“براثن الجاهلية و مخالب الجهل ”
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( مجازر و حروب الشرق الأوسطية )
الخميس 22 دجنبر 2015 – 11:21:16
• اعتـادَت الإذاعـات و القَنَــوات التلفزية العالمية، بمشاربها و ألوانها “التحريرية”، على امتداد التاريخ، اعتادت، منذ ظهور هذا الجهاز الذي سُمِّيَ تلفزيـــونا، نقْلَ صور الحروب و النزاعات التي تنشب بين الجماعات البشرية في العالم، لكن مُراجعة أرشيف التاريخ الحربـــي، لا يُسعف الباحث في العثور على صور بمثل بشاعة و فضاعة ما تنقله قنوات العالم في هذا العصر المليء بالحروب.
الصُّــــوَرُ المرتبطة بحروب الشرق العروبي، و تلك الناقلة لأحداث ما يجري في الشرق الأوسط من وقائع، يعجز المرء عن تصنيفها في دائرة من الدوائر، أهي حرب مثل الحروب التي لازمت تاريخ البشرية؟ أم هي صنف “حديث” من النزاعات المسلحة التي يختلط فيها الحابل بغير النابل ؟
الحروب التي اعتــادَ النــّاس سَمـاع أخبـارها و معـاينة صُــورها و مَشاهِدِها، على مَرّ عصور التاريخ البشري، لم تُسَجِّلْ جرائم بمثل وَحْشِيَّةِ تلك الجرائم التي تُؤثثُ النزاعات اللصيقة بــ ” الشرق الأوسط الإسلامي”، جرائم و مجازر أبطالُها مسلحون، يحملون جلابيـــب فضفـاضة و أسماء مُفزعة تنتمي لقواميس و معاجم العصور السحيقة و تنال الدرجة العليا في الترويع و الإرهاب.
المجــازر، التي يجـوز أن تُوصَفَ بنُعـوتٍ أســوءَ من لفظ “الإرهاب”، يتعرض لها الناس في مواطنهم على يد جماعات حلَّت ببلدان ابتُلِيَتْ بوباء “الداعشية” المُعاصر من كل فَجِّ سحيق، للقيام بـ”فريضة الجهاد” و باسم إعلاء كلمة الإسلام، و كأن الإسلام، الذي نزل رحمة و هُدىَ للنّاس، أضحى في حاجة لاقتراف جرائم تفوقُ فضاعتُها و “حيوانيتُها” ما نُسِب للزعيم النازي هتلر.
خلال الحرب الكونية الثانية، بلغَ “حقد” الأمريكان على البشَرية حَداَّ دفع بهم لإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتين آهلتين بالسُكان الآمنين المطمئنين، و كانت بالفعل فاجعة يندى لها جبين البشرية، لكن “جزيرة قطر”، العاملة بتقاليد نظام “تميم بن داعش البئيس”، لم تكْتَف بإعلان ولائـــها للجـماعات الإسلاموية المُقرفة المُخزية عبر العالم، بل “طوَّرت” اجتهاداتها في الموضوع نحو هو أفْضع و ألْعَن، فقد صارت تُقَدِّمُ جماعاتٍ وحشية، اعتادت تناول “أطباق الرؤوس البشرية”، على أنها مُجَرّدُ جُيوشِ حُرَّة تُمارس حق المُعارضة في مواجهة نظام سياسي قائم على العُنف و الاستبداد !.
تلفزيونات العالم المتحضر، ذلك العالم الذي أبدع في التقنية و العلوم و بلغ المدارك العليا و الدرجات السامية في إنتاج ما يخْدم الإنسان، اعتادت إمتاع الناس و مُؤانستهم و شفاء غليلهم للاستمتاع بمباهج الحياة، لكن تلك التلفزيونات، الموغلة في أدغال البيد و فيافي الصحاري القاحلة، اتخذت لنفسها نهــجا “تحريريا تجديديا”، نـهجا يعتمد في “أدبياته” إفطارا بالرؤوس المقطوعة و عشاء بالقلوب المجدوعة، و صارت تعُدُّ تقديمَ جماعاتٍ إرهابيةٍ ،آكلةٍ للأعضاء البشرية، على شاشاتها جزءا من “نضـالها” الإعلامي، فهي، بحسب منهاجها غير النبوي، مُجرَّد “جماعاتٍ مسلحة”.
لقد، تغاضى عربان الخليج المتخلفون عن جرائم حرب حقيقية ارتكبتها جيوش الأمريكان في حق شعوب بكاملها، كما غضوا الطرف عن جرائم تُقترف ضدّ حقوق الإنسان في بلاد يحكمها أفراد من أجيال القرون المظلمة، لكنهم لا يكفون عن وصف أعمال الجيش السوري بصفة الإجرام و هو يُعيد مدينة حلب إلى سابق عهدها و ينتشلها من براثن الجاهلية و مخالب الجهل..