مرحبا بإلغاء مجانية التعليم و مرحبا بإملاءات البنك الدولي و مرحبا بعصر الإنبطاح المطبق
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( مجانية التعليم )
الأربعاء 07 دجنبر 2015 – 13:17:53
” قام المجلس الأعلى للتعليم، في دورته التاسعة، بوضع اللمسات الأخيرة على قرار القطع مع مجانية التعليم العمومي، وذلك بعد سلسلة من المشاورات خصت العاملين بالقطاع..
وأوضحت مصادر عليمة أن مشاورات المجلس التي استمرت ليومين ، إتجهت نحو الإتفاق على فرض رسوم على الأسر التي لديها دخل كيفما كان نوعه، فيما تم إعفاء فئة من الأسر المغربية التي تدخل ضمن لائحة المعوزين من هذه الرسوم.
من جهة أخرى أكد عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين، في افتتاح الدورة التاسعة للجمعية العامة للمجلس المنعقدة ، أن الرؤية التي اعتمدت في ماي الماضي، تسير قدما على طريق تقاسمها، باقتناع من قبل الحكومة ومختلف المؤسسات ومكونات المجتمع وفعالياته، معبئة دعما وانخراطا واسعين، ومحققة خطوات وازنة، تؤشر على سداد ونجاعة اختيارات التغيير التي تتضمنها، وعلى نجاح البرامج التواصلية التي خصها بها المجلس.
وأكد أن الرؤية الإستراتيجية أضحت بالتدريج ملكا لجميع المغاربة، وخارطة طريق لبناء مدرسة العصر، الجديرة بالمشروع المجتمعي المواطن الديمقراطي والتنموي، الذي يتبناه المغرب “.
انتهى الخبر هنا، لكن دائما علينا التساؤل وطرح ذلك السؤال الشقي: «لماذا؟” و نُسائل السيد” عمر عزيمان” هل فعلا أضحت الرؤية الإستراتيجية ملكا للمغاربة؟ مع من تشاورتم و مع من تكلمتم لكي تَصِلوا إلى هذه النتيجة؟ و ماهي البرامج التواصلية التي تتحدثتم عنها ؟ متى كانت و متى تواصلت مع المجتمع؟نحن نعلم مكونات المجلس الأعلى للتعليم و الطريقة التي تم اختيار أعضائه من خلالها، فهم يمثلون مصالحهم و مصالح المؤسسات التي يتكلمون بإسمها، أما الشعب و مصلحته و مصلحة أبنائه و تلاميذه فهي أبعد و آخر ما يمكن أن يفكروا فيه.
سيخرج بعض المحسوبين و المدافعين عن الحكومة و قراراتها، و سيكَذِّبون هذا الأمر كما سيُكذِّبون كلام وزير التعليم العالي الذي قال أن على الراغبين في تدريس أبنائهم في الجامعات أن” يحُكّوا جيوبهم”. و سيقولون أن الخبر لا صحة له، ثُمَّ بعدها سيقولون أن التوصية استشارية غير مُلْزِمة في الوقت الراهن و ستَخُصُّ التعليم العالي و التأهيلي فقط ،ولا تَخُصُّ التعليم الإبتدائي و الإعدادي، اللذان سيبقان مجانيان، و بعد أن تَهدأ العاصفة سيصدر قرار بتطبيق هذه التوصية على جميع الأسلاك فيما بعد لأن فيها مصلحة الوطن.

لن أطيل في الكلام. مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، لكن بالمقابل، على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها، و ذلك عن طريق توفير مدارس لائقة بأطفالنا، حيث لا اكتظاظ و لا أقسام مشتركة . مدارس تتوفر على التجهيزات الضرورية من نقل و إعلاميات و وسائل في متناول التلاميذ و الأساتذة . حيث لا يُعقل أن نبقى نُدَرِّس أبناء وطننا في نفس هذه المدارس و في مثل هذه الظروف بعد إلغاء المجانية.
مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، و لننتظر ردة فعل النقابات الأكثر تمثيلية والتي لن تزيد عن بعض من البلاغات التي لا تُسمن و لا تُغني من جوع. ستَشجُب ثم تندد و تقول أن الدولة تخلت عن أبناء الشعب ، ثم تعود إلى سباتها العميق.
مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، وهنا يَحضُرني قولة الثور الأحمر حين قال:” لقد أُكِلت ُ يوم أكل الثور الأبيض” . فعندما كان الأساتذة المتدربون و قبلهم الأطباء ينتفضون ضد قرارات الحكومة اللاشعبية ، كان هناك العديد من المطبّلين الذين يشمتون من هؤلاء و يشتمونهم . و إنه لَيَحُزُّ في النفس أن تجد بعض الأساتذة يفرحون لما آلت إليه المدرسة العمومية، فتراهم يقفون في صف الذي يضرب إخوانهم في شوارع الوطن و لم يُحرك فيه هذا الأمر ساكنا. بل إنهم حتى لم يقولوا إن هذا منكر. بل الأدهى أنهم ينتقدون إخوانهم رغم أن هؤلاء الأساتذة المتدربون قد يكونوا أحسن منهم في العلم و التدريس،أساتذة نَبَّهوا الشعب حول المؤامرة التي تُحاكُ حول المدرسة العمومية لكنهم في المقابل حصدوا الخِذْلان من طرف زملاءهم في المهنة..هل مع مثل هؤلاء الأشخاص المنبطحين أيَّما انبطاح قد تقف في وجه هذا القرار؟ الجواب واضح لن يحتاج إلى كثرة تفكير.
و رغم التنديد الذي سيصاحب القرار، سيسري الأمر على الجميع كما سرت قرارات أخرى لاشعبية، لا داعي لذكرها، بدأت كإشاعة ثم تَمَّ تطبيقها بتواطؤ مع جميع الفئات:” أحزاب سواء في الحكومة أو المعارضة، نقابات، جمعيات، مؤسسات سياسية أو مدنية….” الكل له نصيب في الحالة التي وصلنا إليها، كما لا ننسى أن للشعب أيضا دور في ذلك، شعب لا يرى إلا مصلحته الذاتية، يرى أن كل القرارات التي اتخّذتها الحكومة بعيدة عنه ولا تَمُسُهُ لا من قريب و لا من بعيد، لكنه لا يدري أن النار ستصله، إن لم تكن عاجلا فآجلا.
في الختام أقول باختصار: مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، و مرحبا بإملاءات البنك الدولي ، و مرحبا بعصر الإنبطاح….