الحرب المقدسة الفرنسية الدائمة ضـــد لغـــة الضـــاد
جريدة طنجة – *مصطفى البقالي الطاهري ( حرب ضدّ اللّغة العربية)
الأربعاء 28 شتنبر 2016 – 10:25:55
هذا الاستعمار الخبيث حينما يشبع و يصاب بالتخمة بخيرات البلد المستعمر يشرع في التفكير في كيفية الخروج منه و هو الرابح فيجعل من أوليائه رؤوس الحربة و يهيئهم ليصبحوا الحارسين على مصالحه مقابل الحفاظ على مصالحهم و من أهم مصالحه الحفاظ على لغته ، لأن ذلك يؤدي إلى الحفاظ على مصالحه الاقتصادية ، لأن الأمر مرتبط ، و قد كان الجنرال ديـگول يشير إلى ذلك ..
إن هذه الرؤوس لا يكون همها سوى خدمة مصالحها و خدمة مصالح ولي النعمة الذي يجد فيها أدوات لتعميق التغلغل الفرنكفوني في الوطن لغة و ثقافة و اقتصادا تطبيقا لخططه القديمة المتمثلة في ضرب مقومات الأمة و في تمزيق الوحدة الوطنية و في عزله عن أمته خاصة إذا كان البلد جزءا من الوطن العربي الإسلامي ذي العمودين الأساسين و هما الدين و اللغة .. و ضرب هذين الركنين يعبد الطريق إلى الهيمنة و الاستحواذ على مقدرات البلد لأنه يضرب اللغة فإنه بضرب الفكر و الهوية و اللسان و الكينونة ، و يعمل بذلك على إبعاد البلد عن البوصلة التي ترشد الناس و تهديهم إلى الطريق السوي ، و تلك البوصلة هي القرآن و السنة ..
لقد كانت خطة فرنسا لمحاربة الإسلام و لغته خطة عملية واضحة و بدون قناع ، و يكفي في هذا الإطار الرجوع للدورية المؤرخة ب 8 / 5 / 1911 لوليام بونتي ، حاكم عام لفرنسا بإفريقيا الغربية.. و للدورية المؤرخة ب : 16 / 6 / 1921 لليوطي ( المقيم العام بالمغرب ) ، لنجد فيهما سياسة اضطهاد لغة الإسلام و دين محمد العربي ( ص ) ..
إن المرء يستنتج من الدوريات الاستعمارية ، أن سياسة فرنسا كانت تتلخص في أكل ثمار الأمة و في محاربة لغتها و في خلق رؤوس مستلبة دماغها مغسول تستلذ الخنوع للأجنبي و تمجيده .. و لا نذهب بعيدا فقد عمل الاستعمار الفرنسي على القضاء على اللغة الولوفية بالسنغال فقد كانت هذه اللغة تكتب بالحروف العربية ، لكن الاستعمار حاربها و قضى عليها و ثبت لغته و إلى الآن علما إلى جانت الولوفية ، كانت العربية هي السائدة في السنغال ، لكن فرنسا بخططها الخبيثة حولت السنغال إلى مقاطعة لغوية فرنسية متخلفة من التوابع لم تجد فيها فرنسا صعوبة في القضاء على لغتها الوطنية .. لأن الولوفية ليست هي العربية ، لغة القرآن ، لغة محمد ( ص ) ، لغة الطب و الجبر و الهندسة و الفلسفة و الآداب .. الخ .
إن الاستعمار الفرنسي يريد بنا أن نصبح مقاطعة لغوية فرنسية متخلفة تابعة هم أصحابها البطن و أشياء أخرى لا يستفيقون من عقدة الانبهار بالأجنبي و خاصة الفرنسي المستعمر ناهب الشعوب الذي كان يحرض ضد جيش التحرير و يحرض بترسيم اللهجات و الدوارج من أجل خلق ما كان يصبو إليه حينما قسم الشعب إلى قسمين و أعطى لفئة دينها و هو العرف ( أزرف ) و لغتها الخاصة بها لفصلها عن الأمة و لإحداث الانشقاقات ..
إن فرنسا تحارب اللغة العربية و تحرض على ترسيم اللهجات و الدوارج .. و بلدها كله دوارج و لغات شمالا و جنوبا و شرقا و غربا .. و لكنها لأنانيتها و غطرستها لا تؤمن إلا بالفرنسية الوحيدة و للتدليل على ذلك أصدرت قانونا يسمى قانون توبون رقم 94 – 665 بتاريخ 4 / 8 / 1994 إنه قانون لم يرحم أية لغة أو لهجة رغم أن هناك لغات محلية أقدم من اللغة الفرنسية المسماة باللاتينية المزورة لأن جل مصطلحاتها الطبية إغريقي و الباقي لاتيني و هكذا هي اللغة الفرنسية المتبجح بها من طرف فرنكفوني شمال إفريقيا ..
هذه هي فرنسا التي تبكي على حقوق الأمازيغ في الوطن العربي ، و في بلدها أمازيغ في كل الاتجاهات الأربع و لا حق لهم ، و رغم ذلك لا وجود لاحتجاجات و لا لمظاهرات تطالب بتدريس تلك اللهجات و اللغات في المدارس الفرنسية و بتدريس ( اللارﮔو ) في الأقسام الأولى في المرحلة الابتدائية كل هذا لا يحصل إنما الذي يحصل هو الحرب ضد اللغة العربية على مستوى التعليم و الإدارة و الشوارع و المحيط .. لأن هناك أملا أحمق في أن يصبح هؤلاء الفرنكفونيون المخدوعون جزءا من الغرب المنافق عوض جزء من الأمة العربية الإسلامية ..
إننا إذا دققنا فيما يحصل للغتنا الضحية في شمال إفريقيا نجد أن الحزب السري الفرنكفوني يطبق خطة الاستعمار الفرنسي و يكفي الاطلاع على ما تفعله وزيرة التربية الوطنية السيدة : نورية ابن عربيط رمعون ، فهي تلخص برنامجها الإصلاحي في ترسيم الدارجة و تعليمها و إبقاء هيمنة اللغة الفرنسية .. و إذا تساءلنا لماذا ؟ يكون الجواب هو أنها تحمل صفة فرنكفونية ، درست في فرنسا و لا تعرف الحديث بلغة الوطن ، لذلك هي تطالب بالتدريس بالدارجة و لكنها لا تطالب فرنسا بترسيم الدوارج المختلفة و تعليمها للشعب الفرنسي ، لأنها تعلم أن فرنسا حريصة على لغتها ” المقدسة ” ..
إن الحزب السري الفرنكفوني بقيادة بوتفليقة جمد كل مكتسبات لغة الضاد بالجزائر منها قانون تعميم اللغة العربية لسنة 1990 .. و الآن يطلق على الآمة وزيرته الجاهلة للغتها لترسيخ الاستعمار اللغوي في الجزائر ..
مقابل هذه الوزيرة الجزائرية ، لدينا وزير يشبهها يعترف أنه لا يعرف لغته الوطنية الدستورية و يفتخر بهذا المنكر العالمي لأنه لا يوجد في العالم وزير للتربية الوطنية لا يفقه لغته ، و زيادة في التحدي يفتخر بلغة الأسياد الاستعمارية المسماة اللاتينية المزورة و التي تنتظر حتفها لأنها منطوية على الخبث الاستعماري .. هذا الوزير كان عليه أولا أن يزور دولة فينلندا ذات النظام التعليمي النموذجي دون زيارة لدول أخرى ، ليتأكد أن هذا البلد يستعمل لغته في كل مجالات الحياة و لا يقول إن لغته لا تساير التطور مثلما نقول نحن ..
و الحقيقة أن هذه مقولة استعمارية لقح بها الحزب الفرنكفوني السري الموالي لفرنسا و الذي يعمل على أن يكون واقعنا مفرنسا تعليما و إدارة و شوارعا و محيطا ، و كأن أعضاء هذا الحزب شربوا أقراص الهلوسة و لم يعد يشعرون إلى أين هم ذاهبون في خضم الحرب المقدسة الفرنسية الدائمة ضد لغة القرآن و لغة البلد …
* الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية – –فــرع طنجــــة