خريبكة والعيد وبطني المنتفخة.. !!
الجمعة 16 شتنبر 2016 – 11:41:15
الفوسفاط في خريبكة.. وفلوسه في مكان آخر.. والله كريم.. يا كريم..
زرتها، أول ما زرتها، في شتاء 1992.. ولم تكن الفرصة مواتية للغور في عوالم المدينة، والتعرف على ناسها..
كانت الرحلة الأولى استثنائية.. وصلنا مع التباشير الأولى للظلام.. أكلنا ما تيسر ونمنا، فيما أذكر، نوماً مضطرباً في داخلية تابعة لمؤسسة تعليمية عمومية.. وهذه أماكن يفضل عدم وصفها، سواء هناك أو هنا..
استيقظنا صباحاً مشتتي التفكير.. واهتمامنا منصباً كان على مواعيد السباقات.. سباقات البطولة الوطنية للعدو الريفي.. إنني أبتسم الآن وأنا أتأمل بطني التي صارت منتفخة بشكل لا يليق بعداء قطع المسافات الطوال على درب البطولات، ولو كان ذلك بصيغة الماضي.. يا حسرة على الآيام..
ذلك زمن مضى، وكان حتى كان أن جاء “المكتاب” لنعيد الكرة ونزور المدينة للمرة الثانية قبيل العيد الكبير.. والحولي نصب العين، يكبر ويصغر، حسب ما يسمح به الجيب، وتسمح به “الشطارة” التي هي من البيع والشراء في شيء.. شيء يقبل به البائع والشاري، ولم يحرمه الله..
أن تقتني أضحية العيد من خريبكة، فإن ذلك من خير الصدف وأجملها..
الناس في خريبكة بسطاء وطيبون.. يقنعون بالذي قسّم الله، ويدعون لك بالتيسير..
في زيارتي الأولى، كنت حريصاً على التواجد في الكوكبة الأولى.. أما في الزيارة الثانية (أكتوبر 2013 الإفرنجي) لم أجد بداً من الرجوع إلى الخلف وفسح المجال لنور الدين والحاج وعبدو ومصطفى، معترفاً ومسلماً بخصاصي الفادح في ثقافة الحولي، ولو أني من مدشر بني مكادة القديمة أتيت، حتى لا أقرأ بالمقلوب.. غير أن الناس في خريبكة طيبون والفلاحون لا يطلبون ثمناً مضاعفاَ لكي يبيعوا بنصفه.. لذلك فلا خوف من “الشناقة” وتجار الغفلة.. وإذا ما أدركني العيد المقبل، سأعيد الكرة وأتقضى، بحول الله، من خريبكة.. من السردي أو البركي أو أي فصيل آخر.. المهم الجودة والصحة والسلامة كما تؤكد زميلتنا في العمل المحترمة فاطمة الزهراء..
عجباً لناس خريبكة وضواحيها، يفرحون لمجرد رؤية ضيوف يقصدون ديارهم.. والأستاذ بنداوود، تحديداً، أخجلني بكرمه وحسن ضيافته.. أما عن ميلود، فتلك حكاية أخرى..
الناس في خريبكة يتحدثون في السياسة ويحبون الاستقرار، وإذا ما اختلفوا في أمر لا يرفعون عقيرتهم بالصراخ والجدال البيزنطي.. لم أر معزة تطير، ولكن شممت رائحة النعناع وذقت من حلو الرمان، أما البصل فإنه ناصع البياض، تماماً كقلوب الناس العائشين في هدوء وسكينة، رغم دبدبات ورنين السكة الحديد..
إذا لم يتكلم الناس، في خريبكة، لا تستطيع أن تميز بين الأستاذ والمهندس والطبيب والعامل البسيط، لأن الجميع يلتحف بالبساطة.. وكل شيء على أكف الراحة..
الابتسامة في خريبكة عملة رائجة، وبدون تكلف.. سرّ من رأى وصدق من روى..
– نلتقي !