يحيا العدل
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( العدلُ)
الخميس 17 نوفمبر 2016 – 10:30:58
المحكمة الإدارية رفضت دفوعات المفوض القضائي الذي ناب عن الحكومة، خاصة ما تعلق باعتبار اجتماع التأسيس خارج غطاء القانون، نظرا لأن هذا الاجتماع لم يكن موضوع تصريح مسبق مقدم للسلطة الإدارية المحلية .
المحكمة ردت بأن قانون الجمعيات يجيز تأسيس الجمعيات بكل حرية ودون سابق إذن، مع وجوب مراعاة الفصل الخامس من ظهير الحريات العامة الذي يلزم كل جمعية بتقديم ملف التأسيس لمقر السلطة الإدارية الكائن بها مقر الجمعية ويسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال وتقدم نسخة من الملف إلى النيابة العامة لإبداء الرأي عند الاقتضاء.
قرار المحكمة الإدارية يُحمل وزارة الداخلية مسؤولية رفض تسلم ملف تأسيس هذه الجمعية، ويفرض عليها أداء تعويض بمبلغ خمسة ملايين سنتيم لفائدة مؤسسي الجمعية مع تحميل الصائر لوزارة الداخلية.
ومع أن هذا الحكم قابل للاستئناف ، فإن المؤسسين يأملون في أن يقتنع المسؤولون بوزارة الداخلية بصدق نيتهم في خدمة البلاد ويساعدوهم على القيام بنشاطهم في خدمة حرية الصحافة والتعبير وهي من أسس الحريات العامة وحقوق الانسان، التي نص عليها الدستور صراحة، عبر العديد من مواده.
إن تعنت بعض رجال السلطة في قبول ملفات تأسيس الجمعيات، إما بسبب الشك في أهدافها أو الارتياب في نية بعض مؤسسيها الذين قد يوجد من بينهم من يتبنى أفكارا متطرفة دينيا أو سياسية أو أخلاقيا ، يفضي إلى جدل قانوني حول مدى احترام السلطات الإدارية لنصوص القوانين المنظمة لتأسيس الجمعيات وفقا لظهير الحريات العامة (15 نوفمبر 1958) ما دفع عددا من مؤسسي الجمعيات للتوجه إلى المحكمة الإدارية التي قضت بإلغاء العديد من القرارات الإدارية الرافضة لتسلم ملفات تأسيس الجمعيات وهي إطار للتعاون بين الأشخاص لتحقيق أهداف مشروعة، يفصحون عنها في قوانين التأسيس المقدم للسلطات المحلية، وتعتبر الجمعيات من أهم الحريات العامة والحريات الفردية.
ويجدر التذكير في هذا الباب بقرار المحكمة الادارية برفض قرار عدم تسلم ملف تأسيس جمعية بتطوان، صادر عن رئيس المنطقة الحضرية “تطوان الأزهر”، حيث اعتبر القضاء أن الجمعية الطاعنة في القرار الإداري تقدمت بتصريح بالتأسيس في إطار القانون دون أن تتحصل لا على وصل مؤقت رغم التنصيص على فوريته تسليمه، ولا على وصل نهائي، رغم مرور 60 يوما على واقعة الإيداع ، الأمر الذي يعتبر مخالفة من جانب السلطة الإدارية للفصل 5 من القانون المنظم للجمعيات، ما تعين معه الحكم بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه.
إن الاتجاه الذي كرسه القضاء الإداري هو تأكيد عدم أحقية السلطات الإدارية المختصة بتسليم التصريح بتأسيس الجمعيات، في مناقشة مشروعية أو عدم مشروعية الجمعية ، حيث يبقى ذلك من اختصاص القضاء . أما دور السلطات المحلية فإنه ينحصر في “الإشهاد” على واقعة إيداع ملف الجمعية .
وفي حالة جمعية “الحرية الآن ــ لجنة حماية الصحافة وحرية التعبير” فإن ملف الجمعية مر بمراحل شاقة شابها تحايل دائم من أجل الحؤول دون إتمام مسطرة التأسيس القانوني للجمعية، عبر إثارة العديد من الشكليات القانونية والمسطرية، منها رفض المحكمة دعوى طعن تقدمت به الجمعية سنة 2014، بسبب كون الطعن تم باسم جمعية لم تكتسب بعد الشخصية القانونية التي تؤهلها للتقاضي.
وتفاديـًا لهذا الإشكال تقدم مؤسسو الجمعية خلال شهر غشت 2016 بملف جديد بأسماء المؤسسين وهم رضى بن عثمان وفاتحة أعرور وفاطمة الإفريقي وعلي أنوزلا ورشيد طارق وآمنة تفنوت وربيعة البوزيدي وتوفيق بو عشرين وخديجة رياضي ومحمد مسعودي والمعطي منجب وأحمد بن الصديق ومحمد سلمى وأحمد بوز وسليمان الريسوني ، حيث رفضت المحكمة الدفوعات الشكلية التي تقدم بها المفوض القضائي من حيث عدم الحصول على تصريح إداري بعقد الجمع العام التأسيسي للجمعية وعدم بيان مهنة المتقدمين بالطعن ومحل إقامتهم وعدم وجود سند مشترك بينهم، فإن المحكمة اعتبرت أن رفض تسلم ملف الجمعية مخالف للفصل 5 من ظهير الحريات العامة وماسا بحرية تأسيس الجمعيات ، مما يجعله قرارا مشوبا بعيب مخالفة القانون وبالتالي متسما بتجاوز السلطة ، الأمر الذي يتعين معه الحكم بــإلغـائهِ.
وكان ذلك عدلاً.. . ..