثقافي واللاأخلاقي الذي مسخ كل قيمة أخلاقية، وروحية، وحضارية، نشأنا عليها وتربينا على هديها، وشربنا عصارتها من صدور أمهاتنا فكنا أمة جديرة بتاريخها العتيد قبل أن تعصف بها رياح الشرق والغرب وتفوح بها عادات أمم تربت على حرية ملغومة جانحة هوجاء فأصبحنا أذيالا بعد أن كنا رؤوسا وقمما، وتحولنا إلى ببغاوات وحيوانات دجينة تلوك لغة الغير حتى في معاملاتها اليومية، ووسط أسرها، فانقسم المجتمع بين مغترب ومست لََب ومواطن أصيل متجذر في عمق تربته وأرضه.. ومع طوفان المقولات والنظريات وقع لنا غسيل دماغ خطير كان من نتائجه انتشار هذه المواقف والآراء التي تعتبر نشازا داخل المجتمع الإسلامي، وأخذ المتفقهون الجدد، نتاج مرحلة الاستيلاب والاغتراب بتداول وبثِّ الفكر الدخيل وساهم القطب الإعلامي بشكل مكثف في نشر المسخ الجديد، لغة وفنا وأخلاقا… والخطير أن تقتحم هذه الموجة الصاخبة عن طريق الإعلام المرئي البيوت الآمنة فتدمر إيمانها بقيمها وتنشر فنا سافلا ماجنا ثم تقدم أفكارا مهترئة على طبق نذالة وخسة… ومن ضمن ما أشاعه فلاسفة الموجة الجديدة هذه المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام وهي حد من حدود الله.. وحفظا للمجتمع من الفساد والإفساد والفوضى، واحتراما لحق المعتدى عليه في الحياة والذي نزع منه بدون وجه حق.
فماذا يقول المتناقضون وهم يطالبون بالحفاظ على حق البعض في الحياة، ويسكتون عن حق الآخرين وهم كلهم من آدم؟.. فعسى أن يحكّم حقوقيو هذا الزمان ضمائرهم ويساووا بين البشر في الحقوق، ومنهم السيد الصبار الذي لا ينفك عن ذكر الحق في الحياة للمحكوم بالإعدام ويغفل عن ذكر الآخر الضحية، وهو ما تجاهله في مداخلته التلفزية دون أن ينبهه منشط البرنامج ولا الصحافي الذي حضر اللقاء إلى هذا التناقض.
ولو قمنا بتجربة القصاص من القاتلين لحققنا انخفاضا في جرائم القتل الشائعة، وقد تنعدم والأمل أن يستوعب المعنيون هذا الحديث وأن يتلقوه بدون تشنج أو انفعال، فالهدف أولا وأخيرا هو مصلحة الوطن والمجتمع الذي لا نريد أن يسقط في براثن الساعين في الأرض فسادا وأن يظلا كما كانا طاهرين آمنين يرفلان في بحبوحة العيش الهنيء الآمن. وقديما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أي امرئ بات وهو آمن في سر به وجدا قوت يومه، معافى في صحته فكأنما ملك الدنيا وما فيها » صدق رسول الله. تأملوا، فالحديث الشريف بدأ بالأمن.. الأمن في النفس والعرض والمال…