الإدارة المغربية.. هذا الوحش الخارج عن السيطرة
جريدة طنجة – محمد العمراني ( .الإدارة المغربية.. )
الأربعاء 26 أكتوبر 2016 – 11:30:01
الملك قدم تشخيصا دقيقا لأعطاب الإدارة المغربية، التي تحولت مع الأسف إلى أداة لتعذيب المواطنين عوض أن تكون وسيلة لخدمتهم، ولقضاء مصالحهم. ونتيجة هذا التشخيص لخصه جلالته في تساؤل معبر: ” يقال كلام كثير بخصوص لقاء المواطنين بملك البلاد، والتماس المساعدة منه في حل العديد من المشاكل والصعوبات.. أنا بطبيعة الحال أعتز بالتعامل المباشر مع أبناء شعبي، ولكن، هل كان المواطنون سيطلبون مني التدخل لو قامت الإدارة بواجبها؟”..
و حتى لا يبقى الحديث عن معاناة المواطنين مع الإدارة المغربية عامّا وفضفاضا، لا بأس من استعراض صور من تَغَوُّل الإدارة بمختلف مرافقها مستقاة من مدينة طنجة لنقف على حجم الكارثة:
لا يمكن الحديث عن علاقة المواطنين بالمجالس المنتخبة المتعاقبة على تدبير شؤون مدينة البوغاز دون الوقوف على المجازر التي ارتكبتها هاته الأخيرة في قضايا نزع الملكية…
المئات من الضحايا الذين انتزعت منهم عقاراتهم بدعوى تخصيصها للمصلحة العامة لم يتوصلوا بتعويضاتهم، رغم هزالتها، منذ عشرات السنين. وعلى الرغم من عشرات الأحكام القضائية التي صدرت في حق مجلس مدينة طنجة وألزمته بأداء ملايير السنتيمات كتعويضات لفائدة ذوي الحقوق، فإنه لازال يرفض تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لأداء ما بذمته لفائدة المواطنين، الذين ذهبوا ضحية شطط هاته المؤسسة، التي يفترض أن من يسيرها هم ممثلو الساكنة..
المصيبة أنه رغم الملايير التي لازالت بذمة مجلس المدينة، وعوض أن يعطي الأولوية لأداء مستحقات الضحايا، نجده يتورط في عمليات جديدة لنزع الملكية، مرتبطة بالمصادقة على وثيقة تصميم تهيئة المدينة الجديد، مع ما ستكلفه من مبالغ مالية باهظة..
القضاء يبقى هو الآخر أحد المرافق التي ظلت مصدر معاناة حقيقية للمواطنين. يجب الاعتراف أن قطاع العدالة يعاني أمراضا كثيرة، فالرشوة ضاربة أطنابها داخل دواليب المحاكم، حتى صارت الأحكام تكتب تحت الطلب، ولفائدة من يدفع أكثر…
لا يكاد يمر يوم دون أن تجد مواطنا يشتكي ظلم القضاء، بسبب أحكام جائرة تخرق القواعد القانونية، وتشتم منها رائحة المال والنفوذ. بل يصير الأمر أكثر خطورة عندما يتعلق بقضايا لها علاقة بالاستثمار، إذ تكون التكلفة مضاعفة، ويتحمل تبعاتها الوطن..
ما قلناه عن القضاء يكاد ينطبق على جميع الإدارات والمرافق من دون استثناء..
إدارة الضرائب..
التجهيز والنقل..
المحافظة العقارية..
المستشفيات العمومية..
الإدارة الترابية..
المصالح الأمنية، من درك وشرطة..
إلى غيرها من المصالح، حيث يجد المواطن نفسه أمام جحيم حقيقي كلما قرر التوافد على إدارة من الإدارات..
الممارسات التي عششت بالإدارة المغربية تسببت في بناء حاجز نفسي سميك يفصل بينها وبين المواطن..
الرشوة..
الابتزاز..
الاغتناء الفاحش..
احتقار المواطنين..
تعقيد المساطر..
التعامل مع المواطنين باستعلاء..
هذه هي أبرز الأعطاب التي حولت الإدارة إلى وحش كاسر، يكاد يجر الوطن نحو الهاوية..
اليوم وبعد الخطاب الملكي الذي قدم تشريحا قاسيا للأمراض التي تنخر الإدارة المغربية، لم يعد أمام الحكومة أي مبرر لعدم مباشرة ملف إصلاح الإدارة..
فالمغاربة اليوم لن يرضوا من رئيس حكومتهم أن يتذرع بالعفاريت والتماسيح لتبرير فشله في اتخاذ ما يلزم من قرارات وتدابير بالجرأة والصرامة اللازمتين من أجل معالجة هاته الأعطاب…
فالمواطن مثلما عبر عن رفضه القاطع العودة إلى التحكم في العملية الانتخابية، لن يتردد في التعبير عن رفضه بالوضوح الكامل في أن تبقى الإدارة عصية عن مواكبة التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي…
فالمواطن صارت له حساسية كبيرة جدا مع الفساد..
مع استغلال النفوذ..
مع الاغتناء على حساب المناصب والمسؤوليات..
وهو مستعد اليوم لأن يقول كفى، مثلما مستعد أيضا لأن يرفع البطاقة الحمراء في وجه من حملهم مسؤولية تدبير شؤونه إن هم فشلوا في تحمل مسؤولياتهم، وممارسة اختصاصاتهم….















