سيارات الأجرة بالمغرب .. بين معاناة السائقين و الركاب .. جبروت أصحاب المأذونيات مقابل حقوق السائقين المهدورة
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( )
الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 – 11:36:13
هذه المعاناة التي يتجرعها هؤلاء في صمت لا تتوقف عند ما يلحقهم من طرف هؤلاء، بل تتعداه إلى غياب الإطار النقابي الذي من صميم اختصاصاته الدفاع عن حقوقهم.. هذا الغياب يطرح في نظرهم أكثر من علامة استفهام حول هذا الصمت الذي لا تفسير له، حقوق السائقين التي تبقى عرضة للضرب بها عرض الحائط و التي يواجهون فيها “فك الإرتباط التعسفي” معهم من طرف المشغل الذي لا يتوقف جشعه أيضا عند هذا المستوى حيث لا يجد أدنى مشكلة في التخلص من السائق و الإستغناء عنه بمجرد “عثوره” على سائق آخر يمكنه رفع السومة “الروسيتة” و لو بـ 10 دراهم فقط.
الجشع الذي يسم وجوه بعض أرباب سيارات الأجرة يصل في كثير من الأحيان إلى إجبار السائق على دفع سومة أو مردود يومي يصل إلى حوالي 400 درهم تحت طائلة الطرد و هو ما يجعل السائق يعمل في ظروف صعبة تجعله كاللاهث وراء ثروة مفقودة و يكون هذا في الأيام العادية أما في نهاية الأسبوع، التي تقل فيها حركة النقل وحركية المواطنين داخل المدينة، فإن “الروسيتة” المفروضة لا تقل عن 250 درهم. هذا فضلا على إجبار السائق على التكفل بمصاريف إصلاح السيارة خارج “الروسيتة” التي يتم تقسيمها على أربع يأخذ السائق الثلث فيما يكون الباقي (3/4) من نصيب رب السيارة.
“فوضى واستغلال وريع”، هكذا يصف أحمد ( إسم مستعار لمسؤول نقابي)، وضعية سائقي سيارات الأجرة بكل فئاتها في طنجة، مشيرا إلى أن السائق، كمُستغِّل لمأذونية النقل، يعيش كـ”عَبْد” لدى مالِكِها، حيث يغيب القانون في تنظيم مهنة سائق طاكسي، وهنا تنتشر الفوضى، بتعبير أحمد.
كيف تصف وضعية سائقي الطاكسيات في المغرب؟
نحن بكل اختصار فئة مهمشة في بلدنا، وسط غياب قوانين منظمة وطغيان الريع بشكل كبير والذي ينخر المهنة.. إن سائق الطاكسي في المغرب هو “عبد” عند “سيده” صاحب المأذونية، بالتالي فإن أبناءه يعيشون في ظل تلك العبودية.. نحن أمام غياب قانون يحفظ كرامة السائق المغربي.
تصور معي أن مهنيي سيارات الأجرة ليس لهم الحق في الترشح أو التصويت داخل الغرف المهنية، على الأقل كمواطن، فالحلاق مثلا ينتمي لفئة معنية ذات ارتباط بغرفة مهنية يتبع لها، أما نحن، فلا انتماء لنا، هناك خلل في التشريع المغربي من هذه الناحية أيضا، رغم أن مدونة السير الجديدة تتيح لك التوفر على بطاقة مهنية والتسجيل ضمن خانة المهنيين.
معنى هذا أنكم غير تابعون لأيّ جهة مهنية؟
من الطبيعي أن نكون تابعين لوزارة النقل، لكننا الآن ننتمي لوزارة الداخلية، وهو تناقض وخلل واضح، حتى وزارة الداخلية لا تفهم طبيعة هذه العلاقة ولا جواب لديها على ذلك، وهو ما يدفعنا إلى أن نركز على ضرورة تشريع قوانين واضحة تخدم السائق المهني وتسمح له بالعيش الكريم في إطار الدستور الجديد.
مثلا، السائق الذي يعمل مع النقل المدرسي، فهو ينتمي لهاته المؤسسات، وأنا متأكد بأن وضعيته واضحة وسليمة، والأمر ذاته لسائق حافلات نقل المسافرين، لكن سائق الطاكسي تبقى وضعيته محيّرة، لأن الريع ينخر في المجال من خارج المهنة.
وما هو الحل في نظرك؟
يجب أن نحتكم للدستور المغربي الذي صوّت عليه المغاربة في محاربة الريع، والحكومة مطالبة بتنزيله، ونقترح في هذا الصدد الإشتغال على صندوق التماسك الإجتماعي، ونحن مستعدون أن نساهم فيه، لكن شريطة أن تعطى الأسبقية في مأذونيات استغلال النقل للناس ذوي الهشاشة والفقر، وليس للجنرالات والأشخاص الأثرياء..
يجب التعامل مع رخص المأذونيات وفق معايير تخضع لدفاتر تحملات، والإلتزام بالحوار مع الأطراف المعنية.
هل أنتم مع منع أو إعطاء الكريمات؟
أقترح أن تعطى الكريمات في المناسبات الوطنية، كالأعياد التي يعلن فيها الملك محمد السادس عن عفوه عن السجناء، وأن تمنح للمحتاجين والمستحقين، وتعلن أسماؤهم، حتى نبقى في إطار الشفافية ، أما الآن فمجال الكريمات لازال فيه فوضى ويطبع الغموض مالكيها ومستحقيها.
يجب على الدولة أيضا أن تتدخل لدعم المهنيين في ثمن الكازوال، لا يعقل أن يتم دعم مهنيي الصيد البحري بـ7 دراهم، في وقت يتم استثناؤنا، أصلا لا نرى السمك في المغرب حتى ندعمهم، مقابل أننا نقوم بعمل حقيقي بشكل يومي.
“نحن نقوم بعمل كبير في نقل المغاربة والسياح، لكننا لا نرى دعما من الحكومة، التي نطالبها بالإلتفات بشكل جدي إلى مشاكل هذه الفئة، ونحن من جهتنا مستعدون لأي أمر يكون فيه صالح المغاربة، بشرط أن تكون الدولة جدية معنا”.
و علاقة بالموضوع فالزبون هو أيضا يعاني من سيارات الأجرة ، ووصلتنا عديد الشهادات التي تصف معاناة صنف من المسافرين الذين يضطرون إلى ركوب سيارة أجرة من المطار ومع ذلك آثرنا المعاينة على السماع « فليس الخبر كالمعاينة› وانطلقنا في الدراسة الميدانية عُدّتنا في ذلك حقيبة سفر صغيرة.فما إن تغادر باب الخروج من المطار حتى ينقضّ عليك عدد من الرجال وكأنّك في السوق العتيقة كلّ يريد منك أن تدخل دكانه وأن تشتري بضاعته ومع ذلك تصرّ على التوجه إلى مربض سيارات الأجرة وأن تلتزم بالقانون واحترام الدور.
تنطلق الرحلة ببشاشة سرعان ما تنقلب إلى تجهّم إن طالبت سائق «الطاكسي» بأن يضع العدّاد، وهنا تختلف ردود الفعل وفق شخصية كلّ سائق. ففي بعض المرّات وجدنا السائق يكتفي بالتذمّر من صعوبة الحياة والأزمة الاقتصادية وقلّة ذات اليد… وعبثا تحاول أن تحاوره وأن تقنعه بأنّ الحياة قاسية على الجميع وأنّ اعتماد العدّاد إجباريّ ولكن يصرّ صاحبنا على «حقّه» في مقابل مادي يتلاءم مع ساعات يقضيها في انتظار الزبون وما إن تتمسّك بمطلبك حتى ينقلب صارخا في وجهك ويدعوك إلى النزول إن لم يعجبك الأمر ..وأنّ لك ذلك وأنت في منتصف الطريق والحقيبة الصغيرة محجوزة في صندوق السيارة الخلفي…..
أما الحالة الثانية فتتمثل في ممارسة العنف اللفظي بمجرد أن تطالب بوضع العداد وترفض النزول من السيارة، حينها تسمع ما لا تتوقع وينتابك إحساس بأنّ السيارة ستنقلب في أول منعرج. فالسائق يتعمّد ترويعك حتى لا تعيد المطالبة بحقك …وما إن تنزل حتى يطالبك بأن تحمل حقيبتك بنفسك من صندوق السيارة ويلقي بوجهك النقود المتبقية … حالات متعددة عايناها في يوم واحد ومع سائقين مختلفين من حيث السنّ ومستوى التعليم …وتعرضنا فيها للعنف اللفظي (السب والشتم فالدعاء بالشر فلعن الوالدين….) والإهانة حتى كدنا نتصل بوزيرة المرأة لنحفزها على خوض التجربة وتحيين الإحصائيات حول العنف المسلط على النساء….
خلصنا بعد هذه التجربة المريرة إلى الآتي:
– إنّ حالات تعنيف كلّ من تسوّل له نفسه المطالبة بتشغيل العدّاد عامّة وليست استثنائية باعتبار أنّ هذا السلوك قد ترسّخ لدى أصحاب القطاع (الخاص بالمطار) فصار قاعدة.
– لقد وضع أصحاب ‹الطاكسيات «تقليدا خاصّا فالمغربي يدفع الضعف والسائح الأجنبي يدفع 3 مرات أو أكثر مقابل الرحلة ، وهو شكل من الفساد المستشري ولا رادع له.
– إن كان الإحساس الذي ينتاب الزبون المغربي هو أنه ضحية في يد فيلق من المتحيّلين الذين يفرضون «قوانينهم» على المواطنين دون حرج فإنّ الإنطباع الراسخ لدى السائح منذ اللحظة الأولى، هو الفوضى فأين «دولة القانون»؟.
نجد في البلدان التي تحترم مواطنيها والوافدين عليها شركات خاصة في المطار مهمتها توفير الخدمة اللائقة للمسافرين :تمدك بالوصل ورقم السيارة وكل بيانات السائق وفي بلدان أخرى يمكنك الدفع مسبقا في الشركة ثم التوجه إلى موقف سيارات الأجرة ليأتيك السائق في الزمن المكتوب في الوصل….
ماذا لو ركب الوزير/ة الطاكسي وعاين بنفسه ما يجري ؟ ماذا لو عاين عدد من الوزراء عن كثب ما يجري في المؤسسات التي يشرفون عليها؟ ماذا لو عوملنا كمواطنين لا كصيد ثمين الكلّ ينقض عليه لافتراسه؟
قطاع سيارات الأجرة يعاني من الطرفين ، المهنيين و الركاب من المواطنين ، لكل معاناته الخاصة ، و هذا ما يستدعي تدخل كل الأطراف من مسؤولي القطاع و الأمن و المنتخبين ثم الجمعيات المدنية لإيجاد حلول مناسبة لهذه المشاكل و إيقاف تدهور العلاقة بين الطاكسي الصغير و الزبون الذي بدأ يرسم صورة سيئة جدا عن السائقين و يضعهم في خانة واحدة بالرغم من أن هناك حالات لسائقي طاكسي تراعي كل شروط وأخلاقيات وخصوصيات مهنتها و تحترم زبناءها ….