” بدون مأوى “
الخميس 15 شتنبر 2016 – 18:47:16
الآن اختلف الأمر بصورة طاغية عما كان عليه في سابق الأيام، لقد اعتاد الناس أن يروا ناسا كـ “أيها الناس” و هم لا ينامون في العراء و حسب، بل استوطنوه و بات لهم “وطنا” فعليا.
في المقابل لا يبدي هؤلاء الناس أي تعاطف أو عطف على هؤلاء “المستوطنين” الممنوعين من حق الإقامة “اللائقة”.
قد يبدو الأمر عاديا في نظر الكثير، لكنه في الواقع يعكس التحولات العميقة التي طرأت على المجتمع و تلك الاختلالات الجسيمة التي أصابته، اختلالات تسببت في ذيوع “الأنا” و تراجع منسوب ” النحن”.
الحكومة التي يرأسها رجل ذو “مرجعية مسلمة” و يدعمها حزب ذو تاريخ “شيوعي، أطلقت في أيام عنفوانها و نشاطها دعايات إعلانية عبر وسائط الإعلام العامة و الخاصة، دعت الناس خلالها لـ”التبليغ” عن أشخاص “دون مأوى” لدى مصالحها المختصة للتدخل، الوصلة زعمت أيضا أن الدعوة داخلة في حملة خاصة تهدف لتوفير مأوى لمن فقدوه أو لم يقدر لهم ذلك في سابق يوم من الأيام.
قد تكون مبادرة الحكومة “المسلمة” إنسانية و مليئة بالرحمة، لكن المضحك فيها أنها انحصرت من حيث “الاختصاص الزماني” في فصل الشتاء، أي أن المبادرة، و بمفهوم المخالفة الذي فصل فيه علماء الأصول، غير معنية بباقي فصول السنة !
و بلغة أئمة الشرع، فإن الحكومة مرفوع عنها التكليف الشرعي في كل فصول السنة، مع استثناء وحيد هو فصل الشتاء حيث لابد للحكومة في وقت البرد من الانضباط للأحكام الشرعية !
الواقع أن الحكومة التي فقدت رصيدها الزمني لم تتمكن بعد من ضبط قواعد أصول الدين بشكل يسمح لها بحيازة هذا الوصف الدقيق الذي جعلها في مقام “الإسلامية”، ففي السياسة تختلط المفاهيم بشكل يُجبر معه السياسي “الإسلامي” على اقتراف الكذب المحرم شرعا، قبل أن يكتشف، بعد فوات الأوان، درجة الخيال اللاعلمي الذي كان يسبح فيه قبل استلام مفاتيح السلطة، و هذا لحسن الحظ يُعتبر درسا حقيقيا للمغاربة في مساوئ الادثار بالدين لأغراض السياسة و تحقيق وهم يقول :الإسلام هو الحل، و يكشف بالضرورة زيف الشعارات التي تسعى لإلباس الدولة ، كمفهوم علماني، بلباس “اجتهد” في حياكته ” فقيان الفكر السياسي الديني”.
أخشى ما أخشاه على هذه الحكومة أن تفقد قصور الرمال التي كانت تأوي إليها بين الفينة و الأخرى قبل أن تهدمها أمواج البحر الذي آوى إليه المرشد التوحيدي و عشيقته التوحيدية لممارسة ما حرماه على الناس و انفردا به، و تصير بدورها حكومة ” بدون مأوى ” و العاقبة للمتقين .