مسجد طارق بن زياد… و ضع كارثي..!!
الجمعة 09 شتنبر 2016 – 16:54:04
يعُد مسجد طارق بن زياد ثالث أكبر مساجد طنجة بعد مسجدي محمد الخامس بساحة الكويت والجامع الكبير بالسوق الداخلي، وهو ما تعارف السكان على تسميته ب «مسجد السعودي » نسبة إلى مشيده ومموله الملك الراحل فهد بن عبد العزيز.
إلا أن المسجد المذكور تعرض لمجموعة اختلالات بفعل إجراءات أقدم عليها مسؤولو ولاية طنجة في وقت سابق دون دراسة، ودون الإحاطة بواقع المسجد وموقعه الذي جاء في منطقة هي الأكثر سوداوية في المدينة، والأخطر من حيث استقطابها لتجار الموت ومقتنصي اللذة الحرام الذين يتوارون أو ينزوون في الواجهة الخلفية للمسجد المؤدية إلى سوق الحي الجديد.
الإجراءات التي شملت محيط مسجد طارق بن زياد كانت ضمن قرار اتخذ بإزالة كل الحواجز والأسوار والموانع التي بنيت حول فيلات وعمارات ومؤسسات ابتلعت في حينها أمتارا من الملك العمومي، فكان لزاما تصحيح هذا الوضع الذي استمر زمنا طويلا وقلص من الأرصفة. ولكن إخضاع المسجد لهذا القرار كان خطأ صادرا عن عقلية تجهل ظروف المنطقة التي يوجد بها المسجد.

الوضع أصبح كارثيا.. فإزالة السياج الحديدي وبوابته التي تغلق بعد أداء الصلوات الخمس فسح المجال للباعة الجائلين والمشردين باقتحام الفضاء المحيط بالمسجد، فأصبحت الساحة المجاورة لبوابة المسجد مرتعا خصبا لهؤلاء الباعة بطاولاتهم وأغراضهم التي تخلف أزبـالاً، فضلاً عن أصواتهم العـــالية التي تعلن عن نوعية البضاعة وثمنها، وعندما تختلط الأصـــــوات المتباينة وتتشاكس، يصُبح من الصعب على المصلين الإنصات إلى الإمام أو آيــــات الذكر الحكيم التي تتلى قبل صلاة الجمعة وعقب صلاة المغرب، كما يتم سد باب المسجد في وجه المصلين عند الدخــول أو الدخول بهذا الركام من البشر والسلع، وكثيرا ما نشبت مشاداة بين المصلين المحتجين والباعة المكتسحين لباحة المسجد الأولى والثانية، ولا يستطيع الأفراد القلائل لرجال القوات المساعدة الموجودين ببناية الإدارة الترابية القريبة أو عند باب المجسد فعل شيء، فالكل أصبح يخشى الاقتراب من هؤلاء الباعة ولو على حساب النظام والأمن، والكل من الأخمص إلى الأعلى يقول إنه يخشى العواقب.
لنترك باحتي المسجد وبابه الرئيسي ولوحته الإشهارية التي تحمل اسمه والتي أتت عليها جرافات السلطة.. ولنتجه إلى الواجهة الخلفية للمسجد المطلة على جزء من سوق الحي الجديد، هذه الواجهة شهدت زحف الباعة المتجولين/القارين ليل نهار وتمركز باعة الممنوعات والداعرين والمخمورين والمخد رّين ليلا ممن يتخذون من واجهة المسجد وجدرانه ملاذا آمنا تحت جنح الظلام. وهكذا تحول مسجد طاهر إلى بؤرة للفساد..

وتجدر الإشارة إلى أن المسجد كان يتوفر على موقف سيارات خاص بالمصلين جوار الجناح الخاص بالنساء تتوسطه خطوط حمراء تحدد مواقف السيارات، هذا الموقف استغله تجار سوق الحي الجديد لركن سياراتهم طوال النهار، إلا أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قامت مؤخرا باحتلال هذا الموقف الشاسع لبناء دكاكين تجارية.
و بالنظر إلى كل ما ذُكر.. وإلى كل ما تعرض له هذا المسجد من اختلالات، فإنه يشهد يوميا سرقات لأحذية المصلين، كما أن مكيفات التهو ية لا وجود لها.
والحل يجب أن يتجسد في إعادة السياج ببابه الذي غُلق عند انتهاء الصلوات الخمس مما يحول دون اقتحام ساحتي المسجد من طرف الباعة المتجولين ومنع وصول صراخهم إلى داخل المسجد، وعلى أن يشمل السياج كل محيط المسجد، مما يمنع المنحرفين من اللجوء إلى واجهة المسجد الخلفية واتخاذ جدرانه ملاذا ومأوى لهم.
وللحفاظ على حرمة مسجد طارق بن زياد، ثالث أكبر مساجد طنجة، يجب الإسراع باتخاذ ما يلزم من إجراءات تمشيا مع ما يتميز به المغاربة من تدين وتعلق ببيوت الله وصيانة لحرمتها وقدسيتها وعظمتها، وما يجسده ذلك من اعتزاز وتمسك بالقيم الروحية التي بنيت بها الشخصية والذات والروح المغربية.
مؤكد أنها ستظل صرخة عميقة في واد سحيق، فقد تعودنا من سلطاتنا أن تصم آذانها عن صراخ المغاربة حتى لو اجتمعوا قبيلا، ويمكن أن تتحرك إذا وقعت الواقعة مثل ما حدث في مسجد الأندلس بتطوان، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالمتابعة غائبة وأزمة الأمن والفوضى تستفحل، وها قد بلغت أماكن العبادة المقدسة، فتأملوا مسجد طارق بن زياد عند الصلوات، وتأم لّوه عند صلاة الجمعة، وكأن الحبل ترك على الغارب عند السفلة والغوغاء ممن لا دين لهم ولا تربية ولا حس وطني ولا إنسانية. تأملوا الجحافل الواردة على المسجد من كل حدب وصوب وحتى من المناطق البعيدة، فسمعة هذه النقطة السوداء تغني عن الخبر اليقين.