محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( زمن )
الثلاثاء 24 يناير 2017 – 17:19:54
الظواهر المقصودة بهذا “اللفظ” متعدّدة الأوجه و متنوعة الأساليب، لكنَّهـا تشتــركُ في خــاصية أساسية هي الانتقال نحو مرحلة انتقـــالية جديدة قد تدشن لواقع مجتمعي آخر، واقعٍ يتخلَّصُ تدريجيــًا من ثقافة “محافظة”، بما تحمله الكلمة من مدلولات إيجــابية و أخرى سلبية، نحو واقع آخر، لا تَدُلُّ تقاسيمُ وجهه، بالضرورة، على مستقبل واعد و مبشر بالخير.
بعد “الحراك الربيعي” المغربي، تخلص معظم المغاربة من هاجس الخوف من تلك الآلة العجيبة و المرعبة التي يسميها الناس “المخزن”، و صار الجميع يمتلك الجرأة الكافية لممارسة الاحتجاج و الإبداع في أشكاله ضد كل إجراء يعتبره الناس، أو بعض منهم، غير عادل و مُضرّاً بحقوقهم المكفولة بمقتضيات آخر دستور.
ربما كان التحَـرُر من الخـوف دليـلًا على اتّجــاه البلَد نحـوَ تحقيـقِ مستوَيــات متقدمة في احتـرام الحقــوق الآدمية التي نَصَّت عليهـا الأجيـــال المُعـاصرة لحقـــوق الإنسان، ما قد يُسجّل نقطة لفائدة النظام و المجتمع على حد سواء، وهذا طبعا دونما إغفال ذِكر تصرفات “طائشة” للسلطة في مناسبات عديدة أو تسجيل “نضالات” عشوائية في حالات معدودة يلجأ لها أفرادٌ بدوافع انتهازية، لا تتأسس على منطق حقوقي سليم أو دافع معقول.
لكن “الخطير” ،الذي يهدد أركان و ضوابط المجتمع المتعارف عليها، و يستدعي دراسة استعجالية، هو ذلك السلوك الآخذ في الانتشار و الخروج عن “القواعد” العامة، و المقصود هو عادة التسول.
قد يعلم الجميع أن “المسْألة” مجـردُ سلوكٍ عادٍ في المجتمعات الفقيرة، و قد يدرك رجال القانون أنه جنحةٌ فُرضت له عقوبةٌ حبسية، لكن أن تعج شوارع المدن بـ”جيوش” من المتسولين و المتسولات، من مختلف الأجناس و الجنسيات، فلربما كان الأمر دليلا على خلل أصاب منظومة المجتمع، في جهة القواعد الواجب اتباعها في تقسيم الثروة، كما في جهة القواعد و الموازين اللازم الأخذ بها و الالتزام بمبادئها حينما يتعلق الأمر بالمزاوجة بين السلطة و الثروة، أي ضرورة الفصل بين السلطة و الثروة .
إعادة النظر في قواعد التوزيع هاته، كمطلب استعجالي، قد تمكِّنُ المجتمع من السير في مسيرة لا تعترضها حوادث صادمة، لكن التغاضي عنها قد يسبب عثرات، لكنها حتما ستكون عثرات عميقة و مُكلفة للغاية ، نظاماً و جمهوراً…