فاجعة الحسيمة، فاجعة المغرب حتى لا يصبح الظلم هو القاعدة !…
جريدة طنجة – عزيز كنوني (محسن فكري )
الأربعاء 09 نوفمبر 2016 – 12:22:05
هذه الفاجعة ملكت على الناس قلوبهم ومشاعرهم ودفعت بهم إلى أن يرسموا لها سيناريوهات محتملة ويربطوها بأحداث من زمن مضى كان المواطن خلالها لا يساوي عود ثقاب أو عقب سيجارة رخيصة
هذه الفاجعة حركت أيضا مشاعر رجل أمن مشهور، طلع علينا بفيديو يتحسر فيه على ما حدث لعائلة فكري المكلومة، ويقدم واجب العزاء والمواساة لأسرة الفقيد. وهو شعور نبيل من طرف رجل أمن ليته توقف عند حد العزاء والمواساة. ولكنه دخل في “مشبكات” كبرى حين “حذر ” “خوتي المغاربة” من خطر الفتنة واستعطفهم بـ “الله يرحم لكم الوالدين” ألا يسقطوا في الفتنة التي يتصيدها بعض المتربصين بالمغرب، ليحولوا البلد إلى بؤرة للاقتتال والسلب والنهب والفوضى.
وشدد الشرطي على أن حق الاحتجاج السلمي مضمون وحذر من ركوب البعض على قضية فكري لإشعال نار الفتنة وفتح الباب أمام “الشفارة ” وهواة “الكريساج”، وكل من يحاول تحويل البلاد إلى حمام دم…..
وأعلن للمغاربة أنه يتوفر على “فيزا” أمريكية وأخرى أوروبية، و أنه بالرغم من ضعف “الصالير” وتوفره على “الفيزتين” ما يمكنه من العمل أين يشاء ، فإنه يفضل البقاء بالمغرب لأنه يحب بلاده ويسعى للمساهمة في تنميته “حتى يزيد للقدام”….
شعور نبيل لهذا الأمني الذي تفاعل إيجابا مع فاجعة حركت الشعب المغربي من أقصاه إلى أقصاه، بسبب ما اتفق الجميع على وصفه بـ “الظلم والحكرة” ولو أن من خبر الإدارة المغربية يعلم أن رجل أمن حتى من الدرجات الرفيعة يستحيل أن يأخذ مبادرة “التصريح” العلني بآرائه الشخصية حول حادثة ما أو موضوع عمومي، إلا بسلطان. ومع ذلك فإنه يستحق التنويه.
إلا أن ما يجب أن يعلمه رجل الأمن المعني بهذا العمود هو أن الاستقرار الذي “ينعم” به المغرب، لم يأت نتيجة سياسات صائبة من طرف الحكام ولا من ممارسات حزبية سليمة ومؤثرة لدى عامة الشعب، حتى وإن لم يتوقف البيجيدى منذ انبجاسه عن “التغني” بأنه حقق الاستقرار. والحقيقة أن هذا الاستقرار نابع من نبوغ ونضج الشعب المغربي ووعيه بأهمية المحافظة على أمن وأمان البلاد وإيمانه بأن الفتنة سر البلاء ، لا خير فيها ولا منها بالرغم من أن هذا الموقف المتحضر النبيل لا يواجه، دائما، بالتقدير والاحترام من طرف الحكام على مختلف المستويات…. خصوصا أولئك الذين “تضطرهم” ظروفهم إلى الاحتكاك بهم من أجل قضاء حوائجهم اليومية.
وقد لاحظ الجميع كيف أن موجات “الفوضى” التي اجتاحت دول الجوار العربي لم تنل من المغرب ولا من إيمان الشعب المغربي ببلده ولم يشأ أن ينخرط في تلك الفوضي القاضية، رغم أنه كان يملك أسبابا وجيهة لذلك، وبالتالي فلا مكان للتبجح بأن هذه الحكومة أو تلك، أو أن ذلك الحزب أو ذاك، وراء استقرار الأوضاع بالبلاد. الشعب المغربي هو من اراد الاستقرار وهو من فرض الحفاظ على الاستقرار واستمرار الاستقرار، وعيا منه بأهميته في تقدم البلاد ونموها ورقيها.
أما “الفتنة” التي حذر منها رجل الأمن، إما بمبادرة منه أو بوحي من غيره، فإن الشعب المغربي رفضها حتى وهو يواجه أحلك الظروف في تاريخه المعاصر، خاصة خلال فترة سبعينات القرن الماضي، حيث تحالف الحكام وزبانية الطغاة والظلم والقمع والاستبداد ليصادروا الحريات، ويعتدوا على الحقوق الفردية والجماعية، ويطلقوا أيدي الغلاة في رقاب الشعب…… وإلا فلا خطر من جانب الشعب في هذا الجانب، لأن وعي الشعب بأهمية وخطورة “اللحظة” يحصنه ضد تيارات الهدم والدمار والتخريب المادي والمعنوي. ولأن الشعب يعي جيدا أنه قادر على تقويم الأوضاع الفاسدة بوسائل متحضرة وأكثر نجاعة وفعالية من الاندفاع وراء الفتنة.
الذين يدفعون في اتجاه الفتنة، هم أولئك الذين يسخرون سلطتهم لاحتقار الشعب وتعمد معاملته بنوع من السلطوية المتعالية والممارسات التعسفية لفئة من المسؤولين في الإدارة العمومية التي لا نحتاج للحديث عنها بعد ما ورد في الخطاب الملكي الأخير بشأنها.
الذين يدفعون إلى الفتنة هم أولئك الذين يتلاعبون بعواطف الشعب ولا يحققون المساواة بين جميع أفراد الشعب أمام القانون، ويباشرون الاستبداد والاستفزاز والمحسوبية في تعاملهم مع الشعب، أو يتسترون على الفساد في دواليب الدولة ، ويستعملون نفوذهم في ما يثير حنق الشعب وغضبه، ويثير شعوره بـالمهانة و “الحكرة” ، خاصة في مجال العدالة حيث إن بعض قرارات المحاكم تدفع مواطنين ومواطنات إلى الانتحار حرقا أمام الملآ.
ولعل قصة “أمي فتيحة” وخديجة السويدي وقبلهما أمينة الفيلالي، وغيرهن كثيرات ممن ضحين بحياتهن بمروءة وشهامة، من أجل الكرامة ، الأمر الذي يدل على أن في الأمر خللا ما….يجب تقويمه وإصلاحه !
وما مأساة قتيل الحسيمة ــ الذي لا يأتي ذكره ، ظلما، في وسائل الإعلام إلا مقرونا بـ “السماك” أو “بائع السمك”, والحال أنه “المواطن المغربي محسن فكري”، إلا دليلا آخر على الاختلالات العميقة التي تضرب الإدارة المغربية في العمق، بشهادة رئيس الحكومة الذي أقر بفشله في محاربة الفساد الذي جاء من أجل مواجهته …..
الذي يدفع أيضا في اتجاه الفتنة هم أمثال تلك “البرلمانية” ــ ياحسرة ــ التي تجرأت، دون حشمة أو حياء، فنعتت أهل الشمال والريفيين بوجه خاص، بـ “الأوباش”، عبر تدوينة فيسبوكية، في نوع من التحدي لروح المواطنة وشرف المواطنة وكرامة المواطنين الذين تقدمت لتمثيلهم. والحال أن أهل الحسيمة ومعهم الشعب المغربي قاطبة، باستثناء زعيم البيجيدي، كانوا يعيشون حالة غضب عارم من جراء الفاجعة الكبرى التي أصابتهم بسبب استبداد الإدارة وتخبطها في تطبيق القانون، خاصة وحالة الراحل محسن فكري لم تكن الأولى في سجل “المخالفات” الإدارية التي يتعامل معها مكتب الصيد بتدابير إدارية وليس بطحن “المخالفين” داخل شاحنات نقل الأزبال بالشارع العمومي !
منتهى الخزي والعار !..
هذه النائبة التي لا تستحق الاحترام، كان من المفروض أن تسحب منها الحصانة البرلمانية وتطرد من البرلمان وتقدم للمحاكمة بتهمة الإساءة للوطن ولوحدة الشعب المغربي .. ..