بنكيران.. سمير.. و حكاية رد الاعتبار
الأربعاء 07 شتنبر 2016 – 17:51:39
سمير عبد المولى شغِل الناس، عندما تسلم عمودية المدينة، صيف 2009، قادما على متن جرار، كان ساعتها قد قرر حرث جميع المدن، حتى ولو لم تكن تضاريسها تسمح بالزراعة!..
و شغِلهم سنة بعد ذلك، عندما أجبروه على الترجل من فوق الجرار، ومغادرة الطابق السابع لقصر البلدية، بعدما قاد المدينة إلى شلل مس جميع القطاعات والمرافق دون استثناء…
وشَغِلهم أكثر عندما قرر مغادرة حزب التراكتور، ليحتضن بعدها بأسابيع شباب حراك 20 فبراير، وصار من قادتها، وتصدر تظاهراتها، رافعا شعار “إرحل” في وجه المحيط الملكي…
لينهي رحلة “العصيان” بإعلان التحاقه بحزب العدالة والتنمية، وبقية القصة تعرفونها، عندما انهارت إمبراطورية “كوماريت وكوماناف” بعد فشله في رد ملايير السنتيمات لدائنيه من الأبناك والممونين..
ثم جاءت حكومة بنكيران، واعتقد الجميع أن حزب العدالة والتنمية سينقذ إمبراطورية سمير من الانهيار، لكن وأمام استغراب الجميع تنكر لها بنكيران، وانتهي الموضوع بالإعلان رسميا عن إفلاسها…
واعتقد الجميع حينها أن صفحة سمير طويت إلى غير رجعة، خاصة عندما تم تجاهله في الانتخابات الجماعية الأخيرة، ولم يحض بتزكية تنظيمات المصباح بطنجة…
وحتى عندما اجتمعت هيئة الترشيح لاختيار لائحة المصباح التي ستخوض استحقاق 7 أكتوبر عن دائرة طنجة – أصيلة، لم يرد إسم سمير عبد المولى ضمن قائمة الأسماء التي تم تداولها…
فجأة ومن دون مقدمات، قفز إسم سمير عبد المولى إلى الواجهة، وقيل أن بنكيران لما توصل بلائحة المترشحين، تساءل عن سبب عدم ورود سمير عبد المولى ضمنهم!..
لكن توالي الأحداث كشف أن بنكيران جاد في إعادة “بعث” سمير سياسيا…
وما كان يتم تداوله في الكواليس صار حقيقة:
سمير تم ترسيمه في المركز الثاني وراء بوليف، أو لنقل تم تعيينه عضوا بمجلس النواب، ومنحه صفة “نائب الأمة”…
طيب..
ظاهريا، يمكن قراءة قرار ترشيح سمير عبد المولى وكأنه وفاء من الحزب، وتقدير “للتضحيات” التي قدمها هذا الشاب، عندما “غامر” بكل شيئ، وغادر الجرار، ملتحقا بالمصباح…
لكن حقيقة الأمر، فإن قرار ترشيح سمير عبد المولى، يؤكد أن الأمانة العامة للمصباح أصبحت مهووسة بحزب الأصالة والمعاصرة، وأنها صارت تستحضر الصراع مع البام في اتخاذ قراراتها، عوض مراعاة مصلحة الحزب.
فالأمانة العامة بترشيحها هذا، إنما أرادت بذلك توجيه رسالة لمن يهمه الأمر، مفادها أنها مصرة على إعادة الاعتبار إلى شخص “ضحى” بمستقبله السياسي، عندما قرر مغادرة حزب الجرار، والالتحاق بالعدالة والتنمية، بل أدى “ضريبة غالية” على هذا القرار. ولهاته الاعتبارات، و في الوقت الذي اعتقد الجميع وفاة عبد المولى سياسيا، هاهي العدالة والتنمية تحييه من جديد، وتمنحه صفة نائب للأمة، وفي ذلك رسالة لن تخطئ العنوان المرسل إليه!..
وهي – قيادة المصباح – في سبيل “الانتقام” من حزب الجرار، قررت التضحية بكوادر الحزب، الذين راكموا خبرة في مجالات متعددة، يبقى الحزب في أمس الحاجة إليها داخل قبة البرلمان..
الجميع يتساءل عن المعايير التي اعتمدتها قيادة المصباح في ترتيب المهندس محمد أفقير رئيس مقاطعة طنجة المدينة، في المرتبة الخامسة، والحال أنه كان أحد المرشحين الأقوياء لمنصب العمودية، وصاحب التاريخ النضالي المشهود له على امتداد المسار التاريخي للحركة الإسلامية المغربية.
هو قرار رأى في المتتبعون للشأن الانتخابي بالمدينة ظلما كبيرا وغير مبرر في حق أفقير، دون الحديث عن الخبير في المالية العمومية، عبد اللطيف برحو، الذي راكم خبرة طويلة في تخصصه، ومع ذلك تم وضعه في المرتبة الرابعة.
قصة ترشيح سمير عبد المولى كشفت بالملموس أن حزب العدالة والتنمية صار سجين معركته مع “البام”، و اختار في سبيل ربحها نهج أسلوب”حرق قوارب العودة”، لأنه صار مؤمنا بأنها موقعة وجود بالنسبة إليه…
حزب العدالة والتنمية مع كامل الأسف اختزل رسالته في الانتصار على البام، وتناسى أن الوطن أكبر من الجميع….