“الرئــيس بن جـلُّون”
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( الجـهوية )
الأربعاء 30 نوفمبر 2015 – 11:24:51
مشروع الجـهوية، في رؤية الملك محمد السادس، يُعَدُّ “إصلاحاً هيكليا عميقا يقتضي جُهْدا جماعيا لبلْورته وإنضاجه”، و أعتقد أن الملك قال ذلك لِوَعْيهِ بأهمية مَرامي “الجـهوية”، تلك، التي يتصدَّرُها ترسيخُ الحَكامة و تفْعيلُ التَّنمية الجِهوية .
لذلك، فإن تحقيق المرامي ليس فعْلا انْفراديا، بل هو عملٌ جَمَاعي تتظافر فيه الإسهامات، و المقْصود بـالطّابع “الجماعي” للعمل، في تفْسير القانون، هو العَملُ الذي تشْترك في إنْجازه كلُّ المُؤسّسات القائمة في المَقام الأول، ثُمّ الكفاءاتُ الفرْدية التي توافرت بِالبَلَد، باعْتبارها مُنتمية بل و جُزءاً أصيلا من هذه المُؤسسات المُنتخبة. و لعل أهم هذه المؤسسات، من زاويةٍ ما، الغُرف المِهْنية.
لقد ضمّت مدينة طنجة، مُنذ الماضي، غُرفا مهْنية للتُجّار كما للصُنّاع، و أُخْرى للصُّناع الحِرفيين، و غُرفاً تُمثل رأي الفلاحين، لكن المدينة ستضُمُّ مع أواخر التسعينات غرفةً مِهْنية رابعة، و كانت في هذه المرّة عائدةً لِمهْنيي صيْد الأسْماك، لِتظهر بذلك للوجود “غرفة الصيد البحري المتوسطية”.
لقد تناوب على رئاسة الغرفة، الممتد نفوذها الجغرافي من العرائش غرْبا إلى السعيدية شرقا، عديدون، كانوا رؤساءَ من ألوان مُختلفة و توجهات مُتنوّعة، إلا أنهم كانوا يتشابهون أكثر مما يختلفون، لكن الغرفة ذاتها ستعرف مساراً آخر مع تولي رجل بحر مُتَمرّس رئاستها.
لقد عمل الرئيس يوسف بن جلون، منذ بداية ولايته، على تفعيل الأدوار المباشرة الممنوحة لهذه المؤسسة، دون إغفال الأدوار الثانوية، فالرجل اكتسب مهارات متنوعة و خبرات متراكمة، و اعتبارا لذلك، فقد استثمر هذا الرأسمال الأدبي و المعرفي و سَعَى لتوظيفهِ في توجيهِ مصـالــح الغُرفة في اتّجاه خدمة مصالح القطاع الذي يمثله، في المقام الأول، و خدمة الفضاء الأوسع و هو الجهة، ليكون الوطن الأم، في النهاية، هو المستفيد من اللُّحْمة القائمة بين أبنائه.
إن الجهة التي تعتبر هذه المدينة عاصمة لها، حباها الله بمؤهلات طبيعية متنوعة، لكنه، فوق ذلك حباها أيضا بكفاءات بشرية تتمتع بالقدرة على إنتاج الأفكار البناءة و تحدي إكراهات التدبير و مسؤوليات التسيير، فكفاءات من طينة المستشار بن جلون على رأس مؤسسة عامة تمتد من على جغرافيا واسعة، لا يجوز، في واقع الأمر، إلا أن تكون إضافة نوعية في المشهد السياسي و الاقتصادي العام، فالرجل الذي اكتسب دُربة سياسية في أمد قصير، هو أيضا فاعل اقتصادي يمْلُكُ مِراساً أهَّله لخوض غِمار الاسْتِثْمار.
حينما يكون المُتربع، بطريقة انتخابية، على كرسي المسؤولية، سياسيا يمْتلك معْرفة فسيحة بالواقع الذي يُمثله و يعيش فيه، وفوق ذلك، يمْتلك حِسًّا ثقافيا يشمل المعارف العلمية و اللغوية و المهنية، فإن ذلك سيكون، ولا شك، دعامة متينة لترسيخ جهوية كاملة المعاني و الدلالات و تستفيد، خِلالها الجهة، من هذه الكفاءات الوطنية المُتزنة، تماما كما في حالة الرئيس بن جلون…